موضوع النقاش : من الدرس العروضي الحديث ... نظريتان جديدتان لعالمين معاصرين قيّم
التقييم : ( من قبل 1 أعضاء )
سليمان
28 - ديسمبر - 2007
هل كانت صدفة أن يخرج علينا عالمان عربيان جليلان بنظريتين في العروض العربي في عامواحد؟ إحدى النظريتين كانت للدكتور أحمد مستجير، رحمه الله ، في كتابه الموسوم بـ " في بحور الشعر ، الأدلة الرقمية لبحور الشعر العربي" الصادر عن دار غريب للطباعةبالقاهرة عام 1980 م وكان وقتها أستاذا في كلية الزراعة بجامعة القاهرة . والأخرىللدكتور زكي عبد الملك، وهو إذ ذاك أستاذ للغة في جامعة Utah بالولايات المتحدة، فيكتابه الذي نشر بأعداد مجلة اللسان العربي ابتداء منذ عام 1980م وحتى عام 1996 مبعنوان :
Towards a New Theory of Arabic Prosody
هاتان النظريتان تلتقيان فيالفكرة التي انطلقا منها ثم تفترقان بعد ذلك في وجوه من التحليل متباينة. وسأحاول ،فيما يلي ، عرض هاتين النظريتين والمقارنة بينهما ، وصلتهما بنظرية الجوهري صاحب الصحاح في كتابه عروض الورقة . إن الفكرة التي انطلق منها د. مستجير ( ولا يعنيهذا أنه الأسبق ) تتمثل في افتراضه أن بحور الشعر مستخلصة أساساً من عدد من الأسبابالخفيفة ، يبلغ اثني عشر سبباً يمكن تقسيمها إلى ثلاث تفعيلات رباعية على وزن) مفعولاتن )، أو إلى أربع تفعيلات ثلاثية على وزن (مفعولن). ومن ثم وضع لنا الشكلالأساسي القاعدي للشطر ذي التفعيلات الرباعية على النحو التالي : مفعولاتنمفعولاتن مفعولاتن وللشطر ذي التفعيلات الثلاثية الأربع الشكل : مفعولنمفعولن مفعولن مفعولن
وعلى نحو من ذلك يبني د. عبد الملك مستوى نظريا من هاتينالتفعيلتين اللتين يسميهما ( فاعولاتن ) و ( فاعولن ) ، ويرمز للأولى بالرمز( أ )وللثانية بالرمز ( ب ) . ثم يضع قاعدتين لهذا المستوى النظري هما : 1- إن الشطريتألف من تفعيلتين أو ثلاث أو أربع تفعيلات. 2- يتميز كل شطر بالتكرار النمطيللتفعيلة (أ ) أو ( ب ) أو لكليهما. ويأخذ هذا التكرار الأنماط الأربعة التاليةللوزن ، وهي : أ- التكرار المحض: Mere repetition (أ أ أ أ ) ـ ( أ أ أ ) ـ) ب ب ب ) ـ ( ب ب) - فاعولن فاعولن فاعولن فاعولن - فاعولن فاعولنفاعولن - فاعولاتن فاعولاتن فاعولاتن - فاعولاتن فاعولاتن ب- التكرارالمنقطع): Interrupted repetitionب أ ب) - فاعولاتن فاعولن فاعولاتن ت- التكرار الملحق ):Supplemented repetition ب ب أ ) - فاعولاتن فاعولاتنفاعولن ث- التبادل ) : Alternationأ ب أ ب ) ـ ( ب أ ب أ ) - فاعولنفاعولاتن فاعولن فاعولاتن - فاعولاتن فاعولن فاعولاتن فاعولن ويرى الدكتورعبد الملك أن الأنماط الثلاثة الأولى تفتقر إلى الأوزان التالية : (أ أ ) ، ( بب ب ب ) ، ( أ ب أ ) ، ( أ أ ب )
كما يلاحظ أن ثلاثة من تلك الأوزان المفقودة هيمن طائفة الأوزان التي تدخل في بنائها التفعيلة ( أ ) بأكثر مما تدخل التفعيلة ( ب ( ؛ مما يدل على أن الشعر العربي يفضل تلك الأوزان التي يغلب على بنائها التفعيلة ) ب ). وأما غياب النسق ( ب ب ب ب ) عن الاستعمال فيرجع، كما يقول، إلى فرط طوله، " ذلك أن النسق الرباعي التفاعيل يمثل الحد الأقصى للطول، فما بالك إذا كان هذا النسقمؤلفا من التفعيلة ( ب ) وهي أكبر التفاعيل" ! ومن ناحية أخرى يلاحظ د. عبدالملك أن التكرار المحض يتطلب وجود تفعيلتين كحد أدنى ، بينما يتطلب التبادل أربعتفعيلات ، في حين تبلغ متطلبات كل من النوعين الآخرين ثلاث تفعيلات على الأقل .
تم وضع الأساس النظري عند كل من مستجير وعبد الملك ، كما سبق إيضاحه ، وبقي لإتمامعملية توليد البحور generation الانتقال إلى مستوى أخر يطلق عليه د. عبد الملكمستوى البحور القياسية standard meters . وتتم عملية توليد البحور عند مستجير منخلال ثلاث عمليات بسيطة يجريها على نموذجيه من التفاعيل الرباعية والثلاثية ، وهماعمليات الحذف والتحريك والمزج . أما الحذف هنا فهو حذف ساكن مقطع معين منالتفعيلة الرباعية أو الثلاثية ( يطلق عليه اسم السبب المميز ) فتنتج له من نموذجشطر التفاعيل الرباعية البحور القياسية التالية: 1- الهزج : مفاعيلن مفاعيلنمفاعيلن 2- الرمل : فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن 3- الرجز : مستفعلن مستفعلنمستفعلن 4-الدوبيت : مفعولاتُ مفعولاتُ مفعولات ومن شطر التفاعيل الثلاثية،هذه البحور الثلاثة : 5- المتقارب : فعولن فعولن فعولن فعولن 6- المتدارك : فاعلن فاعلن فاعلن فاعلن 7- شوقي : مفعولُ مفعولُ مفعولُ مفعول ويلاحظ أنالدوبيت وشوقي ليسا بحرين قياسيين من بحور الخليل.
وأما عملية التحريك فتجري علىبحرين قياسيين هما الهزج والرجز، فإذا حرك ساكن المقطع الثالث من الهزج نتج بحرالوافر: 8- مفاعلتن مفاعلتن مفاعلتن وإذا جرى تحريك ساكن المقطع الأول منالرجز نتج بحر الكامل : 9- متفاعلن متفاعلن متفاعلن وأما عمليات المزج التيينتج عنها ما أسماه بالبحور المختلطة، تمييزا لها عن البحور الصافية التي تنتج منخلال عمليتي الحذف
والتحريك ، فتجري على البحور القياسية الأربعة الأولى ، وهيالهزج والرمل والرجز والدوبيت بناء على القاعدة التالية : "لا يجوز عند استخلاصالبحور المختلطة أن يتلو التفعيلة في أي بحر ( مولّد ) إلا التفعيلة السابقة أواللاحقة لها في الترتيب .
وقد تم له من خلال هذه العملية إنتاج عدد كبير من البحورالقياسية معظمها مما عده الخليل مهملا . فبحر المطرد ينشأ بإحلال تفعيلة الرملالأولى محل نظيرتها من بحر الهزج، وبحر المجتث بإحلال تفعيلة الرجز الأولى محلنظيرتها
من بحر الرمل، وبحر المتضب التام بإحلال تفعيلة الدوبيت الأولى محل نظيرتهامن بحر الرجز، وذلك على النحو التالي: 10- المطرد : فاعلاتن مفاعيلنمفاعيلن 11- المجتث : مستفعلن فاعلاتن فاعلاتن 12- المقتضب: مفعولات مستفعلنمستفعلن هذا بالنسبة للتفعيلة الأولى ، وأما الثانية، حين تحل محل نظيرتها منالبحر السابق لها، تنتج عنها البحور التالية : 13- المضارع : مفاعيلن فاعلاتنمفاعيلن 14-الخفيف : فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن 15- المنسرح : مستفعلن مفعولاتمستفعلن
أما بالنسبة للتفعيلة الثالثة، حين تحل محل نظيرتها من البحر السابقعليها، فتتولد البحور القياسية التالية: 16-المنسرد : مفاعيلن مفاعيلنفاعلاتن 17- المتئد : فاعلاتن فاعلاتن مستفعلن 18-السريع : مستفعلن مستفعلنمفعولات ثم ينتقل الدكتور مستجير في عملية توليد البحور إلى اتجاه معاكس ؛فبالنسبة للتفعيلة الأولى، حين تحل محل نظيرتها من البحر التالي،
تنتج البحورالتالية : 19- بحر غير معروف : مفاعيلن فاعلاتن فاعلاتن 20- بحر غير معروف : فاعلاتن مستفعلن مستفعلن 21- بحر غير معروف : مستفعلن مفعولات مفعولات وقدرأى لهذا البحر الأخير شاهدا من موشح التطيلي ، وأوله : أنت اقتراحي ... لا قربالله اللواحي من شاء أن يقول فإني لست أسمع خضعت في هواك وما كنتلأخضع
إلا أن الدكتور أحمد كشك، في كتابه " محاولات للتجديد في إيقاع الشعر،اعترض على هذا الرأي، لكننا سنؤجل النقد لحين الانتهاء من
عرض آراءالباحثين. ويستمر د. مستجير في عملية توليد البحور على هذا النهج فيحل التفعيلةالثانية محل نظيرتها من البحر التالي، وتنتج له البحور الثلاثة
التالية، وهي غيرمعروفة كلها : 22- فاعلاتن مفاعيلن فاعلاتن 23- مستفعلن فاعلاتنمستفعلن 24- مفعولات مستفعلن مفعولات وقد رأى أن البحر (23 ) يمكن بشيء منالتحوير أن يوافق وزن بحر " الكان وكان "، أما البحر (24 ) فيقترح اعتباره بحرالسلسلة
(شقيق الدوبيت). فأما إذا حلت التفعيلة الثالثة محل نظيرتها من البحرالتالي ، تولدت البحور الثلاثة التالية : 25- مجزوء المديد : فاعلاتن فاعلاتنمفاعيلن ( مع حذف المقطع الأخير، وهو كما يرى تحوير جائز)
26- بحر السريع : مستفعلن مستفعلن فاعلاتن ( وهو غير بحر السريع الخليلي، فهذا هو الأصح ) ! 27- مفعولات مفعولات مستفعلن ( وهو بحر غير معروف الآن، كما يقول،لكنه يحدد لنا دليلهالرقمي 4 – 8 – 11 فلعله يكون كدليل مندلييف
في الجدول الدوري للعناصر) والأرقام في هذا الدليل تدل على ترتيب السبب المميز في نسق البيت. أما عنإمكانية المزج بين البحور ذوات التفعيلة الثلاثية ؛ فيرى أن " العدد المعروف الناتجعنها محدود للغاية، لا يتجاوز ثلاثة بحور، لها
جميعا أربعة عشر حرفا متحركا، أيأنها جميعا تحتاج لأن يذيل ناتج المزج بسببين " . أما هذه البحور الثلاثة التيتتولد من خلال المزج فهي : 28- الطويل : فعولن فعولن فاعلن فاعلن ( مفعو) و )مفعو ) هذه زيادة من عنده ليستقيم له عدد مقاطع البحر، كما هو الحال في البحرينالتاليين ، وهما مهملان. 29- الممتد : فاعلن فاعلن مفعول مفعول ( مفعو) 30-المستطيل : فعولن فاعلن فاعلن مفعول ( مفعو)
هذه إذن بحور مستجير التي ولدها منخلال القواعد الثلاثة التي ذكرناها ، وهي الحذف والتحريك والمزج. ولم يذكر البسيطمن بين هذه
البحور الثلاثين، وإنما اعتبره شكلا من "بحر المجتث ولا يحتاج إلى إفراداسم له " . فشطر البسيط التام عنده هو : مستفعلن فاعلاتن فاعلاتن ( مس ( وهوتقطيع المجتث مذيلا بسبب. وأما تقطيع شطر مجزوء البسيط فهو : مستفعلن فاعلاتنفاعلا أي بحذف ( تن) من آخره .