مجلس : السينما و المسرح و التلفزيون

 موضوع النقاش : هل الموسيقى حرام فعلا؟    قيّم
التقييم :
( من قبل 3 أعضاء )
 علاء 
6 - ديسمبر - 2007
ما حكم الموسيقى في الإسلام هل هي حلال أم حرام؟

هل صحيح أن الموسيقى حرام؟وهل هذه الأحاديث صحيحة ؟
السؤال :
هل الموسيقى فعلاَ حرام قول لا شك فيه ؟
لماذا تبدو آلاتنا الموسيقية بسيطة كمنتجاتنا التراثية اليدوية التي لا ترى فيها الإبداع والجمال بقدر ما ترى أنها كانت محاولة للبقاء على قيد الحياة؟ من سرق منا الجمال؟ من قتل فينا الإحساس به؟
يرى الفقيه الفيلسوف أبو محمد بن حزم أن استماع الموسيقى مباح مثل التَّنَزُّه في البساتين ولبس الثياب الملونة.
أما الأحاديث التي وردت في النهي عنها فيقول ابن حزم : لا يصح في هذا الباب شيء أبداً وكل ما فيه فموضوع ومنقطع.
و احتج ابن بحديث عائشة أن جاريتين كانتا تغنيان فدخل أبو بكر فنهرهما وقال : أبمزمور الشيطان في بيت رسول الله فقال الرسول :" دعهما يا أبا بكر فإنها أيام عيد". و من المعلوم أن العيد لا يحل الحرام.وقد رد بعضهم الاستدلال بهذا الحديث بأن هذا غناء بلا آلات. وهذا خطأ لقوله : أبمزمور الشيطان , إذن هي مزامير. ولو قبلنا أن المقصود هنا هو الدف لتوجب أن تحمل النصوص التي يحتج بها المحرمون على نفس المحمل.

واستدل ابن حزم بأثر صحيح الإسناد عن عبد الله بن عمر و عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما أنهما استمعا للعود.
واحتج أيضاً بحديث أن ابن عمر سمع مزمارا فوضع إصبعه في أذنيه و نأى عن الطريق , وقال: يا نافع هل تسمع شيئاً ؟ قال: لا , فرفع إصبعيه وقال: كنت مع الرسول عليه السلام فصنع مثل هذا. قال ابن حزم: فلو كان حراماً ما أباح رسول الله لابن عمر سماعه ولا أباح ابن عمر لنافع سماعه.

غير أني هنا أختلف مع ابن حزم في تصحيح هذا الحديث والصحيح أنه موقوف على ابن عمر.
وأجاب ابن حزم عن الاحتجاج بالآية : ( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله) قال ابن حزم:هذا ليس عن رسول الله ولا ثبت عن أحد من أصحابه و إنما هو من قول بعض المفسرين ممن لا تقوم بقوله حجة, ثم لو صح لما كان فيه متعلق لأن الله تعالى يقول : ( ليضل عن سبيل الله ) و كل شيء يقتنى ليضل به عن سبيل الله فهو إثم وحرام ولو كان شراء مصحف أو تحفيظ قرآن .

وضعف ابن حزم كل أحاديث التحريم , فحديث عائشة مرفوعاً : إن الله حرّم المغنية و بيعها وثمنها و تعليمها والاستماع إليها. ضعيف في سنده سعيد بن أبي رزين وهو مجهول قاله الذهبي وابن حجر. وأما حديث عليّ : إذا عملت أمتي 15 خصلة حل بها البلاء , ذكر منها :واتخذت القينات والمعازف , ففي سنده مجاهيل و فرج بن فضالة وهو ضعيف. أما حديث معاوية :أن الرسول( ص) نهى عن تسع منهن الغناء والنوح , ففيه محمد بن مهاجر وهو ضعيف. وأما حديث أبي أمامة مرفوعاً بتحريم تعليم المغنيات وشرائهن و بيعهن بأن فيه إسماعيل بن عياش وهو ضعيف يخلط. وأما حديث أنس : من جلس إلى قينة صب في أذنه الآنك , فإسناده فيه مجاهيل و روي مرسلاً. وأما حديث النهي عن صوتين ملعونين: صوت نائحة وصوت مغنية, ففيه جابر الجعفي وهو ضعيف. وأما حديث ابن مسعود: الغناء ينبت النفاق في القلب ففيه شيخ لم يسم ولا يعرف. والصحيح أنه موقوف و ابن مسعود رضي الله عنه كان يحرم حتى الدف الذي يتفق معنا مخالفونا على إباحته ويأمر بشقه. و الحق أن ابن مسعود أقرب للاتساق إذ لا فرق بين الدف وغيره من الآلات الموسيقية. ثم ما هي الآلات التي كانت موجودة في عصر النبوة ؟ فالعود لم يعرف فيها إلا بعد عصر الفتوحات الإسلامية.

و يستمر ابن حزم في تضعيفه لهذه الأدلة فيرد الحديث الذي رواه البخاري معلقاً غير مسند : ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر و الحرير والخمر والمعازف. فهذا اللفظ صريح لكنه معلق أما الروايات المسندة من غير طريق البخاري ففيها : " تغدو عليهم القيان و تروح عليهم المعازف". والذي أعتقده أن ابن حزم أخطأ في تضعيف هذا الحديث , غيرأنه ليس من قبيل السنة التشريعية , فهو وصف لحال أناس يكونون في آخر الزمان ممن يستحق الخسف به في باطن الأرض.
أصحيح ما يقال إنه لم يبح الموسيقى من العلماء إلا ابن حزم ؟
يقول الأوزاعي: ندع من قول أهل الحجاز : استماع الملاهي والجمع بين الصلاتين من غير عذر.( السير 7-131)

من هم علماء الحجاز الذين تحدث عنهم هذا الرجل الذي مات سنة 157 للهجرة؟ إنهم فقهاء مكة عطاء بن أبي رباح وعكرمة وابن جريج وفقهاء المدينة السبعة الذين كانوا هم فقهاء السنة قبل نشوء المذاهب الأربعة.بل قال القفاّل أن مذهب الإمام مالك نفسه إباحة الغناء بالمعازف كما في كتاب "إبطال دعوى الإجماع على تحريم السماع" للشوكاني.وقال ابن طاهر في إباحة العود : هو إجماع أهل المدينة.
وقال الإمام الشافعي في الأم ( 6 – 209 ): ليس بمحرم بيّن التحريم.
وقال أبو حنيفة : من سرق مزماراً أو عوداً قطعت يده ومن كسرهما ضمنهما.
ونقل الماوردي في الحاوي ( 2 – 545) أن أبا حنيفة ومالك و الشافعي لم يحرموه.
وأباحه الأئمة الغزالي وابن دقيق العيد و سلطان العلماء العز بن عبد السلام والشوكاني.
أما ما جاء عن بعض الأوائل أن الغناء لا يفعله إلا السفهاء فليس المقصود به الكاسيت والسي دي فإنهما لم يكونا موجودين ذلك الوقت. وإنما المقصود هو مجالس الطرب وما كان يخالطها من فسق . قال البغوي في شرح السنة
( 4 –322): الغناء بذكر الفواحش والابتهار بالحرام و المجاهرة بالمنكر من القول فهو المحظور من الغناء.
هذا هو موقف الفقهاء والأئمة المعتبرين. فهل سنزايد عليهم في التدين والتقيد بالشرع ؟ و هل سيظل موقفنا من الموسيقى الجميلة موقف الرفض والتنقص والاحتقار؟

 1  2 

*عرض كافة التعليقات
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
حكم الموسيقى    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
شكرا ع هذا الموضوع وعلى ما احتواه من جرأة الطرح فرأي ابن حزم من الموسيقى من الاراء التي اثير حوله الجدل والكاتب وضح الرأي بجوانبه المختلفة ولم يفرض على القاريء تبني وجهة نظر محددة لانه افتتح مقاله بعنوان هل الموسيقى حرام ام حلال فهذه دعوة للتفكير في بعض الاحاديث وهذه دعوة للفقهاء والمفتين بأن لا يقفوا امام السطور  فحسب بل يقرؤوا ما وراء السطر ...........................
*ك
7 - ديسمبر - 2007
شكر    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
السلام عليكم ورحمة الله
شكرا على مروركما الكريم، ومرحبا بكما في منتدى الوراق أتمنى أن تساهما في تنشيط المنتدى، فلا تبخلا علينا.
وعيدكم مبارك سعيد إن شاء الله، والسلام.
*علاء
14 - ديسمبر - 2007
شكرا جزيلا    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
شكرا على الترحيب  وكل عام وأنتم بخير ولن نبخل بأي مساهمة ان شاء الله
*ك
16 - ديسمبر - 2007
أحاديث الآحاد    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
( جارية حسناء تُزَفُّ إلى عِنّين أعمى )
                         
                      وا أسفاه..........................
 
لقد قسم المحققون أخبار الآحاد إلى ثلاثة أقسام :
  القسم الأول –
الحديث المشهور : و هو الحديث الذي يرويه ثلاثة فأكثر في كل طبقة و لم يبلغ في كثرة الأسانيد ماينزل به منزلة التواتر.
        و هذه شهرة اصطلاحية. و أمثال هذا النوع كثيرة ، منها حديث قنوت النبي  صلى الله عليه وسلم  في الصلاة يدعو على رعل و ذكوان  , فهذا رواه عن النبي   صلى الله عليه وسلم - جماعة من الصحابة ، أصح طرقه عن أنس بن مالك و عبد الله بن عباس و خفاف بن إيحاء الغفاري و رواه عن أنس جمع من أصحابه منهم قتادة و أبو مجلز لاحق بن حميد و إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة و عاصم الأحول و عن قتادة رواه عدد من الرواة و عن كل راو رواه ما شاء الله و لم يقل نقَلته في كل طبقة عن عدد الشهرة .
قال الحاكم : " و أمثال هذا الحديث ألوف من الأحاديث التي لا يقف على شهرتها غير أهل الحديث و المجتهدين في جمعه و معرفته " .
  القسم الثاني –
أحاديث العزيز
:
و العزيز : هو الحديث الذي لا يقل رواته عن اثنين في جميع طبقات الإسناد و لا يبلغ الشهرة .
        و لكون هذا الوصف نادر الوجود في الأحاديث أطلق عليه لقب العزيز , و مثاله قول النبي - صلى الله عليه وسلم - :
" لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده و ولده و الناس أجمعين " ( سنن ابن ماجه، رقم67. قال عنه الألباني : حديث صحيح).
  أما القسم الثالث من أحاديث الآحاد فقد أطلق عليه أهل العلم الحديث الغريب : و هو الحديث الذي ينفرد بروايته راوٍ واحد , و قد يعبرون عنه بالفرد و قد يفرقون بين الفرد و الغريب في كثرة الاستعمال فيجعلون الفرد ما كانت الغرابة في أصل سنده و هو طرفه الذي فيه الصحابي بأن لم يروِه عن أبي هريرة إلا سعيد بن المسيب  , و يعنون بالغريب ما سوى ذلك من أنواع التفرد و مثال الفرد : حديث  "إنما الأعمال بالنيات " فلم يروه عن رسول الله - صلى الله عليه و سلم - إلا عمر بن الخطاب  رضي الله عنه   (رواه أبو داود في سننه برقم2201، وابن ماجه برقم4227، وقال عنه الألباني ، رحمه الله، : حديث صحيح).  
        و مثال النوع الثاني من أحاديث الغريب حديث
علي بن أبي طالب عن أبي بكر مرفوعاً : " ما من رجل يذنب ذنباً ، فيتوضأ ثم يصل ركعتين فيستغفر إلا غفر لـه " .(رواه الترمذي برقم406، وابن ماجه برقم1395 ، وقال عنه الألباني : حديث حسن
)
ثم إن الغالب على الغرائب أن تكون ضعيفة ، و هذا ما أدى بالسلف إلى كراهة رواية كثير من الغريب ، مع العلم أن في الغريب ما هو حسن و صحيح كالأفراد التي في الصحيحين و غيرهما .
ومعلوم عند أهل العلم  أن معظم أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - التي وردت في كتب السنن  أحاديث آحاد مروية عن نفر قليل من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والصحيح أنه لا يشترط في قبول رواية الحديث عدد معين حتى يُعتَد بهذا الحديث و تستنبط منه الأحكام.
 و قد عرف أهل العلم حديث الآحاد بأنه : " الخبر الذي لم يجمع شروط المتواتر".
 والمحققون من أهل الحديث يقررون أنه" لا يشترط في قبول الرواية العدد ، بل يكفي في أداء الحديث و قبوله واحد ، سواء أكان رجلاً أم امرأة إذا كان عدلاً ضابطاً مع اتصال السند و عدم الشذوذ و العلة القادحة ؛ لاكتفاء النبي - صلى الله عليه وسلم - في البلاغ بإرسال واحد كمعاذ بن جبل  إلى اليمن و دحية الكلبي إلى هرقل، و نحو ذلك
 **إن بعض الناس يقولون إن أحاديث الآحاد لا يؤخذ بها في العقيدة ؟
 ويكفي  في رد هذا الكلام حديثٌ واحدٌ هو حديث أن النبى صلى الله عليه وسلم أرسل معاذ بن جبل رضي الله عنه إلى اليمن وقال له : " إنك تأتي أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة الا إله إلاَّ الله و أني رسول الله " هل  هذه عقيدة أم لا ؟  لقد  .قامت الحجة على أهل اليمن بكلام معاذ ... إذا قلت لم تقم، فإنك إذن تتهم الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه أرسل إلى القوم من لا تقوم به الحجة ! و يتنزه صلى الله عليه وسلم من ذلك. .وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل بعد معاذ أبا موسى الأشعري إلى اليمن. و الاثنان داخلان في خبر الآحاد و قامت بهما الحجة .و قد نقل ابن حزم الإجماع على أنه لو أرسل إمام المسلمين رسولاً إلى بلاد الكفر يدعوهم للإسلام فإن قبلوا و أسلموا فقد قامت الحجة ببلاغ هذا الرسول ،و إن لم يقبلوا حلت دماؤهم و أموالهم. و الأصل في الدماء و الأموال العصمة فكيف تحل بخبر واحد ؟  من أنكر حديثاً من أحاديث الآحاد‏، قامت شبهة في نفسه حول ثبوته ونسبته إلي النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ لا يخرج بذلك من الدين؛ لأن الذي يخرج منه إنكار ما كان منه بيقين لا ريب فيه‏، ولا خلاف معه؛‏ أي القطعي الذي يسميه العلماء‏" المعلوم من الدين بالضرورة‏"..‏ إنما يخرج من الدين حقاً من اتخذ من الغبار المثار حول الحديث وسيلة للطعن في الدين والاستهزاء به‏، فإن هذا كفر صريح‏.
إذن ،فجوابنا على من يرى أن أحاديث الآحاد لا تثبت بها العقيدة لأنها تفيد الظن، والظن لا تبني عليه العقيدة أن نقول : هذا رأي غير صواب لأنه مبني على غير صواب وذلك من عدة وجوه :
1. القول بأن حديث الآحاد لا يفيد إلا الظن ليس على إطلاقه، بل في أخبار الآحاد ما يفيد اليقين إذا دلت القرائن على صدقه، كما إذا تلقته الأمة بالقبول، من مثل حديث " إنما الأعمال بالنيات " فإنه خبر آحاد ومع ذلك فإننا نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قاله وهذا ما حققه الحافظ ابن حجر وغيره .
2. أن النبي صلى الله عليه وسلم يرسل الآحا د بأصول العقيدة شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإرساله حجة ملزمة، كما بعث معاذاً إلى اليمن واعتبر بعثه حجة ملزمة لأهل اليمن بقبوله .
3. إذا قلنا إن العقيدة لا تثبت بأخبار الآحاد أمكن أن يقال : والأحكام العملية لا تثبت بأخبار الآحاد، لأن الأحكام العملية يصحبها عقيدة أن الله تعالى أمر بهذا أو نهى عن هذا، وإذا قبل هذا القول تعطل كثير من أحكام الشريعة، وإذا رد هذا القول فليرد القول بأن العقيدة لا تثبت بخبر الآحاد إذ لا فرق كما بيّنّا .
4. أن الله تعالى أمر بالرجوع إلى قول أهل العلم لمن كان جاهلاً فيما هو من أعظم مسائل العقيدة وهي الرسالة فقال تعالى :
" وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر أن كنتم لا تعلمون . بالبينات والزبر " . وهذا يشمل سؤال الواحد والمتعدد .
والحاصل أن خبر الآحاد إذا دلت القرائن على صدقه أفاد العلم ،وثبتت به الأحكام العملية والعلمية، ولا دليل على التفريق بينهما، ومن نسب إلى أحد من الأئمة التفريق بينهما، فعليه إثبات ذلك بالسند الصحيح عنه، ثم بيان دليله المستند إليه.
*** استمع إلى موسيقا بتهوفن ، وباخ ، ودافيلدي ، وموزار، وسيّد مكاوي ، ولا...
     ثم سَلْ نفسَك : هل أقرأ كتابي المقدّس كل يوم ؟ هل أصلّي ؟ هل أصوم    وَفقَ تعليمات ديني؟ هل أدفع العشور، أو الزكاة؟ أم أنني مع الخُشُب المسنّدة ؟أخدم فكري، وأرفع عقيرتي على مَن لا يشاركني رأيي..." وقفوهم إنهم مسؤولون".
اللهم ارحم جعفر الصادق ، وابن حنبل......آمين.قال تعالى : " فاتقوا الله ويعلمكم الله".
 
 

 
*د يحيى
22 - ديسمبر - 2007
العقول الفاسدة...أو العقول المعاصرة...    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
   ذكر ابن حزم رحمه الله مسألة اللهو والغناء والمزامير في كتاب البيوع ( مَسْأَلَة بَيْع آلات اللَّهْو): ونص كلامه رحمه الله بطوله:
مَسْأَلَة بَيْع آلات اللَّهْو:
1566 - مَسْأَلَةٌ: وَبَيْعُ الشِّطْرَنْجِ، وَالْمَزَامِيرِ، وَالْعِيدَانِ، وَالْمَعَازِفِ، وَالطَّنَابِيرِ: حَلالٌ كُلُّهُ، وَمَنْ كَسَرَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ضَمِنَهُ، إلا أَنْ يَكُونَ صُورَةً مُصَوَّرَةً فَلا ضَمَانَ عَلَى كَاسِرِهَا؛ لِمَا ذَكَرْنَا قَبْلُ؛ لأَنَّهَا مَالٌ مِنْ مَالِ مَالِكِهَا - وَكَذَلِكَ بَيْعُ الْمُغَنِّيَاتِ وَابْتِيَاعُهُنَّ.
قَالَ تَعَالَى : { خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا } (1)، وَقَالَ تَعَالَى : { وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ } (2)، وَقَالَ تَعَالَى : { وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ } (3)، وَلَمْ يَأْتِ نَصٌّ بِتَحْرِيمِ بَيْعِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَرَأَى أَبُو حَنِيفَةَ الضَّمَانَ عَلَى مَنْ كَسَرَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ.
وَاحْتَجَّ الْمَانِعُونَ بِآثَارٍ لا تَصِحُّ، أَوْ يَصِحُّ بَعْضُهَا، وَلا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهَا، وَهِيَ :  مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد الطَّيَالِسِيِّ أَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلامٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الأَزْرَقِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " كُلُّ شَيْءٍ يَلْهُو بِهِ الرَّجُلُ فَبَاطِلٌ، إلا رَمْيَ الرَّجُلِ بِقَوْسِهِ، أَوْ تَأْدِيبَهُ فَرَسَهُ، أَوْ مُلاعَبَتَهُ امْرَأَتَهُ، فَإِنَّهُنَّ مِنْ الْحَقِّ " (4).
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ الأَزْرَقِ مَجْهُولٌ.
__________
(1) - سورة البقرة آية : 29.
(2) - سورة البقرة آية : 275.
(3) - سورة الأنعام آية : 119.
(4) - النسائي : الخيل (3578) ، أبو داود : الجهاد (2513) ، أحمد (4/144) ، الدارمي : الْجِهَادِ (2405).
*************************************************************************************************************
 
   وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ جَابِرٍ أَنَا أَبُو سَلامٍ الدِّمَشْقِيُّ عَنْ خَالِدِ بْنِ زَيْدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ لِي عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " لَيْسَ لَهْوُ الْمُؤْمِنِ إلا ثَلاثٌ " ثُمَّ ذَكَرَهُ - خَالِدُ بْنُ زَيْدٍ مَجْهُولٌ.
وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا سَعِيدٌ أَنَا ابْنُ حَفْصٍ أَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحِيمِ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ رَأَيْت جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، وَجَابِرَ بْنَ عُبَيْدٍ الأَنْصَارِيَّيْنِ يَرْمِيَانِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلآخَرِ " أَمَا سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: " كُلُّ شَيْءٍ لَيْسَ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ فَهُوَ لَعِبٌ، لا يَكُونُ أَرْبَعَةً: مُلاعَبَةُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ، وَتَأْدِيبُ الرَّجُلِ فَرَسَهُ، وَمَشْيُ الرَّجُلِ بَيْنَ الْغَرَضَيْنِ، وَتَعْلِيمُ الرَّجُلِ السِّبَاحَةَ ".
    هَذَا حَدِيثٌ مَغْشُوشٌ مُدَلَّسٌ دُلْسَةَ سُوءٍ؛ لأَنَّ الزُّهْرِيَّ الْمَذْكُورَ فِيهِ لَيْسَ هُوَ ابْنَ شِهَابٍ، لَكِنَّهُ رَجُلٌ زُهْرِيٌّ مَجْهُولٌ اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحِيمِ :  رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبٍ الْحَرَّانِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ الْحَرَّانِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ - هُوَ خَالِدُ بْنُ أَبِي يَزِيدَ - وَهُوَ خَالُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ - عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَطَاءٍ: رَأَيْت جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، وَجَابِرَ بْنَ عُبَيْدٍ الأَنْصَارِيَّيْنِ يَرْمِيَانِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلآخَرِ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: " كُلُّ شَيْءٍ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ  تَعَالَى  فَهُوَ لَهْوٌ وَلَعِبٌ، إلا أَرْبَعَةً: مُلاعَبَةُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ، وَتَأْدِيبُ الرَّجُلِ فَرَسَهُ، وَمَشْيُهُ بَيْنَ الْغَرَضَيْنِ، وَتَعْلِيمُ الرَّجُلِ السِّبَاحَةَ " فَسَقَطَ هَذَا الْخَبَرُ.
   وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا: مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيم أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ أَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحِيمِ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ بُخْتٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ رَأَيْت جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، وَجَابِرَ بْنَ عُبَيْدٍ، فَذَكَرَهُ، وَفِيهِ " كُلُّ شَيْءٍ لَيْسَ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ فَهُوَ لَغْوٌ وَسَهْوٌ " عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ بُخْتٍ غَيْرُ مَشْهُورٍ بِالْعَدَالَةِ، ثُمَّ لَيْسَ فِيهِ إلا أَنَّهُ سَهْوٌ وَلَغْوٌ وَلَيْسَ فِيهِ تَحْرِيمٌ.
وَرُوِيَ مِنْ طَرِيقِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدٍ الدُّورِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ الْعَبْدِيِّ أَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي رَزِينٍ عَنْ أَخِيهِ عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْمُغَنِّيَةَ وَبَيْعَهَا وَثَمَنَهَا وَتَعْلِيمَهَا وَالاسْتِمَاعَ إلَيْهَا ".
   فِيهِ: لَيْثٌ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي رَزِينٍ وَهُوَ مَجْهُولٌ لا يُدْرَى مَنْ هُوَ عَنْ أَخِيهِ، وَمَا أَدْرَاك مَا عَنْ أَخِيهِ هُوَ مَا يُعْرَفُ وَقَدْ سُمِّيَ، فَكَيْفَ أَخُوهُ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ.
   وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَنَسٍ أَنَا أَبُو أَحْمَدَ سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ سَهْلٍ الْمَرْوَزِيُّ أَنَا لاحِقُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْمَقْدِسِيُّ - قَدِمَ مَرْوَ - أَنَا أَبُو الْمُرَجَّى ضِرَارُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عُمَيْرٍ الْقَاضِي الْجِيلانِيُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ الْحِمْصِيُّ أَنَا فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " إذَا عَمِلَتْ أُمَّتِي خَمْسَ عَشْرَةَ خَصْلَةً حَلَّ بِهَا الْبَلاءُ - فَذَكَرَ مِنْهُنَّ وَاِتَّخَذُوا الْقَيْنَاتِ، وَالْمِعْزَفَ فَلْيَتَوَقَّعُوا عِنْدَ ذَلِكَ رِيحًا حَمْرَاءَ، وَمَسْخًا وَخَسْفًا " (1).
لاحِقُ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَضِرَارُ بْنُ عَلِيٍّ، وَالْحِمْصِيُّ - مَجْهُولُونَ -.
__________
(1) - الترمذي : الْفِتَنِ (2210).
*************************************************************************************************************
*سعيد
28 - ديسمبر - 2007
تابع نص ابن حزم.    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
وَفَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ حِمْصِيٌّ مَتْرُوكٌ، تَرَكَهُ يَحْيَى، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ.
   وَمِنْ طَرِيقِ قَاسِمِ بْنِ أَصْبَغَ أَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ النَّيْسَابُورِيُّ أَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ أَنَا أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ - هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ - أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْعَلاءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُهَاجِرِ عَنْ كَيْسَانَ مَوْلَى مُعَاوِيَةَ أَنَا مُعَاوِيَةُ قَالَ " نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ تِسْعٍ وَأَنَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُنَّ الآنَ - فَذَكَرَ فِيهِنَّ :  الْغِنَاءَ، وَالنَّوْحَ ".
مُحَمَّدُ بْنُ الْمُهَاجِرِ ضَعِيفٌ، وَكَيْسَانُ مَجْهُولٌ.
   وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد أَنَا مُسْلِمُ بْنُ إبْرَاهِيمَ أَنَا سَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ عَنْ شَيْخٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا وَائِلٍ يَقُولُ: سَمِعْت ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: " إنَّ الْغِنَاءَ يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْبِ " (1) عَنْ شَيْخٍ عَجَبٌ جِدًّا.
وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْجَهْمِ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدُوسٍ أَنَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ أَنَا حَاتِمُ بْنُ حُرَيْثٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ حَدَّثَنِي أَبُو مَالِكٍ الأَشْعَرِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: " يَشْرَبُ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا يُضْرَبُ عَلَى رُءُوسِهِمْ بِالْمَعَازِفِ وَالْقَيْنَاتِ يَخْسِفُ اللَّهُ بِهِمْ الأَرْضَ " (2).
__________
(1) - أبو داود : الْأَدَبِ (4927).
(2) - الدارمي : الْأَشْرِبَةِ (2100).
   *************************************************************************************************************
 
   مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ضَعِيفٌ، وَلَيْسَ فِيهِ: أَنَّ الْوَعِيدَ الْمَذْكُورَ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْمَعَازِفِ، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى اتِّخَاذِ الْقَيْنَاتِ - وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى اسْتِحْلالِهِمْ الْخَمْرَ بِغَيْرِ اسْمِهَا، وَالدِّيَانَةُ لا تُؤْخَذُ بِالظَّنِّ.
   حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ الْحَضْرَمِيُّ الْقَاضِي أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْخَلاصِ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ شَعْبَانَ الْمِصْرِيُّ حَدَّثَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْغِمْرِ بْنِ أَبِي حَمَّادٍ بِحِمْصَ، وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ أَنَا عُبَيْدُ بْنُ هِشَامٍ الْحَلَبِيُّ - هُوَ ابْنُ نُعَيْمٍ - أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " مَنْ جَلَسَ إلَى قَيْنَةٍ فَسَمِعَ مِنْهَا صَبَّ اللَّهُ فِي أُذُنَيْهِ الآنُكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " (1).
هَذَا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ مُرَكَّبٌ، فَضِيحَةٌ مَا عُرِفَ قَطُّ مِنْ طَرِيقِ أَنَسٍ، وَلا مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَلا مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ، وَلا مِنْ جِهَةِ ابْنِ الْمُبَارَكِ وَكُلُّ مَنْ دُونَ ابْنِ الْمُبَارَكِ إلَى ابْنِ شَعْبَانَ مَجْهُولُونَ.
__________
(1) - الدارمي : الْأَشْرِبَةِ (2100).
*************************************************************************************************************
 
وَابْنُ شَعْبَانَ فِي الْمَالِكِيِّينَ نَظِيرُ عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ قَانِعٍ فِي الْحَنَفِيِّينَ، قَدْ تَأَمَّلْنَا حَدِيثَهُمَا فَوَجَدْنَا فِيهِ الْبَلاءَ الْبَيِّنَ، وَالْكَذِبَ الْبَحْتَ، وَالْوَضْعَ اللائِحَ، وَعَظِيمَ الْفَضَائِحِ، فَإِمَّا تَغَيَّرَ ذِكْرُهُمَا، أَوْ اخْتَلَطَتْ كُتُبُهُمَا، وَإِمَّا تَعَمَّدَا الرِّوَايَةَ عَنْ كُلِّ مَنْ لا خَيْرَ فِيهِ مِنْ كَذَّابٍ، وَمُغَفَّلٍ يَقْبَلُ التَّلْقِينَ.
وَأَمَّا الثَّالِثَةُ - وَهُوَ ثَالِثَةُ الأَثَافِي: أَنْ يَكُونَ الْبَلاءُ مِنْ قِبَلِهِمَا - وَنَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ، وَالصِّدْقَ، وَصَوَابَ الاخْتِيَارِ.
وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ شَعْبَانَ قَالَ: رَوَى هَاشِمُ بْنُ نَاصِحٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُوسَى عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " مَنْ مَاتَ وَعِنْدَهُ جَارِيَةٌ مُغَنِّيَةٌ فَلا تُصَلُّوا عَلَيْهِ ".
هَاشِمٌ، وَعُمَرُ: مَجْهُولانِ، وَمَكْحُولٌ لَمْ يَلْقَ عَائِشَةَ، وَحَدِيثٌ لا نَدْرِي لَهُ طَرِيقًا، إنَّمَا ذَكَرُوهُ هَكَذَا مُطْلَقًا، " أَنَّ اللَّهَ  تَعَالَى  نَهَى عَنْ صَوْتَيْنِ مَلْعُونَيْنِ: صَوْتِ نَائِحَةٍ، وَصَوْتِ مُغَنِّيَةٍ " وَهَذَا لا شَيْءَ.
وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ أَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ مُطَرِّحِ بْنِ يَزِيدَ أَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زَحْرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: " لا يَحِلُّ بَيْعُ الْمُغَنِّيَاتِ وَلا شِرَاؤُهُنَّ وَثَمَنُهُنَّ حَرَامٌ وَقَدْ نَزَلَ تَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ: { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ } (1) الآيَةَ، وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا رَفَعَ رَجُلٌ قَطُّ عَقِيرَةَ صَوْتِهِ بِغِنَاءٍ إلا ارْتَدَفَهُ شَيْطَانَانِ يَضْرِبَانِهِ عَلَى صَدْرِهِ وَظَهْرِهِ حَتَّى يَسْكُتَ ".
إسْمَاعِيلُ ضَعِيفٌ، وَمُطَرِّحٌ مَجْهُولٌ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زُحَرَ ضَعِيفٌ، وَالْقَاسِمُ ضَعِيفٌ، وَعَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ دِمَشْقِيٌّ مُطَّرَحٌ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ.
__________
(1) - سورة لقمان آية : 6.
 
*************************************************************************************************************
 
وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ حَبِيبٍ الأَنْدَلُسِيِّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ الأُوَيْسِيِّ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: " لا يَحِلُّ تَعْلِيمُ الْمُغَنِّيَاتِ، وَلا شِرَاؤُهُنَّ، وَلا بَيْعُهُنَّ، وَلا اتِّخَاذُهُنَّ، وَثَمَنُهُنَّ حَرَامٌ وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ: { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ } (1) وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا رَفَعَ رَجُلٌ عَقِيرَتَهُ بِالْغِنَاءِ إلا ارْتَدَفَهُ شَيْطَانَانِ يَضْرِبَانِ بِأَرْجُلِهِمَا صَدْرَهُ وَظَهْرَهُ حَتَّى يَسْكُتَ ".
وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ حَبِيبٍ أَيْضًا: أَنَا ابْنُ مَعْبَدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ أَعْيَنَ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ تَعْلِيمَ الْمُغَنِّيَاتِ وَشِرَاءَهُنَّ، وَبَيْعَهُنَّ، وَأَكْلَ أَثْمَانِهِنَّ ".
أَمَّا الأَوَّلُ: فَعَبْدُ الْمَلِكِ هَالِكٌ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ ضَعِيفٌ، وَعَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ ضَعِيفٌ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، وَالْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ضَعِيفٌ.
وَالثَّانِي: عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَالْقَاسِمِ أَيْضًا، وَمُوسَى بْنُ أَعْيَنَ ضَعِيفٌ.
__________
(1) - سورة لقمان آية : 6.
*************************************************************************************************************
*سعيد
28 - ديسمبر - 2007
نص ابن حزم.    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
   وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ الأُوَيْسِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: " قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ لِي إبِلٌ، أَفَأَحْدُو فِيهَا  قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَفَأُغَنِّي فِيهَا  قَالَ: اعْلَمْ أَنَّ الْمُغَنِّيَ أُذُنَاهُ بِيَدِ شَيْطَانٍ يُرْغِمُهُ حَتَّى يَسْكُتَ ".
هَذَا عَبْدُ الْمَلِكِ، وَالْعُمَرِيُّ الصَّغِيرُ - وَهُوَ ضَعِيفٌ.
   وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ أَنَا أَبُو دَاوُد - هُوَ سُلَيْمُ بْنُ سَالِمٍ بَصْرِيٌّ - أَنَا حَسَّانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " يُمْسَخُ قَوْمٌ مِنْ أُمَّتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ يَشْهَدُونَ أَنْ لا إلَهَ إلا اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ  قَالَ: نَعَمْ، وَيُصَلُّونَ، وَيَصُومُونَ، وَيَحُجُّونَ قَالُوا: فَمَا بَالُهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ  قَالَ: اتَّخَذُوا الْمَعَازِفَ وَالْقَيْنَاتِ، وَالدُّفُوفَ، وَيَشْرَبُونَ هَذِهِ الأَشْرِبَةَ، فَبَاتُوا عَلَى لَهْوِهِمْ، وَشَرَابِهِمْ، فَأَصْبَحُوا قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ " (1).
__________
(1) - أبو داود : اللِّبَاسِ (4039).
*************************************************************************************************************
 
 
هَذَا عَنْ رَجُلٍ لَمْ يُسَمَّ، وَلَمْ يُدْرَ مَنْ هُوَ  وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ أَيْضًا: أَنَا الْحَارِثُ بْنُ نَبْهَانَ أَنَا فَرْقَدٌ السَّبَخِيُّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " تَبِيتُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى لَهْوٍ وَلَعِبٍ، وَأَكْلٍ وَشُرْبٍ، فَيُصْبِحُوا قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ، يَكُونُ فِيهَا خَسْفٌ، وَقَذْفٌ، وَيُبْعَثُ عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَائِهِمْ رِيحٌ فَتَنْسِفُهُمْ، كَمَا نَسَفَتْ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ بِاسْتِحْلالِهِمْ الْحَرَامَ، وَلُبْسِهِمْ الْحَرِيرَ، وَضَرْبِهِمْ الدُّفُوفَ، وَاِتِّخَاذِهِمْ الْقِيَانَ " (1).
وَالْحَارِثُ بْنُ نَبْهَانَ لا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، وَفَرْقَدٌ السَّبَخِيُّ ضَعِيفٌ، نَعَمْ: وَسُلَيْمُ بْنُ سَالِمٍ، وَحَسَّانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ، وَعَاصِمُ بْنُ عَمْرٍو: لا أَعْرِفُهُمْ - فَسَقَطَ هَذَانِ الْخَبَرَانِ بِيَقِينٍ.
وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ أَنَا فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " إنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَأَمَرَنِي بِمَحْوِ الْمَعَازِفِ، وَالْمَزَامِيرِ، وَالأَوْثَانِ، وَالصُّلُبِ: لا يَحِلُّ بَيْعُهُنَّ، وَلا شِرَاؤُهُنَّ، وَلا تَعْلِيمُهُنَّ، وَلا التِّجَارَةُ بِهِنَّ، وَثَمَنُهُنَّ حَرَامٌ " (2) نَعْنِي الضَّوَارِبَ - الْقَاسِمُ ضَعِيفٌ.
__________
(1) - أحمد (5/259).
(2) - أحمد (5/268).
*************************************************************************************************************
 
 
   وَمِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ قَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ: أَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ أَنَا عَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ الْكِلابِيُّ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غُنْمٍ الأَشْعَرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو عَامِرٍ - أَوْ أَبُو مَالِكٍ الأَشْعَرِيُّ - وَوَاللَّهِ مَا كَذَبَنِي: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: " لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي قَوْمٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ، وَالْخَمْرَ، وَالْمَعَازِفَ " (1).
   وَهَذَا مُنْقَطِعٌ لَمْ يَتَّصِلْ مَا بَيْنَ الْبُخَارِيِّ وَصَدَقَةَ بْنِ خَالِدٍ - وَلا يَصِحُّ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ أَبَدًا، وَكُلُّ مَا فِيهِ فَمَوْضُوعٌ، وَوَاللَّهِ لَوْ أُسْنِدَ جَمِيعُهُ أَوْ وَاحِدٌ مِنْهُ فَأَكْثَرَ مِنْ طَرِيقِ الثِّقَاتِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمَا تَرَدَّدْنَا فِي الأَخْذِ بِهِ.
وَلَوْ كَانَ مَا فِي هَذِهِ الأَخْبَارِ حَقًّا مِنْ أَنَّهُ لا يَحِلُّ بَيْعُهُنَّ لَوَجَبَ أَنْ يُحَدَّ مَنْ وَطِئَهُنَّ بِالشِّرَاءِ، وَأَنْ لا يَلْحَقَ بِهِ وَلَدُهُ مِنْهَا.
ثُمَّ لَيْسَ فِيهَا تَحْرِيمُ مِلْكِهِنَّ، وَقَدْ تَكُونُ أَشْيَاءُ يَحْرُمُ بَيْعُهَا وَيَحِلُّ مِلْكُهَا وَتَمْلِيكُهَا كَالْمَاءِ، وَالْهِرِّ، وَالْكَلْبِ -.
هَذَا كُلُّ مَا حَضَرَنَا ذِكْرُهُ مِمَّا أُضِيفَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -.
__________
(1) - أبو داود : اللِّبَاسِ (4039).
*************************************************************************************************************
 
 
   وَأَمَّا عَمَّنْ دُونَهُ عَلَيْهِ السَّلامُ: فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ أَنَا حَاتِمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ صَخْرٍ عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِي الصَّهْبَاءِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ  تَعَالَى : { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } (1) الآيَةَ، فَقَالَ: الْغِنَاءُ، وَاَلَّذِي لا إلَهَ غَيْرُهُ.
وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الآيَةِ، قَالَ: الْغِنَاءُ، وَشِرَاءُ الْمُغَنِّيَةِ.
وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ أَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الآيَةِ، قَالَ: الْغِنَاءُ، وَنَحْوُهُ.
وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ أَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ الْكُوفِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الدُّفُّ حَرَامٌ، وَالْمَعَازِفُ حَرَامٌ: وَالْمِزْمَارُ حَرَامٌ، وَالْكُوبَةُ حَرَامٌ.
وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ أَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: الْغِنَاءُ يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْبِ.
وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ أَنَا أَبُو وَكِيعٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانَ أَصْحَابُنَا يَأْخُذُونَ بِأَفْوَاهِ السِّكَكِ يَخْرِقُونَ الدُّفُوفَ.
__________
(1) - سورة لقمان آية : 6.
*************************************************************************************************************
 
 
   وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ أَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ } (1) قَالَ: الْغِنَاءُ - وَهُوَ أَيْضًا قَوْلُ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ أَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانُ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ شُعَيْبٍ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي هَذِهِ الآيَةِ، قَالَ: هُوَ الْغِنَاءُ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لا حُجَّةَ فِي هَذَا كُلِّهِ لِوُجُوهٍ :
أَحَدُهَا: أَنَّهُ لا حُجَّةَ لأَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ قَدْ خَالَفَ غَيْرَهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّ نَصَّ الآيَةِ يُبْطِلُ احْتِجَاجَهُمْ بِهَا؛ لأَنَّ فِيهَا { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ } (2) وَهَذِهِ صِفَةٌ مَنْ فَعَلَهَا كَانَ كَافِرًا، بِلا خِلافٍ، إذَا اتَّخَذَ سَبِيلَ اللَّهِ تَعَالَى هُزُوًا.
وَلَوْ أَنَّ امْرَأً اشْتَرَى مُصْحَفًا لِيُضِلَّ بِهِ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَتَّخِذُهَا هُزُوًا لَكَانَ كَافِرًا، فَهَذَا هُوَ الَّذِي ذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى ، وَمَا ذَمَّ قَطُّ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ اشْتَرَى لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيَلْتَهِيَ بِهِ وَيُرَوِّحَ نَفْسَهُ، لا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى ، فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِقَوْلِ كُلِّ مَنْ ذَكَرْنَا.
__________
(1) - سورة لقمان آية : 6.
(2) - سورة لقمان آية : 6.
*************************************************************************************************************
 
 
   وَكَذَلِكَ مَنْ اشْتَغَلَ عَامِدًا عَنْ الصَّلاةِ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، أَوْ بِقِرَاءَةِ السُّنَنِ، أَوْ بِحَدِيثٍ يَتَحَدَّثُ بِهِ، أَوْ يَنْظُرُ فِي مَالِهِ، أَوْ بِغِنَاءٍ، أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ، فَهُوَ فَاسِقٌ، عَاصٍ لِلَّهِ  تَعَالَى ، وَمَنْ لَمْ يُضَيِّعْ شَيْئًا مِنْ الْفَرَائِضِ اشْتِغَالا بِمَا ذَكَرْنَا فَهُوَ مُحْسِنٌ.
   وَاحْتَجُّوا فَقَالُوا: مِنْ الْحَقِّ الْغِنَاءُ أَمْ مِنْ غَيْرِ الْحَقِّ، وَلا سَبِيلَ إلَى قِسْمٍ ثَالِثٍ  فَقَالُوا: وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ { فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ } (1)
__________
(1) - سورة يونس آية : 32.
*************************************************************************************************************
 
   فَجَوَابُنَا - وَبِاَللَّهِ  تَعَالَى  التَّوْفِيقُ :  أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " إنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى " (1) فَمَنْ نَوَى بِاسْتِمَاعِ الْغِنَاءِ عَوْنًا عَلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ  تَعَالَى  فَهُوَ فَاسِقٌ، وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ غَيْرُ الْغِنَاءِ، وَمَنْ نَوَى بِهِ تَرْوِيحَ نَفْسِهِ لِيَقْوَى بِذَلِكَ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَيُنَشِّطَ نَفْسَهُ بِذَلِكَ عَلَى الْبِرِّ فَهُوَ مُطِيعٌ مُحْسِنٌ، وَفِعْلُهُ هَذَا مِنْ الْحَقِّ، وَمَنْ لَمْ يَنْوِ طَاعَةً وَلا مَعْصِيَةً، فَهُوَ لَغْوٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ كَخُرُوجِ الإِنْسَانِ إلَى بُسْتَانِهِ مُتَنَزِّهًا، وَقُعُودِهِ عَلَى بَابِ دَارِهِ مُتَفَرِّجًا وَصِبَاغِهِ ثَوْبَهُ لازَوَرْدِيًّا أَوْ أَخْضَرَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، وَمَدِّ سَاقِهِ وَقَبْضِهَا وَسَائِرِ أَفْعَالِهِ - فَبَطَلَ كُلُّ مَا شَغَبُوا بِهِ بُطْلانًا مُتَيَقَّنًا - وَلِلَّهِ  تَعَالَى  الْحَمْدُ؛ وَمَا نَعْلَمُ لَهُمْ شُبْهَةً غَيْرَ مَا ذَكَرْنَا.
__________
(1) - البخاري : بدء الوحي (1) ، مسلم : الإمارة (1907) ، الترمذي : فضائل الجهاد (1647) ، النسائي : الطهارة (75) الطلاق (3437) الأيمان والنذور (3794) ، أبو داود : الطلاق (2201) ، ابن ماجه : الزهد (4227) ، أحمد (1/25 ،1/43).
*سعيد
28 - ديسمبر - 2007
الفهم السقيم...    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
 
   العقول الفاسدة...
·        السبب في إيراد النص بطوله أن يُفهم على قصد قائله، وأن لا يُقوَّل ابن حزم بكلامٍ لم يقله.
·        وكنت أود لو أن صاحبة التعليق: " يا عقلا خشبيا " أخذت بلباب العُقول وعَقلت ما تقول، وعَقَلَت ما سطرته قبل نشره، وكنت أود لو ناقشَت الأمور نقاشا علميا بعيدا عن التهجم البين والفهم السَّقيم لكلام العلماء.
·        ولست أريد تأييد هذا القول أو ذاك، لأن الحديث الذي ساقتنا إليه صاحبة التعليق في سياق آخر...
·        وليس هناك أشد على نفسي من قولك: " فعلى جلالة عقلك يا ابن الجوزي ما أقبح تعليقك وأقبح منه من اعتقد به, فألغى في سبيل تقديس رأيك عقله وكيانه.. "
فما أقبحه من اعتراض...
فلعل الكاتبة ظنت أن ابن الجوزي مقر سكناه بضواحي باريز، أو لندن، أوفيينا، أو إحدى ولايات أمريكا...والفهم السقيم لكلام العلماء وبتره عن مجاله وتاريخه وسياقه يدل على ذلك .
   وأما الإجماع المذكور في قولك: " وأنا أذهب في شأن الحديث النبوي الشريف أبعد من هذا فإن أحاديث التحريم كلها آحاد, وقد أجمع علماء الملة الإسلامية على أن أحاديث الآحاد مبناها على الظن وليس على اليقين بخلاف المتواتر وهو قليل في كتب الحديث "
  فيحتاج إلى تأمل ودراسة بعيدا عن الأحكام المتسرعة الجاهزة...التي يتسم بها التعليق.
*سعيد
28 - ديسمبر - 2007
التمهل حسن    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
                                                       الموسيقا والغناء
لقد وُضِعت كتبٌ كثيرة في هذا الموضوع، كما كثُرَت الأقوال فيه، يقول البدر بن جماعة:" تباينَت الطرق في هذه المسألة تبايُنًا لا يوجد في غيرها، وصنَّف فيها العلماء تصانيف ولم يتركوا فيها لقائل مقالاً ".
وسأكتفي بإيراد
مُقْتَطَفَات من كتاب " إحياء علوم الدين " للإمام الغزالي " ج3 ص 239
" طبعة عثمان خليفة فيقول :
الأصوات الموزونة باعتبار مخارِجِها ثلاثة
، فإنها إما أن تخْرُج من جماد، كصَوْتِ المزامير والأوتار وضرب القضيب والطبل وغيره، وإما أن تخرج من حَنْجَرَة حيوان، وذلك الحيوان إما إنسان أو غيره، كصوت العنادل والقماري ... فهي مع طِيبها موزونة متناسِبَة المطالع والمَقَاطِع، فلذلك يُسْتَلذ سماعها، والأصل في الأصوات حناجر الحيوانات، وإنما وُضِعَتْ المزامير على أصوات الحَنَاجِر، وهوَ تَشْبِيه للصَّنعَة بالْخِلْقَة إلى أن قال :
فسماع هذه الأصوات يَسْتَحِيل أن يُحَرَّم لِكَوْنِهَا طيبة أو موزونة، فلا ذاهب إلى تحريم صوت العندليب وسائر الطيور، ولا فرق بين حنجرة ولا بين جماد وحيوان فينبغي أن يُقَاسَ على صوت العندليب الأصوات الخارجة من سائر الأجسام باختيار الآدمي، كالذي يخرج من حلقة أو من القَضِيب والطبل والدُّف وغيره، لا يُستثنى من هذه إلا الملاهي والأوتار والمزامير التي ورد الشرع بالمنع منها(1)، لا للذتها، إذ لو كان للذة لقِيس عليها كل ما يَلتذُّ به الإنسان، ولكن حُرِّمَت الخمور واقتضت ضراوة الناس بها المبالغة في الفِطَام عنها، حتى انتهى الأمر في الابتداء إلى كسر الدِّنان، فحُرِّم معها ما هو شعار أهل الشرب، وهي الأوتار والمزامير فقط، وكان تَحْرِيمُهَا من قبيل الاتباع، كما حُرِّمَتْ الخلوة بالأجنبية؛ لأنها مُقَدِّمَة الجِمَاع …… وما من حرام إلا وله حريم يَطيف به، وحكم الحُرْمَة ينسحب على حريمه؛ ليكون حِمى للحرام، فهي حُرْمَة تَبَعًَا لتحريم الخمر لثلاث علل :
إحداها : أنها تدعو إلى شرب الخمر، فإن اللَّذة الحاصلة بها إنما تتِمُّ بالخمر .
الثانية : أنها في حق قريب العهد بشرب الخمر، تُذكِّر مجالس الأنْسِ بالشُّرب .
الثالث : الاجتماع عليها، لمّا أن صار من عادة أهل الفِسْقِ فيُمنع من التشبه بهم؛ لأن من تشبه بقوم فهو منهم، وبهذه العلة نقول بترك السُّنَّة، وبما صارت شعارًا لأهل البدعة خوْفًا من التشبُّه بهم، وبهذه العلة يَحْرُم ضرب الكوبة، وهي طبل مستطيل دقيق الوسط واسع الطرفين، وضرَبها عادة المُخنِّثين، ولولا ما فيه من التشبُّه لكان مثل طبل الحجيج والغزو .
ثم قال : وبهذه العلة لو اجتمع جماعة وزيَّنوا مجلسًا وأحضروا آلات الشرب وأقداحَه وصبوا فيه السَّكَنْجِبين ـ شراب حلو ـ ونصبوا ساقيًا يدور عليهم ويسقيهم، فيأخذون من الساقي ويشربون، ويُحَيي بعضهم بعضًا بكلماتهم المعتادة، حُرِّم ذلك عليهم، وإن كان المشروب مُبَاحًا في نفسه؛ لأن في هذا تشبُّهًا بأهل الفساد .
ثم ذكر أن العُرْفَ يُحَدِّد ما يُشْبِه الفُسَّاق وغيرهم وقال : فبهذه المعاني حُرِّم المزمار العراقي والأوتار كلها كالعود والصَّنج والرَّباب والبربط وغيرها، وما عدا ذلك فليس في معناها كشاهين الرُّعاة والحَجِيج …
وكلُّ آلةٍ يُسْتَخْرَج منها صوت مستطاب موزون سوى ما يَعتاده أهل الشُّرب؛ لأن كل ذلك لا يتعلق بالخمر ولا يُذكِّر بها، ولا يُشوِّق إليها ولا يُوجب التشبُّه بأربابها، فلم يكن في معناها، فيبقى على أصل الإباحة، قياسًا على أصوات
الطيور وغيرها، بل أقول : سماع الأوتار ممن يَضْرِبُهَا على غير وزن متناسب مستلذ حرام أيضًا . وبهذا يتبيَّن أنه ليست العلة في تحريمها مجرد اللَّذة الطيبة، بل القياس تحليل الطيبات كلِّها إلا ما في تحليله فساد، قال الله تعالى: " قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِن الرِّزْقِ " فهذه الأصوات لا تُحَرَّم من حيث إنها أصوات موزونة، وَإنَّما تُحَرَّم بعارض آخر.
ثم تحدَّث ( ص 242، 243 ) عن مناسبة النغمات
الموزونة للأرواح وتأثيرها فيها إما فرحًا وإما حُزْنًا وإما نوْمًا وإما ضَحِكًا ... وهذا في الشِّعر وفي الأوتار، حتى قيل : من لم يحركه الربيع وأزهاره، والعُود وأوتاره، فهو فاسد المِزاج، ليس له علاج . إن الصَّبي يُسكته الصوت الطَّيِّب عن بكائه، والجَمَل مَع بَلادة طَبْعِه يَتَأثر بالْحُداء ... ومهما قيل بتأثير الغناء في القلب لم يجُز أن يُحْكُم فيه مُطْلَقًا بإباحة ولا تحريم، بل يختلف ذلك بالأحوال والأشخاص واختلاف طرق النغمات، فحكمه حكم ما في القلب .
ثُمَّ تحدَّث عَنْ غِنَاء الحجيج تشويقًا للحج، وهو جائز مع الطبل والشاهين، لا مع المزامير والأوتار التي هي من شعار الأشرار، وعن غناء الحرب للشجاعة وهو مباح وقت إباحة الغزو، ومندوب وقت استحبابه، وعن الرجزيات التي يستعملها الشجعان وقت اللقاء للتشجيع، وهي كغناء الحرب السابق، يُباح ويُندب، ولكن يُحظر في قتال المسلمين وأهل الذِّمة وكلِّ قتال محظور . وعن أصوات النياحة ليهيج الحزن، فمنه مذموم كالحزن على ما فات، ومحمود كالحزن على التقصير في أمور الدين؛ لأنه يدعو إلى تدارك ما فات، ولهذا جاز للواعظ الطيب الصوت أن يُنشد على المنبر بألحانه الأشعار المُرَقِّقَة للقلب، وجاز له البكاء والتباكي ليتوصل إلى تبكية غيره.
وعن السماع في أوقات السرور تأكيدًا وتهييجًا له، وهو مباح إن كان السرور مُباحًا كأيام العيد والعُرْس. وعن سماع العُشَّاق تحريكًا للعشق وتسلية للنفس، وهو حلال إن كان المشتاق إليه ممن يُباح وصاله كزوجته تغنَّي له
، وأما من يتمثل في نفسه صورة امرأة لا يَحلُّ النظر إليها وكان يُنزل ما يسمع على ما تَمثَّل في نفسه فهو حرام، وأكثر العشاق من الشباب وقت هيجان الشهوة على ذلك، فهو ممنوع في حقهم، لا لذَاته بل لأمر يرجع إلى نفوسهم، وعن سماع مَن أحب الله، فيَسوقه إليه السماع، وهو حلال .
ثم تحدَّث عن عوارض المنع وهي خمسة : في المُسمِع ـ أي المُغني ـ والآلة، ونظم صوت، ونفس المستمع، ومواظبته، وكونه من عوام الخلق :
1 ـ فإذا كان المُسمِع ـ المُغني ـ امرأة لا يحلُّ النظر إليها وتُخشى الفتنة من سماعها، مِثْلها الصبي الأمرد الذي تُخشى الفتنة به، فهو حرام، وليس ذلك إلا لأجل الفتنة، حتى لو كان في المحاورة معها بغير ألحان وفي قراءة القرآن . ونقول : للشيخ أن يُقبِّل امرأته وهو صائم . وليس للشاب؛ ذلك لأنها تدعو إلى الوِقاع في حقه.
2 ـ إذا كانت الآلة من شعار أهل الشرب والمخنِّثين، وهي المزامير والأوتار وطبل الكوية ( حصرها الغزالي فيها، وأحل ما عدا ذلك مع اختلاف الأعراف، ولاسيما في عصرنا فيما كان من لوازم الشراب الحرام وما كان من غيره ) فهو حرام .
3 ـ نظْم الصوت إذا كان فيه خَنَا وكَذِب، فسماعه حرام بألحان وغيرها، والمُسْتَمِع شريك القائل، وكذلك ما فيه وصف امرأة بعينها فلا يجوز وصف المرأة بين يدي الرجال ... وذكر أن النسيب وهو التشبيب بوصف الخدود والأصداغ وحُسن القَدّ ـ الصحيح أنه لا يَحْرُم نَظْمُه وإنشاده بلحن وبغيره، وعلى المستمع ألا يُنزله على امرأة معينة فإن نزَّلة فليكن على من تحل له كزوجته.
4 ـ المستمع إن غلبت عليه الشهوة كالشاب حَرُم عليه الاستماع .
5 ـ العاصي الذي لم يَغلب عليه حبُّ الله ولا غلبت عليه شهوة، فيُباح كسائر أنواع الملذات المباحة، إلا إذا اتخذه دَيْدَنًا وقصَر عليه أكثر أوقاته، وذلك كلعب الشطرنج، يباح ولكن المواظبة عليه مكروهة جدًا .
ثم ذكر الغزالي أدلة تحريم الغناء وأبطلها لضعف نسبتها إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإلى صحابته، أو لضَعْفِ الاستدلال .
فمن الأول حديث " إن الله حرَّم القيْنة ـ المغنِّية ـ وبيعها وثمنها وتعليمها " وهو ضعيف ليس بمحفوظ، وحديث " كان إبليس أول من تغنَّى وناح " لا أصل له عن جابر، وأخرجه بعضهم عن عليٍّ ولم يذكر درجته، وحديث " ما رفع أحد صوته بغناء إلا بعث الله له شيطانين " وهو ضعيف . وحديث " كل شيء يلهو به الرجل باطل..." فيه اضطراب، وقول ابن مسعود " الغناء يُنْبِتُ النفاق " موقوف عليه، والمرفوع إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ غير صحيح . وحديث وضْع ابن عمر إصْبَعه في أذنه مُنْكَر
.
ومن الثانية قوله تعالى :
"وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ "
قال ابن مسعود والحسن البصري والنخعي: إن اللهو هو الغناء. وردُّه بأن الحُرْمَة لعِلَّة الإضلال وليس كلُّ غناءٍ كذلك، بل إنه لو قرأ القرآن ليُضِلَّ عن سبيل الله حرُم عليه، كمن كان يتعمَّد في إمامة الناس في الصلاة أن يقرأ سورة " عبس " لما فيها من عتاب الله لرسوله، وهَمَّ عمر بقتله .
انتهى ما اقتطفتُه من كلام الإمام الغزالي، والخلاصة
أنه ينبغي أن ينظر في ذلك إلى جانب الفتنة وإلى اتخاذ السماع دَيْدَنًا يُلهِي عن واجب، والفتنة إما من الكلام نفسه، وإما من الأداء والأسلوب، وإما من المغنِّي والمطرب . فإن خلا من الفتنة بأي وجه فلا بأس بالقليل منه للترويح عن النفس، على ألا يصحبه مُحَرَّم من شرب أو نظر ونحوهما .

وجاء في فتاوى الشيخ محمود شلتوت " ص 379 " الحكم بعدم الحُرْمَة مُؤَيِّدًا رأيه برأي الشيخ عبد الغني النابلسي في أن الأحاديث التي رُويت في حُرْمَةِ الموسيقا ـ على فرْض صِحتها ـ مقرونة بالملاهي والخمر والفتيات والفسوق والفجور، فإذا سلِم السماع من كل ذلك كان مباحًا في الحضور والسماع والتعلم .
وذكر الشيخ شلتوت أن الشيخ حسن العطار شيخ الأزهر كان مُولَعًا بالسماع عالمًا به
،
ومن كلماته في بعض مؤلفاته : من لم يتأثر برقيق الأشعار، تُتْلَى بلسان الأوتار، على شطوط الأنهار، في ظلال الأشجار، فذلك جِلْف الطبع حمار .
وبعدُ فإن الصوت الجميل من الطيور ومن الناس نعمة حلال، والحديث الشريف يقول " لله أشد أذنًا ـ سماعًا ـ للرجل الحسن الصوت بالقرآن من صاحب القَيْنة إلى قَيْنته " رواه أحمد وابن ماجة والحاكم وصحَّحه، وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أبي موسى الأشعري " لقد أُعطيَ مزمارًا من مزامير آل داود " رواه البخاري ومسلم  وكما استمع إلى قراءة أبي موسى وأُعْجِبَ بها استمع إلى غناء الجارِيَتَيْن عند عائشة ولم يرتضِ إنكار أبي بكر عليه وكان في أيام مِنى، وهو حديث مُتفق عليه . وجاء قريبًا منه أنه كان في يوم عيد فِطْر أو أضحى، وسمع غناء الجواري في زواج الرُّبَيع بنت مُعوِّذ ولم ينكر عليهن إلا قولهن " وفينا نبي يعلم ما في غد " رواه البخاري  ولما زَفت عائشة امرأة إلى رجل من الأنصار قال لها " يا عائشة، ما كان معكم لَهْو، فإن الأنصار يعجبهم اللهو "رواه البخاري أيضًا، وجاء في رواية ضعيفة لابن ماجة ـ كما قاله في مجمع الزوائد ـ أنه قال لها وقد زَفَّت يتيمة " إن الأنصار فيهم غزَل، هلا بعثتم معها من يقول : أتيناكم أتيناكم، فحيَّانا وحيَّاكم " .
ومن أراد التوسع فليرجع إلى :

1 ـ إحياء علوم الدين للإمام الغزالي، وشرحه للمرتضي الزبيدي .
2 ـ مدارج السالكين لابن القيم .
3 ـ كفُّ الرِّعاع عن محرمات اللهو والسماع . لابن حجر الهيتمي .
4 ـ الإسلام ومشكلات الحياة . لصاحب الكتاب.

الهوامش:
(1) حديث المنع من الملاهي والأوتار و المزامير رواه البخاري من حديث أبي عامر، أو أبي مالك الأشعري "ليكوننَّ في أمتي أقوام يستحلون الخزَّ والحرير والمعازف " صورته عند البخاري صورة التعليق ، ولذلك ضعفه ابن حزم ووصله أبو داود والإسماعيلي ، ولأحمد من حديث أبي أمامة " إن الله أمرني أن أمحق المزامير والكُبَّارات" يعني البرابط والمعازف ، وهو ضعيف ، وله حديثان آخران ضعيفان ، ولأبي داود أن ابن عمر سمع مزمارًا فوضع أصبعيه على أذنيه ، وقال أبو داود : وهو مُنكر " تخريج العراقي على الإحياء ج 2 ص 239، 240"
 
جزى الله خيراً من كتبها وقرأها.
*د يحيى
29 - ديسمبر - 2007
الإسناد العالي لأهل العصر...    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
   والظاهر من كلام صاحبة التعليق أنها تُعاني من بعبع اسمه الحنابلة، وقد موَّهَت من خلال تعليقها حيث نسبت تحريم الغناء والمعازف مطلقا إلى السادة الحنابلة، والأمر على غير ما ذُكر، فهذه مذاهب الفقهاء الأربعة رضوان الله عليهم مدونة تناقلتها الأجيال وحُفظت في الصدور والدواوين الفقهية لسائر المذاهب.
  ولعل ما جعل الحنابلة ينالون هذا الإطراء العجيب (المعكوس طبعاً) ما تراه صاحبة التعليق من الفُتيا على وفق المذهب الحنبلي في أقطار الخليج العربي، ولا ضير في ذلك، فمازالت الفُتيا على وفق مذهب معين مما جرى به العمل من قرون عدة في مختلف الأقطار، كما هو الحال بالنسبة للمذهب المالكي في المغرب العربي، وكثير من الأقطار تتمذهب بمذهب فقهي تكون الفُتيا على وفقه.
   يقول ابن قيم الجوزية: " مذهب أبي حنيفة في ذلك من أشد المذاهب وقوله فيه أغلظ الأقوال وقد صرح أصحابه بتحريم سماع الملاهي كلها كالمزمار والدف حتى الضرب بالقضيب وصرحوا بأنه معصية يوجب الفسق وترد به الشهادة وأبلغ من ذلك أنهم قالوا: إن السماع فسق والتلذذ به كفر هذا لفظهم ورووا في ذلك حديثا لا يصح رفعه.
 قالوا: ويجب عليه أن يجتهد في أن لا يسمعه إذا مر به أو كان في جواره.
 وقال أبو يوسف في دار يسمع منها صوت المعازف والملاهي: ادخل عليهم بغير إذنهم لأن النهي عن المنكر فرض فلو لم يجز الدخول بغير إذن لامتنع الناس من إقامة الفرض " إغاثة اللهفان (1 / 277)
   فابن القيم رحمه الله يذكر أن المذهب الحنفي في تحريم سماع المعازف من أشد المذاهب وأغلظها قولاً، وإيرادي لهذا النص لتنظر صاحبة التعليق هل يُلحق بالحنابلة السادة الأحناف ؟ وهل يستحقون الأوصاف والنعوت التي نعتت به غيرهم ؟ ومن يدري...لننظر في ما يأتي:
  قال ابن تيمية في الفتاوى: ( فمذهب الأئمة الأربعة أن آلات اللهو كلها حرام ). (11/576)
وقال في منهاج السنة لنبوية: ( الأئمة الأربعة، فإنهم متفقون على تحريم المعازف التي هي آلات اللهو، كالعود ونحوه ). (3/439)
  فعل الأئمة الأربعة يستحقون الوصف تاما غير منقوص!!!
  وسؤالي لأختي الكريمة ـ مادامت الأحكام من حيث الحِل أو الحِرمة تستند إلى الأدلة الشرعية ـ ما هو مستندها في الإباحة ؟
   هل هو أدلة شرعية ؟
  أم هو أدلة عقلية ؟
  أم هو مجرد زقزقة العصافير فوق الأغصان اليانعة، ونقيق الضفادع في السيول والأودية؟
  وخرير المياه وصوت الرعد والبرق وهدير الأمواج العاتية ؟
  أو هو " صهيل الخيل ورغاء الإبل وخوار البقر وثغاء الشياه وبغام الريم ونباح الكلاب ومواء القطط، ونواح العندليب وغناء الكروان وهديل الحمام وصياح الديك..." من مقدمة محقق كتاب: "فرح السماع برخص السماع " لمحمد الشاذلي التونسي، ص: (7).
  ولعل ذلك بمجموعه يرتقي إلى درجة الإسناد العالي الصحيح. ومن يدري! رُبَّما.
*سعيد
30 - ديسمبر - 2007

 
   أضف تعليقك
 1  2