مجلس : عالم الكتب

 موضوع النقاش : للكتب حظوظ في الذيوع    قيّم
التقييم :
( من قبل 7 أعضاء )

رأي الوراق :

 سليمان 
3 - ديسمبر - 2007
 
حظوظ الكتب في الذيوع
 
هل للكتب حظوظ كحظوظ بني البشر؛ فيذيع صيتها أو يعلو صوتها بين أقرانها من الكتب التي تقبع كابية الحس على أرفف المكتبات تترقب في حذر مشوب باللهفة أن تمتد يد إليها تقلب صفحاتها فتمد هي الأخرى يدا تغرف من معينها العذب وتسقيه ما يطلبه من العلم والمعرفة. نعم ، إن للكتب حظوظا بل حظوة  عند بعض الناس. ومن هذه الكتب المحظوظة كتابان في العروض ، هما : كتاب "أهدى سبيل إلى علمي الخليل" للمرحوم الأستاذ محمود مصطفى ، وكتاب "ميزان الذهب في صناعة شعر العرب" للمرحوم السيد أحمد الهاشمي فقد سار هذان الكتابان، منذ تأليفهما في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي، سيرورة مظفرة بحيث بلغت طبعات كل منها عدة عشرات المرات ، إن لم يفلت من هذا العد ما طبع مغافلة من صاحب الكتاب.
ولأن الحظ لا يفرق بين أجناس الكتب كما لا يفرق بين أجناس البشر؛ فتجده يخبط خبط عشواء.. من تصبه يذع وينتشر، ومن تخطئه يُهمَل ويُنسى ، ومما أخطأته يد الحظ كتابان في العروض كذلك وهما :  كتاب "العروض والقوافي" للمرحوم الشيخ عبد الفتاح بدوي  ، وكتاب " إحياء العروض" للعالم والمجمعي المرحوم عز الدين التنوخي، وهؤلاء العلماء الأربعة نشأوا وتربوا جميعا في أكناف الأزهر الشريف، فانظر كيف تحكمت يد الحظ في مصائر كتبهم فأذاعت ذكر بعضها وأخملت ذكر البعض الآخر.
كانت المرة الأولى التي سمعت فيها باسم كتاب "العروض والقوافي" للشيخ  بدوي من مقال بمجلة الأزهر نشر عام 1960م كتبه الشيخ علي العماري ردا  على الدكتور عبد الله درويش الذي نشر بالمجلة نفسها مقالا عنوانه "المصطلحات العروضية" يتهمه فيه بسطوه على بعض الأفكار التي وردت في كتاب الشيخ بدوي ، وهي أفكار قال إنها جديدة وربما لم تصل للدكتور درويش مباشرة ، لحداثة سنه إذ ذاك ، وإنما نقلها عن أستاذه الدكتور إبراهيم أنيس الذي رجح اطلاعه عليه وأظهر استفادته من كتابه ( الأمر الذي أنكره أنيس بناء على إفادة درويش ). والظاهر أن الكتاب طبع طبعة واحدة وزع أغلبها على طلاب الشيخ بدوي بالأزهر، وقد ذكر العماري أنه يحتفظ بنسخة من الكتاب وأنه يعلم آخر لديه نسخة منه. والمهم عندي بالنسبة لهذا الكتاب ، أنه مع ندرة وجوده ، يبدو لي أكثر جدوى من ذلك الكم الهائل من النسخ الكربونية لمؤلف الخليل.
والكتاب الثاني الذي ساعدني الحظ في التعرف عليه عبر تعريف وضعه شيخنا الأستاذ زهير ظاظا على صفحات الوراق، وقد تلطف وزودني ( ومعي قراء المنتدى ) ببعض ما ورد في هذا الكتاب الذي لم يعرف له نسخة إلا نسخة وحيدة بالمجمع الثقافي، ومن هذه النتف التي أوردها الأستاذ زهير عرفت أن صاحبه يتبع مدرسة الجوهري صاحب معجم الصحاح وذلك في كتابه الذي ظل مفقودا لعدة قرون حتى اهتدى إليه وعرف به محققه الدكتور محمد العلمي، وأعني كتاب عروض الورقة. 
ولنعد الآن للكتابين المحظوظين لنعلم كيف آلت يد الحظ لتعمل على انتشارهما وإسعاد ناشريهما ومعهما فريق من الأساتذة الأكاديميين الذين أسبغوا عليهما من بريق ألقابهم اللمعان . هنا تتدخل نظرية المؤامرة لتكشف عن نوايا الناشرين الجدد ، وهم لا شك جشعون ، فقد لاحت لهم فرصة بلوغ عمر الكتاب خمسين سنة عرفوا بعدها أن الورثة لا يحق لهم المطالبة بحقوق الطبع ، ثم لما لم يكونوا ينوون الاستمرار في طبعه على النحو الذي أراده صاحبه أو ورثته، بحثوا عن اسم يسبقه حرف الدال ليحتل على الغلاف مكانة لا تقل عن مكانة مؤلفه، وكل ما زاده ( الدالي) حركة إعراب على كلمة هنا أو هناك تتيح له الزعم بأنه عمل على ضبط الكتاب بالشكل ، وغير ذلك من شكليات العمل التحقيقي وقشوره الخلابة. هكذا إذن استطاع ناشر " أهدى سبيل" أن يغري الأستاذ الدكتور حسني عبد الجليل يوسف ليثبت قبل اسمه على الغلاف قوله : " شرحه وضبطه وسهل طرائقه". والدكتور حسني هذا لم يكفه تسهيل الطريق إلى هذا الكتاب وإنما امتد ( بولدوزره ) ليسهل الطريق الذي بدا غير ممهد عبر عقود من الزمان إلى كتاب "ميزان الذهب" .. لا ، بل وذهب بعيدا ، أي عبر القرون ليسهل كتاب الكافي في العروض والقوافي ، وكان مؤلفه التبريزي قد وضعه للمبتدئين من طلاب المدرسة النظامية ببغداد والمتوسطين منهم ، فكأن صاحبنا (الميسر) أراد بعمله هذا أن يجعله في متناول أطفال الحضانة. والغريب في أمر الدكتور حسني أن له كتابا من جزئين في العروض، ولو كان عاش في زمن تأليف الشيخين كتابيهما لأفادا منه وجعلا كتابه هذا من ضمن مراجعهما أو حتى مصادرهما.
ولم يقف الأمر عند هذا الأستاذ الدكتور وحده ، فقد رأى الناشرون أن ( الموضة ) في النشر أن تجلب على الغلاف ( دالا) ليروج الكتاب ، فرأينا ناشرا آخر يجيء بالاستاذ الدكتور والمحقق المعروف لكثير من كتب التراث الدكتور محمد التونجي ليضع اسمه على "ميزان الذهب". وقد رأيت بعضا ممن وضعوا أسماءهم على هذين الكتابين بغية ترويجهما ليسوا من ذوي الدال ولكنهم معروفون للمهتمين بكتب التراث شرحا وتحقيقا نحو نعيم زرزور في شرحه لكتاب أهدى سبيل وكذلك الأمر للأستاذ أنس بديوي الذي قال الناشر عن عمله في تحقيق " ميزان الذهب" : " وبالنظر إلى أهمية الكتاب فقد اعتنى أنس بديوي بتحقيقه فاهتم بضبط الكتاب ضبطا تاما وصحح ما فيه من أخطاء إملائية ونحوية ولغوية ( !!! ) كما اعتنى بتشكيل بعض المفردات المشكِلة وكذلك تشكيل الأبيات الشعرية تشكيلا تاما ووضع علامات الترقيم وخرّج الآيات القرآنية وشرح المفردات الغريبة ووضع ترجمة كاملة لحياة المؤلف".
وربما لم يجد الناشر دكتورا يوافقه على تأجير لقبه ليقبع على غلاف كتاب لا يخصه، فاضطر أن يضع اسمه هو بدلا منه كما فعل عمر الطباع الذي بدا لي أنه ناشر لا محقق وقد كنت رأيت اسمه يتصدر أغلفة كثير من الكتب التراثية، فشاء أن يزيد عليها "أهدى سبيل". أليس غير هؤلاء من يستحق أن نقف أمامه وقفة احترام وتقدير ؛ بلى ، إنه الشيخ الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي الذي اكتفى بوضع تصدير لأهدى سبيل في طبعته الثالثة عشر ولم يشأ أن يجعل اسمه مشاركا لصاحبه في الظهور على الغلاف.
إن التحقيق عمل عظيم الجدوى ، وهو ضروري لكي يجعل الكتاب التراثي متاحا لقارئه الحالي وأن يخدمه بأن ينشره كما أراد له صاحبه أن يكون في الأصل. والملاحظ أن تراثنا العلمي باق في أقبية السراديب يتطلع إلى من ينفض عنه غبار القرون ويطلعنا عليه في ثوب علمي قشيب ، غير أن ما يبدو لي أن أهل التحقيق يبحثون عن السهولة في العمل وترى بعضهم يتناول الكتاب المحقق فيحققه مرة ثانية بزعم أنه وجد كلمة في إحدى النسخ أغفلها أحد الناسخين وأنه لا بد لذلك من أن يعيد نشر الكتاب محققا من جديد ، هذا وتراثنا الذي لم يحقق بعد يلوح كجبل الجليد، معظمه في الماء وليس إلا قمتة طافية.
لكم أتمنى أن أحصل على نسخة من كتابي بدوي والتنوخي .. لا لأنشرهما بعد تحقيقهما، بل لأفيد منهما فأنا أعلم أنهما لن يروجا في ظل سوق الكساد العظيم. وأنا ، يعلم الله ، لا أنوي التقليل من شأني الميزان وأهدى سبيل وأن كنت لا أرى فيهما مزية تفوق سائر الكتب التي وضعت منذ ابتدع الخليل عروضه ، أو كما قال أبو قيس عز الدين التنوخي في مقدمة إحيائه: " واطلعت على جل ما ألفه المتأخرون ، فألفيت وجوه الشبه قوية بين الطريقتين ، المتقدمة والمتأخرة ، ما خلا تداريب الشعر التي تزيد في الكتب الحديثة على القديمة، وبها وحدها لا تكون حديثة".   
    

 1  2  3 

*عرض كافة التعليقات
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
الدال المهملة    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
أهلا وسهلا بعودة أستاذنا الأكرم الدكتور سليمان أبو ستة: وكل الشكر لكم أستاذنا على هذه الشجاعة متمنيا المزيد من التوضيح والتفصيل حول نشرات كتاب ميزان الذهب  وأما الدال المهملة فلها في ذاكرتي تاريخ حافل بالعجائب والغرائب وقصص التدليس والتزوير والسوقية واللصوصية، وخاصة عندما تكون الدال في الطب والكتاب في الأدب. أو تكون الدال مجرد سلعة تباع وتشترى. أكرر شكري وترحيبي بعودتكم سيدي، ودام فضلكم
*زهير
3 - ديسمبر - 2007
ابن بجدتها    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
وأنا بدوري أرحب بعودة أستاذنا الجليل/ سليمان أبو ستة إلى أروقة الوراق، وهو الذي كان قد فتح لي أبوابه العالية.
ويعلم أخي (أبو إيهاب) أنني أستمتع وأستفيد كثيراً مما يكتبه في العروض، علماً يتّسم بكثير من الفهم والإجادة..
ولقد كنت قرأت له موضوعاً شبيهاً، أظنه حول تيسير كتاب الكافي للتبريزي، عمل الدكتور حسني عبد الجليل، أرجو أن نراه منشوراً هنا.
وللعلم أخي: أبو إيهاب، فأظن أن الدكتور الجليل قام بتحقيق كتاب العروض لابن جنّي، وهو الكتاب المحقق مرتين قبله كما تعلم. وسأتأكد من هذه المعلومة لاحقاً، لأنني الآن بعيد عن المصدر.
 
الشكر والترحيب مرة أخرى بأستاذنا أبي ستة
 
وهمسة في أذن أستاذنا الجليل: زهير ظاظا، أن يتحفنا بما في ذاكرته العجيبة عن تاريخ الدالات المهملة، شريطة (أن لا يُغمّق كثيراً) في حملته على دال الطب وكتب الأدب!! حتى لا يصيبنا من حملته رذاذ!!
 
د.عمر خلوف
طبيب بيطري
دراسات عليا في التشخيص المخبري
*عمر خلوف
3 - ديسمبر - 2007
عذرا من الأستاذ عمر    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
تحية طيبة أستاذنا عمر خلوف: والمعذرة من كلمتي ولكنني بينت فيها أنني أردت بها التدليس والمدلسين،  وهذه الحالة لا تنطبق عليكم لأنكم منذ اللحظة الأولى عرفتم بأن شهادة الدكتوراه التي تحملونها هي في الطب البيطري وليست في الأدب، ولا أراكم تخالفونني الرأي في أنه تدليس مقيت أن يعمد الدكتور في الطب إلى تأليف كتاب في تاريخ الأدب العربي ويقدم نفسه هكذا تأليف (د.) لأن القارئ في هذه الحالة سيظن أنه يقرأ لدكتور في الأدب العربي، ولا أريد أن يفهم من كلامي أني أغمط من حق الشهادات العليا التي يجب أن تعني الكثير، وأن الشواذ ألا تعني سوى حبر على ورق.
وأما ما أحمله في ذاكرتي من أخبار الدال المهملة فقد ذكرت أمثلة من ذلك في (عثرات الكبار) في نوادر النصوص، وأذكر لك هنا واحدة منها، عن واحد من كبار مشايخ الأزهر، جمع رسائل ابن تيمية وحققها ونشرها وصارت عمدة الناشرين من بعده، وزعم في مقدمة الكتاب أن ابن تيمية من حران وهي قرية من قرى دمشق كما يقول، وكنت مرة أحكي عن هجرة بني تيمية من حران في تركيا إلى دمشق فابتدرني أحد السامعين بأن ابن تيمية من (حران العواميد) في دمشق فرردت عليه بأن كلامه خطأ فأخذته الحمية وقال بل أنت تهرف بما لا تعرف وانتظر حتى أريك غرورك أمام الناس وذهب وجاء بهذا الكتاب. ولكن سرعان ما قام واحد من خلصاء أصدقائي وقال له: هذا الدكتور جاهل مثلك وسوف يأتيك زهير بمائة كتاب تثبت أن حران التي ينتسب إليها ابن تيمة مدينة في تركيا كانت لا تقل عراقة عن دمشق والإسكندرية وبغداد، وتعتبر واحدة من عواصم الثقافة في العالم وقد كشف أوليري في كتابه (مسالك الثقافة الإغريقية إلى العرب) عن دورها في ريادة الفكر وانتقال الثقافة الإغريقة إلى العرب عن طريقها، فكيف تكون قرية في دمشق.
*زهير
4 - ديسمبر - 2007
ما أردتُ إلا (المفاكهة)    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
أستاذنا الفاضل..
 
ووالله ما أردتُ إلاّ (المفاكهة)، وأنت تعلم مكانتكم في قلوب جميع سراة الوراق، لأنني أواجه الكثير من مثل هذه التساؤلات، على الرغم من أنني لا أغفل ذلك في أي من المنتديات (الالكترونية)، أو (الأدبية)، بل وفي ترجمتي القصيرة في (معجم البابطين للشعراء)، وما أردت في (مفاكهتي) إلاّ تحفيزكم على فضح مثل هؤلاء المدلسين، لأنني من أشد الناس مقتاً للكذب والخداع..
بل لقد انتشرت هذه الأيام ظاهرة (الدالات المزورة) التي تُشترى بقليل من الدولارات، بصورة لافتة للنظر، وتحتاج حقاً إلى إفرادها بالبحث، واقتراح الحلول العملية لفتح ما أسميتَه في مداخلتك الأولى: (سلة المهملات). وأنا أعرف شخصياً عدداً من مثل هؤلاء، وقد عُرضت عليّ هذه (الدال المزورة في الأدب) فأبيت.
 
سأعود بالتأكيد إلى مراجعة (عثرات الكبار في نوادر النصوص) لأستمتع بعلمكم، وأمتاح من فضلكم.
 
أخوكم الأصغر
عمر خلوف
 
 
*عمر خلوف
4 - ديسمبر - 2007
أمثلة من تحقيقات ألتونجي    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
رأيت أن أعدل في تعليقي السابق فالمعذرة من الأساتذة ولكني أضع أمامكم هذه التعريفات لنرى فيها رأيكم فلعلي لم أفهم ؟ واكتفي هنا بهذه الأمثلة:
 قال د. ألتونجي تحت عنوان ملخص الهزج: (يجب استعمال عروضه على وزن "مفاعيلن" إلا للتصريع ويجب استعمال ضربها إما على وزن مفاعيلن وإما على وزن فعولن. ويدخل في حشو الهزج من الزحاف كف مفاعيلين فيصير "مفاعيل" وهو مستحسن حتى في العروض، وقبض "مفاعيلن" وهو مقبول بشرط ألا يتفق الزحافان في الجزء الواحد) هذا كلام ألتونجي وهو كلام مضطرب ومتناقض، فكيف يقول: يجب استعمال عروضه على وزن "مفاعيلن" إلا للتصريع، ثم يقول وهو مستحسن في العروض. والحق أنه لا يجب استعمال عروض الهزج على مفاعيلن، بل يجوز فيها مفاعيل ويستحسن.
وقال في جوازات الوافر: (ويجوز في بحر الوافر من التغيير عصب (مفاعلتن) فتصير "مفاعيلن)..... ويجوز استعمال "مفاعلتن" على وزن "مفاعيلن" وهو قبيح) لم أفهم ؟.
وقال في ملخص الرمل: (وإن استعمل مجزوءا يجب استعمال عروضه على وزن فاعلاتن إلا للتصريع ويجب استعمال ضربها إما على وزن فاعلاتان أو فاعلاتن أو فاعلن) فهل هذا كلام صحيح ؟
*زهير
4 - ديسمبر - 2007
لا بأس    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
المعروف عن الهزج أن له عروضا واحدة ، وضربين : مفاعيلن وفعولن. فاذا جاء مطلع القصيدة مصرعا أشبهت العروض الضرب، وبذلك نرى العروض فعولن. نحو ما رواه التبريزي بلا نسبة قوله :
أمن ربع مُحيلِ ......تبَكّى في الطلولِ
ويبدو أن سبب اللبس عند أخي زهير أن لا يصرع قصائده.
والأمر نفسه في مجزوء الرمل وله عروض واحدة وثلاثة أضرب : فاعلاتان وفاعلاتن وفاعلن. فإذا بنى الشاعر قصيدته على الضرب فاعلن وشاء أن يجعل مطلعها مصرعا جاء العروض على فاعلن.
وأما الوافر فجوازاته تتفق عليها كتب العروض ، ولكن لم أفهم العبارة المذكورة فلعل بها تصيفا أو تحريفا ما .
 
 
*سليمان
4 - ديسمبر - 2007
أين اللبس    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
أين اللبس يا أستاذنا فأنا صراحة لم أفهم ؟ وسؤالي حول (مفاعيل) هل صحيح أنها ليست من عروض الهزج ؟ وفي هذه الحالة ماذا نفعل بآلاف الأبيات التي جاءت على عروض مفاعيل، وأكتفي بالتمثيل لذلك بطائفة من شعر أبي نواس كقوله:
وَمَن غابَ عَنِ العَينِ فَقَد  غابَ عَنِ iiالقَلبِ
وقوله:
وَلَحظٌ صائِبُ الأَسهُ مِ لِـلـمُهجَةِ جَرّاحُ
وقوله:
لَقَد  صَوَّرَكَ iiاللَهُ فَما حَلّى وَلا مَلَّح
وقوله:
وَيـا  لَيتَكَ في iiاللُجَّ ةِ لا تُحسِنُ أَن تَسبَح
وقوله:
ولحم الجمل iiالراض ع مسموطاً ومسلوخا
 
 
 
*زهير
5 - ديسمبر - 2007
وجه اللبس    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
تبين لي وجه اللبس يا أستاذ وأعتقد أن جوابكم سيكون إن مفاعيل هي نفسها مفاعيلن المكفوفة، ولكنني أرى أنهما عروضان مختلفتان وكنت قد فهمت من كلام الأستاذ ألتونجي أنه لا يرى ذلك ثم تبين لي أنني أخطأت في فهم كلامه، وأنه يرى كغيره من العروضيين (مفاعيل) ومفاعيلن عروضا واحدة.
 وأما كلمته في الوافر فلا أدرى ماذا قصد بها، وأما قوله في مجزوء الرمل: (يجب استعمال عروضه على وزن فاعلاتن) وأراكم وافقتموه فهل هذا يعني أن (فاعلن) و(فعلن) لا تصحان عروضا لمجزوء الرمل ؟
*زهير
5 - ديسمبر - 2007
أنت محق..    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
نعم أستاذنا زهير
 
فكلام د.ألتونجي مضطرب ومتناقض، وكلام ألتونجي عموماً لا يُعتمد عليه..
 
إن ما يفرّق الهزج عن مجزوء الوافر في رأيي هو ورود (مفاعيلُ)، جوازاً شائعاً، سواء في الحشو أم العروض، جنباً إلى جنب ودون مفاضلة بينها وبين الأصل: (مفاعيلن). وقصائد القدماء خير دليل على ذلك، كما في الأمثلة التي أوردتها من شعر أبي نواس.
يقول الشريف الرضي:
أما كنتَ مع الحيِّ ** صباحاً حينَ ولّينا
وقد صاحَ بنا المجدُ ** إلى أينَ؟ إلى أينا؟
 
أما مجيئُها في مجزوء الوافر فهو خلط بين متباينين، وذلك على الرغم من رصدها في قليل من شعر القدماء، والكثير جداً من شعر المتأخرين، وإجازتها من قبل العروض التقليدي.
 
أما قوله في جوازات الوافر: (ويجوز استعمال "مفاعلتن" على وزن "مفاعيلن" وهو قبيح)، فغير صحيح أيضاً، ولكن ربما كان المراد: (ويجوز استعمال "مفاعلتن" على وزن "مفاعيلُ" وهو قبيح).
 
وأما قوله في ملخص الرمل: (وإن استعمل مجزوءاً يجب استعمال عروضه على وزن فاعلاتن إلا للتصريع، ويجب استعمال ضربها إما على وزن فاعلاتان أو فاعلاتن أو فاعلن) فهو كلام صحيح، وهو كلام كتب العروض التقليدية، إلاّ أن الشعراء أتوا بالضرب مذيّلاً على (فاعليّاتن)، وأمثلته نادرة، لم يُشر إليها أحد على حد علمي، كقول خالد الكاتب:
 
أنا في شُغْلٍ بما تَعْــ ** ـذِلُني [فيهِ] عنِ العذْلِ
وفؤادي من هوى مَنْ ** لا أُسمّيهِ على وجْلِ
فدعِ اللومَ فما لي ** في الذي أهواهُ منْ مثْلِ
أملكتْني رغبتي في ** وصْلِ من يرغبُ في وصْلي
ولأبي هلال العسكري:
يا أبا القاسمِ هل أبْـ ** ـصَرْتَ شبْهاً لكَ في قُبْحِكْ
ونظيراً لكَ في شُؤْ ** مِكَ أو لؤمِكَ أو شُحّكْ
إنَّ مَنْ شبّهَكَ الكلْـ ** ـبَ فقد بالَغَ في مدْحِكْ
 
كما جاؤوا بالضرب مقصوراً على (فاعلانْ)، وهو ما أشار إليه د. إبراهيم أنيس، مدّعياً أن العقاد ربما كان أول من كتب عليه. وأمثل له بقول أبان بن عبد الحميد اللاحقي:
ليتني؛ والجاهِلُ المغْـ ** ـرورُ مَنْ غُرَّ بلَيْتْ
نلتُ ممّن لا أُسمّي ** وهو جاري بَيتَ بيْتْ
قبلةً تُنعِشُ مَيْتاً ** إنني حيٌّ كَمَيْتْ
لا أسميهِ ولكنْ ** هو في كَيْتَ وكيْتْ
وأنشد الفرخان من شعره:
يا خليليَّ اعذرانْ ** ودَعاني والغَوانْ
ليس يُرجى لي سلوٌّ ** ليس لي في الحب ثانْ
ضقتُ ذرعاً بحبيبٍ ** ما رعاني مذْ شَجانْ
راع بالصدّ فؤادي ** وجفاني يوم بانْ
وقد كثرت الكتابة عليه عند المحدثين.
 
*عمر خلوف
5 - ديسمبر - 2007
في صحبة الزجاج    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
 
أخي الحبيب زهير
الحمد لله على زوال اللبس، ولكن يبدو لي أنه بقيت منه بقية تمثلت في قولك إنك ترى أنهما عروضان مختلفان . هما، ورب الخليل، عروض واحدة (مفاعيلن) وهي تسلك مسلك الحشو في الزحاف فترد على وزن (مفاعيلُ) وإن كانت تختلف عن الحشو في أنها لا ترد على وزن (مفاعلن) إلا عند الأخفش والزجاج . وبالمناسبة فقد أستلمت بالأمس من دار الرشد 20 نسخة من كتاب العروض للزجاج الذي حققته ونشرته في مجلة الدراسات اللغوية قبل ثلاثة أعوام ، ويسرني أن أهديك منه نسخة لك شخصيا وعدة نسخ غيرها للإيداع في المجمع  الثقافي  لعلي بها أقايضهم بنسخة مصورة من كتاب إحياء العروض للتنوخي. ونعود لموضوعنا ، قال الزجاج : " وزحافه ( يعني الهزج ) أن كل (مفاعيلن) فيه يجوز فيها سقوط الياء حتى تصير ( مفاعلن) ، إلا التي في العروض ؛ فإنه يُكرَه منه اللبس بالوافر والرجز، وإن جاء لم يُستَنكَر ، إلا أنه إذا جاء أنبأ ما قبله وما بعده عن حقيقة بنية الشعر". وقد أكد الشنتريني صحة هذا القول عن الأخفش والزجاج وأثبته في المعيار في فصل شواذ الهزج ، ومثل له بقوله:
مناقب ذكرتها ......لطلحة الشريف
ثم لماذا ، يا أخي ، ترى أن مفاعيلن ومفاعيل عروضان مختلفان ، كأني بك ترى إلى فعولن وفعولُ وفعلْ وفعولْ أربعة أعاريض للمتقارب وبذاك تزيد أعاريض هذا البحر ثلاثة فوق الأربعة التي وضعها الخليل لهذا البحر المدلل ( لأنه آخر العنقود عنده ! ).
وتقول : "فهل هذا يعني أن (فاعلن) و(فعلن) لا تصحان عروضا لمجزوء الرمل" ؟ نعم ، أو هكذا هو الحال عند الخليل وجمهور العروضيين، ولكنه عند الزجاج وعمر خلوف وعندك وعندي أنها تصح . قال أبو إسحاق : " والذي رأيت زائدا في هذه العروض ( يقصد عروض الهزج ) عروض ثالثة ولها ضرب واحد ، وهي على أربعة أجزاء :
فاعلاتن فاعلن ..... فاعلاتن فاعلن
وبيتها :
بؤس للحرب التي ..... غادرت قومي سدى
قال أبو إسحاق : وأكثر ما رأيته جاء في هذه العروض (فَعِلُن) . رووا شعرا يقال إنه لأخت تأبط شرا ، وهو :
ليت شعري ضلة..... أي شيء قتلك
أمريض لم يُعَد ....... أم عدوٌ خَتَلك
كل شيء قاتل  ....... حين تلقى أجلك
والمنايا رَصَدٌ ........ للفتى حيث سَلَك
*سليمان
5 - ديسمبر - 2007

 
   أضف تعليقك
 1  2  3