من هو بطل هذه المغامرة؟ ( من قبل 1 أعضاء )
رأي الوراق : قيّم
فمن بطل هذه الرّواية؟ بطل هذه الرّواية رجل مغمور من مماليك الملك الأشرف الأيوبي صاحب حِمص، اسمه: صارم الدّين أزبك (أوزبك) الأشرفي. لا تفيدنا كتب التّراجم عن سيرة حياته أي شيء، وما ظنّه المستشرق دلاّ ڤيدا إلماعاً له في ترجمة صارم الدّين أزبك ابن عبد الله الحلبي (توفي 679 هـ) ليس إلا تشابهاً بالاسم، والدّليل الجازم يقدّمه لنا مؤرّخ مصر الكبير ابن تَغري بَردي (وهكذا اسمه بفتح الباء وليس بضمّها)، في ترجمته لأزبك الحلبي الذي كان من »أمراء« عزّ الدّين أيبك الحلبي، لا من »مماليك« الأشرف الأيوبي. وعلى ذلك يبقى بطلنا مجهول الهويّة ومجهول مكان الولادة أو الوفاة، وحتى اسم أبيه لا سبيل إلينا إلى معرفته. الأثر الوحيد الذي وصلنا عنه هو النّص الرّائع لمغامرته، حفظته لنا مخطوطة فريدة من تاريخ الأمير شهاب الدّين قَرَطاي العِزّي الخَزْْنَداري، التي ما برحت قابعة في مكتبة جامعة گوطا Gotha بألمانيا (برقم: Ar. 547) في جزء مفرد يضمّ أخبار 626-689 هـ. غير أن هناك لحسن الحظ نقولاً منها في تاريخ ناصر الدّين محمد ابن الفُرات (توفي 807 هـ): »الطريق الواضح المسلوك إلى معرفة تراجم الخُلفاء والملوك«. أول من أشار إلى النصّ كان المستشرق الإيطالي (من أصل سفاردي إسپاني) ج. ليڤي دلاّ ڤيدا، فنقل النّص الوارد في مخطوط الجزء 6 من تاريخ ابن الفُرات المحفوظ في مكتبة الڤاتيكان بروما (برقم: 726)، وقابلها بنسخة مكتبة البلاط الملكي بڤيينّا (برقم: 814). لكنه مع ذلك يشير إلى محاولته - بغير طائل - الاطّلاع على أصل تاريخ الأمير قَرَطاي العزّي المحفوظ في گوطا. وفي عام 1935، نشر نصّ أزبك مُصدّراً بمقدّمة وافية باللغة الإيطالية، مع ترجمة إيطالية وحواش مستفيضة قيّمة، لولا أن فيها أخطاءً فيما يخصّ تعابير اللغة التركية، التي يجهلها كما هو واضح. وصدرت الدّراسة المذكورة في مجلّة أورْيِنْتاليا (ص 353-376) بعنوان: G. Levi Della Vida: “L’invasione dei Tartari in Siria nel 1260, nei ricordi di un testimone oculare”. In: Commentarii Periodici Pontificii Instituti Biblici «ORIENTALIA», Volume IV, Nova Series, Roma 1935. قمنا بنقل النّص عن دلاّ ڤيدا، بعد أن ترجمنا مقدّمته عن اللغة الإيطالية (نرجئ نشرها كاملة إلى مناسبة أخرى)، وعلّقنا عليه بما يلزم. ثم أتبعناه بنصّ لابن تَنڮري (تغري) بَردي الأتابكي من كتابه »النّجوم الزّاهرة في مُلوك مصر والقاهرة«، لإكمال صورة المشهد التاريخي للفترة والأحداث التي تجري بها رواية الصّارم. وأخيراً.. نعد بنشر نص شديد التشابه مع هذا النص، إنما كانت أحداثه جرت بعد 147 عاماً، عندما أقبلت جحافل الجيش المغولي تحاصر دمشق في عام 803 هـ / 1400 م، وكان قائد المغول الغازي الدموي الرّهيب تيمورلنك.. حينذاك تمّ بظاهر أسوار دمشق لقاء من نوع مشابه للقاء الصارم أوزبك بخان التتار هولاگو.. إنما الفارق أن اللقاء الثاني كان بين تيمورلنك وشخصية يعرفها كل واحد منا تمام المعرفة: إنه ابن خلدون، صاحب المقدّمة الشهيرة والتاريخ المعروف. فهل لعب ابن خلدون دوراً مشرّفاً كالذي لعبه هذا البطل المجهول البسيط صارم الدين أوزبك؟ وما الذي دار بالضبط من حوار بينه وبين الغازي الرّهيب؟! هذا ما سنراه في مجلسنا القادم.. مع مفاجآت لا تخطر ببال! المصــادر: ذيل كتاب الرّوضتين لأبي شامة، 220، 229. البداية والنهاية لابن كثير، حوادث سنة 658-659 هـ. النجوم الزّاهرة لابن تغري بردي، 7: 74-83. النجوم الزّاهرة لابن تغري بردي (ذكر أزبك الحلبي)، 7: 56، 344. عَقد الجُمان للعَيني، 1: 229-270. ثمرات الأوراق لابن حجّة الحموي (لقاء صفي الدّين بهولاگو)، 461. |