مستمتعاً وشغوفاً بمثنوى جلال الدين الرومى ،ترجمة وشرح وتقديم الأستاذ الدكتور /إبراهيم الدسوقى شتا.... أقرأ أشعاره الرائعة وقصصه الشيقة ، وأذكر له هذه القصيدة الخالدة( أنين الناى )،وهى مفتتح ديوانه المثنوى : - استمع إلى هذا الناى يأخذ فى الشكاية ، ومن الفرقات يمضى فى الحكاية . - منذ أن كان من الغاب اقتلاعى ، ضج الرجال والنساء فى صوت إلتياعى . - أبتغى صدراً صدراً يمزقه الفراق ، كى أبث شرح آلام الفراق. - كل من يبقى بعيدا عن أصوله ، لايزال يروم أيام وصاله. 5- نائحاً صرتُ على كل شهود، وقرينا للشقى ةالسعيد. - ظن كل إمرىء أن صار رفيقى ، لكنه لم يبحث من داخلى عن أسرارى . - وليس سرى ببعيد عن نواحى ، لكنه العين والأذن قد حُرمتا هذا النور . - وليس الجسد مستوراً عن الروح ولا الروح مستورة عن الجسد، لكن أحداً لم يؤذن له بمعاينة الروح. - وأن هذا الأنين نار وليس هواء ، وكل من ليست لديه هذه النار ليكن هباءً. 10- ونار العشق هى التى نشبت فى الناى ، وغليان العشق هو الذى سرى فى الخمر. - والناى صديق لكل من إفترق عن أليفه ،ولقد مزقت أنغامه الحجب عنا. - فمن رأى كالناى سماً وترياقا?،ومن رأى كالناى نجياً ومشتاقا?. - إن الناى يتحدث عن الطريق الملىء بالدماء ، والناى هو الذى يروى قصص عشق المجنون. - وهذا الوعى محرم إلا على من فقد وعيه ، كما أنه لا مشترٍ للسان إلا الأذن. 15- لقد صارت الأيام تسعى فى أحزاننا بغير وقت ،وأصبحت قرينة للأحزان والمحن. - فإن مضت الأيام فقل لها إذهبى ولاخوف ، ولتبق أنت يامن لا مثيل لك فى الطهر. - ولقد ملءهذا الماء من ليس بحوته ، وطويل يوم من يوم من لاقوت له منه. - أن أحوال الكمل العارفين لا يدركها فج ساذج.ومن ثم يبتغى أن نقصر فى الكلام ...فسلاما. - ولتحطم القيد ولتكن حراً يابنى ، فحتام تظل عبدا للفضة وعبدا للذهب ? 20- وإنك إن تصب تصب البحر فى إناء ، فكم يسع? نصيباً يكفيك ليوم واحد. - وإن آنية أعين الحريصين لم تمتلىء قط، وما لم يقنع الصدف لا يمتلىء بالدر. - وكل من مزق ثوبه من عشق ما،فقد برىء من الحرص ومن كل العيوب. - ولتسعد إذن أيها العشق الطيب، ياهوسنا ، ياطبيباً لكل عللنا . - يادواءً لكبريائنا وعنجهيتنا ، يامن أنت لنا بمثابة أفلاطون وجالينوس . 25- لقد سما الجسد الترابى من العشق حتى الأفلاك ، وحتى الجبل بدأ فى ارقص وخف. - أيها العاشق ، لقد حل العشق بروح طور سيناء ، فثمل الطور وخر موسى صعقا. - وأنا لو كنت قرينا للحبيب ، لكنت كالناى ، أبوح بما ينبغى البوح به. - لكن كل من إفترق عمن يتحدثون لغته، ظل بلا لسان ، وإن كان لديه ألف صوت . - والورد عندما مضى " أوانه" وماتت روضته ،فلن تسمع البلبل بعد يروى سيرته. 30- والكل معشوق ،والعاشق مجرد حجاب ،والمعشوق حى ،والعاشق إلى موت. - ولو لم يقم العشق برعايته، يبقى كطائر بلا جناح ،ويل له. - فكيف يكون لى علم بما أمامى وبما ورائى ،إن لم يكن نور حبيبى أمامى وورائى. - إن العشق يريد أن يصدر منى هذا الشعر ،وإن لم تكن المرآة مُنبئة فماذا تكون ? - أتدرى لماذا لا تنبىء مرآتك ? ذلك لأن الصدأ لم يُجل عن وجهها. |