يوري أفنيري في رد على بابا الفاتيكان أكبر دليل إذ قال: " - ...إذ يجب الحكم على الطريقة التي عامل فيها الإسلام الديانات الأخرى وذلك بإجراء اختبار بسيط: فكيف تصرف الحكّام المسلمون منذ أكثر من ألف سنة، عندما كانوا يملكون القوة ويستطيعون "نشر الدين بالسيف"?
- حسناً، فهم لم يفعلوا ذلك.
- فقد دام حكم المسلمين على اليونان قروناً عديدة. لكن هل أصبح اليونانيون مسلمين? هل حاول أحد أن يرغمهم على اعتناق الإسلام? على العكس، فقد تبوأ المسيحيون اليونانيون أعلى المناصب في الإدارة العثمانية. وعاش البلغاريون والصرب والرومانيون والهنغاريون وشعوب دول أوربية أخرى لفترات متفاوتة تحت حكم الدولة العثمانية، وتمسكوا بدينهم المسيحي. إذ لم يرغمهم أحد على اعتناق الإسلام، وظلوا جميعهم مسيحيين أتقياء.
- صحيح أن الألبانين اعتنقوا الإسلام، وكذلك البوشناق. لكن لا يستطيع أحد أن يدّعي بأنهم اعتنقوا الإسلام بالإكراه، بل اعتنقوه لتكون لديهم حظوة لدى الحكومة وليتمتعوا بخيراتها.
- في عام 1099، غزا الصليبيون القدس وأعملوا في سكانها المسلمين واليهود قتلاً وذبحاً بدون تمييز، وذلك باسم السيد المسيح المتسامح الرقيق الجانب.
- في ذلك الحين، كان قد مضى على احتلال المسلمين لفلسطين400 سنة، وكان المسيحيون لا يزالون يشكلون غالبية السكان في البلاد. وخلال هذه الفترة الطويلة، لم يبذل المسلمون أي جهد لفرض دينهم عليهم. أما بعد أن ُطرد الصليبيون من البلاد، بدأ معظم السكان يتكلمون اللغة العربية وأخذوا يعتنقون الدين الإسلامي - وهم أسلاف معظم فلسطينيي اليوم.
- لا يوجد أي دليل على الإطلاق على وجود أي محاولة لفرض الإسلام على اليهود. وكما هو معروف تماماً، فقد نعم يهود أسبانيا، تحت حكم المسلمين، بازدهار لم يتمتع به اليهود في أي مكان من العالم حتى وقتنا هذا تقريباً.
فقد نظم شعراء مثل يهودا هاليفي (الشاعر الأندلسي المعروف باسم أبو حسن اللاوي) باللغة العربية، كما كان يفعل الفيلسوف اليهودي موسى بن ميمون العظيم. وفي أسبانيا الإسلامية، شغل اليهود مناصب وزراء، وكانوا شعراء وعلماء معروفين. وفي طليطلة الإسلامية، كان العلماء المسلمون واليهود والمسيحيون يعملون معاً وقاموا بترجمة النصوص اليونانية الفلسفية والعلمية القديمة. كان ذلك حقاً عصراً ذهبياً. فهل من الممكن أن يكون النبي قد أمر "بنشر الدين بالسيف"?
- لكن ما حدث بعد ذلك لهو أشد أثراً في النفس. فعندما احتل الكاثوليك إسبانيا ثانية واستردوها من المسلمين، فرضوا عهد الإرهاب الديني. إذ كان أمام اليهود والمسلمين خياران قاسيان لا ثالث لهما: فإما أن يعتنقوا المسيحية، أو أن يقتلوا أو يغادروا البلاد.
وإلى أين هرب مئات الآلاف من اليهود الذين رفضوا أن يتخلوا عن دينهم? لقد استقبلوا جميعهم تقريباً بحفاوة في البلدان الإسلامية. إذ استقر اليهود السيفارديم ("الإسبان") في جميع أرجاء العالم الإسلامي، من المغرب غرباً وحتى العراق شرقاً، ومن بلغاريا (التي كانت جزءاً من الإمبراطورية العثمانية آنذاك) شمالاً وحتى السودان جنوباً. ولم يتعرضوا للاضطهاد في أي بقعة انتقلوا إليها، ولم يعرفوا شيئاً مثل التعذيب الذي كانت تمارسه محاكم التفتيش، وأعمال الحرق علناً في الساحات العامة، وعمليات القتل والذبح، والطرد الجماعي الفظيع الذي حدث في جميع البلدان المسيحية تقريباً حتى وقوع المحرقة.
- لماذا? لأن الإسلام حرّم صراحة ممارسة أيّ اضطهاد على "أهل الكتاب". فقد كان اليهود والمسيحيون يتمتعون بمكانة خاصة في المجتمع الإسلامي. صحيح أنه لم تكن لهم حقوق متساوية تماماً مع السكان المسلمين، إلا أنهم كانوا يتمتعون بجميع الحقوق تقريباً. فقد كانوا يدفعون الجزية، لكنهم كانوا معفيين من الخدمة العسكرية - وهذه مقايضة لاقت ترحيباً كبيراً لدى الكثيرين من اليهود. وذُكر أن الحكّام المسلمين كانوا يرفضون أيّ محاولة لجعل اليهود يعتنقون الإسلام حتى بالحسنى - لأن ذلك كان سيؤدي إلى خسارة الضرائب التي يدفعونها.
- لا يمكن لأيّ يهودي صادق يعرف تاريخ شعبه جيداً إلا أن يشعر بالامتنان العميق للإسلام والمسلمين الذين قدموا الحماية لليهود على مدى خمسين جيلاً، في الوقت الذي كان فيه العالم المسيحي يضطهد اليهود، وحاول في أحيان كثيرة "بالسيف" أن يجعلهم يتخلون عن دينهم." انتهى قول الكاتب الإسرائيلي.
أما بخصوص كون قواعد أهل السنة تخالف قواعد الشيعة فهذا أيضا خاطئ لأن الاختلاف بين السنة والشيعة هو اختلاف في الفروع وليس في الأصول أما الصراع الذي نشب بينهما في العراق فقد كان بسبب أمريكا التي كانت توقع بينهما حتى يسهل عليها السيطرة عليهما بعد إضعاف بعضهما البعض أو ربما دفعك أنت وأمثالك إلى الاعتقاد في أن الحل للقضية الاسلامية العراقية يتجلى في العلمانية.
وللحديث بقية في فرصة قادمة إن شاء الله تعالى
والسلام عليكم ورحمة الله