أحبائى في مجلس علم النفس والفلسفة تحية طيبة وبعد:
رسالة أتت بالمعجزات: هكذا بدا لي أن أسمي هذه الرسالة الخالدة وهي تمثل لي نهضة الإنسان إلى العلا وكيف يصير شيئا مذكورا، يذكره الناس كلما تذكروا آثاره ويقولون عنه ياه ......كم كان مبدعا ومعطاءا. وعنوان هذة الرسالة في الأصل بابا ينسى ..
إذا أحسست بالرغبة فى انتقاد اطفالك وتقريعهم، فلن انهاك بل أهمس في أذنك: رجاء اقرأ هذه القصيدة...
نشرت هذه القصيدة لأول مرة في مجلة بيبو لزهوم جورنال ثم نشرت بعد ذلك الاف المرات ونحن ننشرها او على الاصح نعيد نشرها كما لخصتها مجلة ريدرز دايجست بعنوان بابا ينسى ولعل سر عظمتها وخلودها الواقعية والعفوية التي تتسم بها، وما يتحد عن كل كلمة من الإحساس المرهف والعاطفة الجياشة التي تهزك وأنت تقرأ كل عبارة من عباراتها .. منذ نحو 15عاما ترجمت القصيدة الى الكثير من اللغات، وكلما قرأ قارئ أحس بأن متعته بالقصيدة تكون أكبر وأعمق إذا ترجمها إلى لغة أهله وأصدقائه.
ويقول كاتبها لفنجستون لارند..احيانا تسمع للشىء الصغير رنة تهز كيانك وتسرى فى اوصالك ..واحسب ان لهذة الكلمة رنة من هذا النوع ................
باباينسى ..........بقلم..لفنجستون لارند.....
يا بني..أكتُبُ إليك هذه الكلمات وأنت راقد أمامى على فراشك ..سادرٌ في نومك، وقد توسدت كفَّك الصغير، وانعقدت خصلاتُ شعرك الذهبيِّ فوق جبهتك الغضة ...فمنذ لحظات خلت كنتُ جالساً الى مكتبي أطالع الصحيفة، وإذا بفيض غامر من الندم يطغى عليّ، فما تمالكت إلا أن تسللتُ إلى مخدعك ووخز الضمير يصلينى نارا ....وإليك الأسباب التى اشاعت الندم في نفسى ...اتذكر صباح اليوم...لقد عنفتك وانت ترتدى ثيابك تاهبا للذهاب الى المدرسة لانك عزفت عن غسل وجهك واستعضت عن ذلك بمسحة بالمنشفة ولمتك لانك لم تنظف حذائك كما ينبغى ..وصحت بك مغضبا لانك نثرت بعض الادوات عفوا على الارض ..وعلى مائدة الافطار ..احصيت لك الاخطاء واحدة واحدة فقد ارقت حساءك والتهمت طعامك واسندت مرفقيك الى حافة المائدة ووضعت نصيبا من الزبد على خبزك اكثر مما يقتضية الذوق وعندما وليتَ وجهك شطر ملعبك واتخذتُ انا الطريق الى محطة القطار التفتَ اليَّ ولوحتَ لي بيدك وهتفتَ ..مع السلامة يا بابا وقطبت لك جبينى ولم اجبك ثم اعدت الكرة فى المساء ففيما كنت اعبر الطريق لمحتك جاثيا على ركبتيك تلعب البلى وقد بدت على جواربك ثقوب فأذللتك أمام أقرانك إذ سيرتك أمامى مغضبا باكيا ان الجوارب يا بنى غالية الثمن ولو كنت انت الذى تشتريها لتوفرت على العناية بها والحرص عليها ..افتتصور هذا يحدث من اب ...ثم اتذكر بعد وانا اطالع في غرفتى كيف جئت تجر قدميك متخاذلا وفى عينيك عتاب صامت فلما نحيت الصحيفة عني وقد ضاق صدري لقطعك على حبلَ خلوتى وقفت بالباب مترددا وصحت بك اسالك ماذا تريد لم تقل شيئا ولكنك اندفعت الى وطوقت عنقى بذراعيك وقبلتني وشددت ذراعيك الصغيرتين حولي فى عاطفة اودعها الله قلبك الطاهر مزدهرة لم يقو حتى الاهمال ان يذوى بها ثم انطلقت مهرولا تصعدالدرج الى غرفتك...يا بني ...لقد حدث هذا بعد ذلك ببرهة وجيزة ان انزلقت الصحيفة من بين اصابعى وعصف بنفسى ألم عات ...يا الله الى اين كانت العادة تسير بي عادة التفتيش عن الاخطاء عادة اللوم والتانيب أكان ذلك جزاءك مني على انك ما زلت طفلا، كلا لم يكن مرد الامر لأني لا احبك بل كان مرده اني طالبتك بالكثير برغم حداثتك كنت اقيسك بمقياس سنى وخبرتي وتجاربي ولكنك كنت في قرارة نفسك تعفو وتغضي ...وكان قلبك الصغير كبيرا كبر الفجر الوضاء فى الافق الفسيح ...فقد بدا لي هذا فى جلاء من العاطفة المهمة التى حدت بك الى ان تندفع وتقبلني قبلة المساء لاشىء يهم الليلة يا بني لقد اتيتُ الى مخدعك فى الظلام وجثوتُ امامك موصوما بالعار ..وانة لتفكير ضعيف ...اعرف انك لن تفهم مما اقول شيئا لو قلته لك فى يقظتك ولكني من الغد ساكون أباً حقاً سأكون زميلا وصديقا سأتألّم عندما تتألم، وساضحك عندما تضحك، وسأعض لساني اذا اندفعت اليك كلمة من كلمات اللوم والعتاب، وسأرد على الدوام - كما لو كنت اتلو صلاتى --- إن هو الا طفل --لشد ما يحز فى نفسى اننى نظرت اليك كرجل ...الا انى وانا اتاملك الان منكمشا فى مهدك ..ارى انك ما زلت طفلا وبالامس القريب كنت بين ذراعي امك يستند راسك الصغير الى كتفها ..وقد حملتك فوق طاقتك....
.................من كتاب كيف تكسب الاصدقاء وتؤثر فى الناس تاليف ديل كارنجى ...تعريب عبدالمنعم محمد الزيادى ص.261و262و263و264و265 |