مجلس : علم الاجتماع

 موضوع النقاش : مالك بن نبي ونقد الاستشراق .....    قيّم
التقييم :
( من قبل 1 أعضاء )

رأي الوراق :

 زين الدين 
29 - مارس - 2007
بسم الله الرحمن الرحيم ....
 
في كتابه " الاستشراق والوعي السالب " يشير الدكتور خيري منصور إلى بعض القراءات النقدية العربية التي وجهت للاستشراق خلال مطلع القرن الماضي ... مركزا على آراء حنا الفاخوري من الموضوع ...
 
ولا شكّ أنّ الحقل الفكري العربي عامر بمثل هذا السجال الذي قد يمتدّ إلى ردود علماء الكلام ذوداً عن عقائد الإسلام في القرنين الثاني والثالث للهجرة .
 
ولعلّ من أهمّ ردود الثقافة العربية المعاصرة على هذه الظاهرة ، آراء المفكر الجزائري مالك بن نبي المبثوثة في مقال بعنوان : إنتاج المستشرقين وأثره في الفكر الإسلامي الحديث " .
وتكمن أهمية هذه الآراء في ما يأتي من محاور :
ـ لم يتوجّه بن نبي بالنقد إلى محتوى كتابات المستشرقين ، لما في ذلك من استحالة في حصر الانتاج الاستشراقي خلال عصور ممتدة.
ـ ربط بن نبي بين الاستشراق وما دعاه بمخابر الصراع الفكري التي تعدّ في رأيه الشطر العملي السياسي لهذه الظاهرة الثقافية .
بهذا المنحى ، توجه نقد مالك بن نبي نحو الأبعاد العملية لظاهرة الاستشراق ولأثرها على العالم الإسلامي .
فحسب رأيه " إنّ الانتاج الاستشراقي ، بكلا نوعيه ـ مدحا أو ذما ـ كان شرا على المجتمع الاسلامي ، لأنّه ركّب في تطوّره العقلي عقدة حرمان سواء في صورة المدح والاطراء التي حوّلت تأملاتنا عن واقعنا في الحاضر وأغمستنا في النعيم الوهمي الذي نجده في ماضينا ، أو في صورة التفنيد والإقلال من شأننا بحيث صيّرتنا حماة الضيم عن مجتمع منهار "
ويضرب بن نبي لذلك مثلا ، كيف أن محاضرة لزيغريد هونكه ، المستشرقة الألمانية المعروفة ، حول أثر العرب في النهضة الغربية ، قد ألهت الكثير عن واقع العالم الاسلامي حينها (كان ذلك غداة هزيمة 1967) ... بل إنّ بن نبي يذهب أبعد من ذلك ، إذ يرى أن الاستشراق الناقد ، وحتى الطاعن ، في حضارتنا لهو أهم من حيث الأثر ، من ذلك المطمئن لنا ، الرابض بين حنايا ماضينا المشرق ، لانّه يستفز فعاليتنا ويحثّ عقولنا على الاشتغال ...
 
وعلى الرغم ممّا يبدو من تطرّف الرؤية " البنابية " (1) للاستشراق وأثره ، حتى لكأنها تقترب من التصور العدمي لإدوارد سعيد ، فإنّ الاهتمام بهذا الموضوع من زاوية الأثر لهو أمر في غاية الأهمية والجدّة ...
 
زين الدين
_____________
(1) البنابية: نسبة إلى (بن نبي) ويراد بها رؤية مالك بن نبي 


*عرض كافة التعليقات
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
استشراق واستغراب    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
هذا الموضوع يا سيدي الكريم يقود إلى نبش جديد ل" مشروع الإستشراق " ينتهي إلى تحديد موضوعي ومعرفي لما له "أعني الإستشراق "وما هو عليه.
وكمتابع "متواضع" أميل إلى قبول دعوة الدكتور حسن حنفي إلى ضرورة " أن يكون الغرب موضوعاً للدراسة والتحليل من قبل الشرق حتى نكوّن عنه رؤيتنا من خلال دراسات وتحليلات علمية" عندها سيفهم الباحث الشرقي سر " الاستحواذية " التي تتميز بها المواقف الإستشراقية التي تستند في الغالب إلى ثقافة تعتقد أن عصر ما بعد التنوير في الغرب له فضل في " إنتاج " شرق جديد وتبيح لنفسها مثلا " خلق شرق أوسط جديد"!.
 
وإذ نتحفظ جميعا من الكتابات الإستشراقية المتشددة التي تبيح نظريا أو عمليا استباحة الشرق والتشكيك في منجزه المعاصر فإن من المناسب أيضا أن يكون لنا موقف واضح وجريء من تصرف العالم الإسلامي بمنطق أنه "الأفضل" ، نتيجة لرؤية دينية تحكم نظرته الشاملة للأمور، واعتبار أنه يمتلك كل شيء وليس بحاجة لمعرفة الغرب "الكافر" ولا للتعامل معه.
 
إن النقطة التي يفترض أن يلتقي عندها الجمعان تلك التي تتفق على احترام المنجز الإنساني من اين أتى ومواجهة تحديات الجهل وقمع الحريات والعنف والإرهاب من أي طرف صدرت ، وهنا لا بد من استشراق واستغراب متجاوران ومتفاعلان من أجل رسم فهم مشترك للعديد من العناوين التي لا تزال موضع خلاف بين الفريقين.
 
أكتفي بذلك واتمنى قراءة مداخلات تضيء مزيدا من العتمة التي تلف هذه المطارح في الفكر والثقافة.  
*Makki
25 - سبتمبر - 2007
حول مالك بن نبي ... من جديد    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
الأخ العزيز هشام ،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،
تعليقك يستثير مسألتين دونهما مضان البحوث والرسائل الجامعية ، سأحاول التعليق عليهما فيما يأتي .
أولا ـ حول علاقة مالك بن نبي بجمعية العلماء المسلمين الجزائريين :
بالطبع لا يمكن الحديث عن علاقة تنظيمية ، إذ لم يعرف على بن نبي انخراطه في الحمعية ، على الرغم من اقترابه من الخط الاصلاحي ، الذي كانت الجمعية رائدته.
ويمكن تتبع موقف بن نبي من الجمعية ، في آرائه المبثوثة في مذكرات شاهد على القرن ، أين انتقد بشدّة تحول المنطق الاصلاحي من الشق الثقافي ، الذي شكّل أساس فلسفة الجمعية ، بالارتكاز على الآية الكريمة " إنّ الله لا يغّير ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم " .
وكان المؤتمر الاسلامي ، المنعقد بفرنسا سنة 1936، بمشاركة الجمعية ، نقطة التحوّل التي ارتكز عليها النقد البنابي لعمل الجمعية ، باعتبارها تقع من جديد في فخ المطالبة السياسية ، التي ترتكز على مفهوم الحق ، في مقابل مفهوم الواجب الذي يشكّل مقوّم الشق الثقافي .
 
ثانيا ـ حول علاقة مالك بن نبي بالثورة الجزائرية :
سيتشير المقال الذي أشرت إليه في تعلسقك ، قضية جوهرية في منظومة المفاهيم البنابية ، ألا وهي " القابلية للاستعمار "
وقد استثار هذا المفهوم نقاشا شديدا ، بل وتحاملا حقيقيا على بن نبي ، باعتباره يشرعن في رأي الكثير للاستعمار وللامبريالية العالمية .
يذكّرني هذا التحامل برأي البعض في موقف ابن خلدون في الأعراب والحضارة ، معتبرين إياه موقفا عنصريا من رجل من المغرب تجاه أهل المشرق ، وهذا برأيي التحامل بعينه ، كيف لا وابن خلدون ذو أصوص يمنية .
وعود إلى فكرة القابلية للاستعمار ، التي جدّد مالك بن نبي ، ما شرعه في كتابه " شروط النهضة ، بالحديث عنها في أواخر مؤلفاته " دور المسلم ورسالته في الثلث الأخير من القرن العشرين " ، حين ينظر إلى المسألة الاستعمارية نظرة حضارية ، تخترق الفهم السياسي وتفكّكه ، لتنفذ إلى أصول هذه المسألة .
سأحاول العودة إلى هذه المسألة في مقالة أخرى إن شاء الله
مع تحياتي ...
زين الدين
*زين الدين
2 - ديسمبر - 2007

 
   أضف تعليقك