مجلس : علوم القرآن

 موضوع النقاش : المسألة في البسملة، للعلامة: منلا علي القاري.    قيّم
التقييم :
( من قبل 1 أعضاء )
 سعيد 
13 - فبراير - 2007
سـلام عـلى السراة الكرام ما غردت على الأيك الحمام
 
  تحية طيبة لكل محب ولهٍ بكتاب الله...
وهذه باقة ورد وريحان أُهديها لحملة القرآن...
سبب فتحي لهذا الملف أمور عدة منها:
1 ـ بغية الأجر والثواب عند الله جل جلاله.
2 ـ الرغبة في أن تُذكر فيه كل مُتعلقات البسملة في كتاب الله.
تفسير ـ إعراب ـ بلاغة ـ ...
3 ـ نشر هذه الرسالة وغيرها من رسائل السلف في البسملة.
4 ـ رد شُبه من شابته الشُبه، فقال في كتاب الله بِرأيه، حيث كان غرضه مجرد الطعون، بمحض الزيف والرجم بالظنون، ممن تنكَّب مجالس المؤمنين، ورضي لنفسه مجالسة المدخنات والمدخنين، يستنشق السموم بفمه وينفثها بأنفه ويُوقعها بأنامله.
5 ـ الرسائل التي ستُنشر لا بد وأنه ستكون فيها نواقص وأخطاء، إذ إن دراسة المخطوط أمر صعب ليس بالسهل، وأتمنى من كل مطلع أن يُقارن ويُنعم النظر حتى نستفيد جميعا مما يُكتب.
          أما هذه الرسالة فهي بخصوص البسملة في أول براءة، ألفها الإمام العلامة "منلا علي القاري" رحمه الله، توجد نسختها الأصلية بالمكتبة الأزهرية.


*عرض كافة التعليقات
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
طرة :    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
هذه الرسالة المسماة:
بالمسألة في البسملة
تأليف الإمام الهمام:
 (منلا علي القاري)
متعه الله بالنظر إلى وجهه الكريم
وزاده من النعيم
وسقاه من التسنيم
وصلى الله على سيدنا
 ومولانا محمد
 وعلى آله
وصحبه
 
*سعيد
13 - فبراير - 2007
المسألة في البسملة...    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
بسم الله الرحمن الرحيم
رب زدني علما واجعل البسملة لي براءة من عذاب الجحيم.
  نقل عن فتاوى النوازل للإمام أبي الليث[1] رحمه الله تعالى: سئل محمد بن مقاتل الرازي[2] عن رجل ابتدأ سورة براءة ولا سمى، هل هو خطأ فقال هو خطأ، إلا أن يدمجها الأنفال، وقال أبو القاسم[3]: الصحيح ما قال محمد بن مقاتل، لأن رجلا لو أراد أن يبتدئ قراءة آية أو سورة من السور كان مأمورا بأن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ويتبع ذلك بسم الله الرحمن الرحيم، فكذلك إذا ابتدأ سورة التوبة. اه.
  وقد تعلق بظاهره من توهم أن البسملة من أول براءة قول أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه وأن هذا هو المذهب، وأنا أقول وبالله أحول: إن هذا قول باطل مخالف للكتاب والسنة وإجماع الأمة، وتفصيله يطول ومجمله أن الأئمة الأربعة منهم من نفى كونها من القرآن كالإمام مالك رضي الله تعالى عنه وأتباعه، ومنهم من أثبتها وهو الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه وأشياعه، وعلماؤنا المحققون على أنها آية أُنزلت للفصل، ولا شك أن البسملة أول براءة ووسط النمل خارجة عن المبحث اتفاقا، وأما إمامنا الأعظم رضي الله تعالى عنه، فليس له نص في المسألة، هذا وقد صرح قاضي خان[4] أن البسملة عندنا ليست من الفاتحة، فإذا كانت المذهب أنها ليست منها مع كونها فاتحة الكتاب، ومثبتة في جميع المصاحف العثمانية وغيرها، وقد ثبت قراءة البسملة فيها بطرق صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم داخل الصلاة وخارجها، وتقرر في المذهب أن قراءتها سنة بالاتفاق، بل واجبة عند بعضهم في أول ركعات الصلوات على اختلاف في تعيينها، وأن المعتمد عدم قراءتها بين الفاتحة والسورة، فهل يتصور كونها من أول براءة وترك قراءتها خطأ، هذا لا يقبله العقل السليم والذوق الفهيم، بل في المنقول ما يدل على بطلان هذا القول السقيم، وبيانه أن القراء أجمعوا على أنها تقرأ في أول كل سورة ابتدأ بها إلا براءة، وخيروا القارئ في آخر السور بين الإتيان بها وتركها إلا في أثناء براءة فإنهم اختفوا فيها، والمعتمد عدم الجواز، نعم شرذمة قليلة، منهم طائفة شاذة جوزوا قراءتها في أول براءة لكن لا لكونها منها بل للتبرك أو لغيره من العلل الآتية، قال السخاوي قال جواز التسمية في أول براءة حال الابتداء بها هو القياس، يعني لا المنقول المنصوص الذي عليه ...[5] قال لأن إسقاطها إما لأن براءة نزلت بالسيف أو لعدم قطعهم يعني الصحابة رضي الله تعالى عنهم بأنها سورة مستقلة، فالأول مخصوص بمن نزلت فيه، ونحن إنما نسمي للتبرك وعلى الثاني نجوزها لجوازها في الأجزاء، وقد علم الغرض من إسقاطها فلا مانع منها، وقال المهدوي[6]: وأما براءة فالقراء مجمعون على ترك الفصل بينها وبين الأنفال بالبسملة، وكذلك أجمعوا على ترك البسملة في أولها حال الابتداء بها سواء من رأى البسملة حال الابتداء بها بأوساط السور، فإنه يجوز أن يبتدئ بها من أول براءة عند من جعلها هي والأنفال سورة واحدة، ولا يبتدأ بها عند من جعل السيف علة لها، وقال ابن ...[7] ولو أن قارئا ابتدأ قراءته من أول التوبة فاستعاذ ووصل الاستعاذة بالبسملة متبركا بها ثم تلا السورة لم يكن عليه إن شاء الله تعالى، كما يجوز له إذا ابتدأ من بعض السور أن يفعل ذلك، وإنما المحذور أن يصل آخر الأنفال بأول براءة ثم يصل بينهما بالبسملة، لأن ذلك بدعة وضلالة وخرق للإجماع ومخالف للمصاحف.اه.
  وهذا كله يدل على أن قراءتها جائزة عندهم ولم يقل أحد بأن تركها خطأ، فينبغي أن يحمل قوله على إرادة المبالغة بناء على زعمه المختار عند هذا القول الشاذ، وعلى الخطأ في العبارة وقعت بطريق المشاكلة لكلام سائل المسألة، ثم استثناؤه صريح منه أنه تبع الشرذمة، وإن لم يرد من قراءة البسملة في أولها كونها منها والأسوأ الإدراج وغيره، ويدل عليه المصحح أيضا، لكن قد عرفت أنه مأمور في أول السور بها ومخير في أثنائها فلا يطابق مدعاه بأن تركها خطأ، فملخص الكلام، ومخلص المرام، أن هذا قول شاذ مبني على غير قياس صحيح موهم أن تكون البسملة من أول براءة، وهو مع ذلك بحمد الله سبحانه وتعالى الملك الجبار، ساقط عن حيز الاعتبار في عمل جميع أهل الديار، حتى في كتاب الصغار، وما ذلك إلا بوعده تعالى حيث قال: { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[8] وبإخباره صلى الله عليه وسلم ( أن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها )[9].     
  فافتح بصرك للإنصاف، وأغمض عين الاعتساف، وانظر إلى ما قال وتأمل ما صح عن أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه، انه قال: " لا يحل لأحد أن يفتي بقولنا ما لم يعلم من أين قلناه "[10]  وقد تبعه الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه في هذا المقال بقوله: " إذا صح الحديث فهو مذهبي واضربوا في الحائط قولي "[11].
  وهذا ما ظهر لي في الجواب، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
 
تمت الرسالة المذكورة بحمد الله تعالى وعونه وحسن توفيقه،
وهذا آخر ما انتهى إلينا من ذلك.
والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
في 28 ذي القعدة 1276.


[1]  ـ نوازل أبي الليث السمرقندي، للإمام أبي الليث نصر بن محمد بن إبراهيم السمرقندي الحنفي (376ه) وكتابه هو النوازل في الفروع، ينظر ترجمته في كشف الظنون وهدية العارفين وغيرهما.
[2]  ـ محمد بن مقاتل الرازي الحنفي من أصحاب محمد بن الحسن الشيباني (242ه).
[3]  ـ لم أتمكن من معرفة المقصود، ولعله: أبو القاسم الصفار، إذ إن المراد بالفقيهين إذا أطلقت في المذهب الحنفي كما قال الرملي: أبو القاسم الصفار، وأبو الليث السمرقندي . كذا في البحر الرائق.
[4]  ـ فتاوى قاضي خان، مطبوعة بهامش الفتاوى الهندية، وتعرف أيضا بالفتاوى العالمكيرية، وبهامشها أيضا الفتاوى البزازية، وقد جاء في الفتاوى الهندية ما نصه: " ( ثم يأتي بالتسمية ) ويخفيها وهي من القرآن آية للفصل بين السور ". وقاضي خان هو الإمام فخر الدين حسن بن منصور بن محمود الأوزجندي الفرغاني الحنفي (592ه).
[5]  ـ  كلمة لم أتبينها في الأصل.
[6]  ـ أظنه أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي، من علماء القرن الخامس الهجري، وهو صاحب كتاب " الهداية في القراءات " وغيره.
[7]  ـ كلمة لم أتبينها في الأصل.
[8]  ـ سورة الحجر، الآية [9].
[9]  ـ أخرجه أبو داود في سننه، في كتاب الملاحم باب ما يذكر في قرن المائة، رقم [3740]. والطبراني في الكبير رقم [1118]. وفي الأوسط رقم [6715]. والحاكم في المستدرك (4/522) رقم [8738]. والبيهقي في معرفة السنن والاثار، رقم [98]. كلهم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ومداره على ابن وهب.
[10]  ـ قول مأثور عن الإمام أبي حنيفة رحمه الله،
[11]  ـ قول مأثور عن الإمام الشافعي، ينظر سير أعلام النبلاء (10 / 33 - 35) وذكره عنه جلة من العلماء، وللإمام تقي الدين السبكي رسالة وسمها بقوله " بيان معنى قول الإمام المطلبي: إذا صح الحديث فهو مذهبي " وهي مطبوعة. وينظر تذكرة الحفاظ (1 / 362) و ميزان الاعتدال (3 / 612).
*سعيد
13 - فبراير - 2007

 
   أضف تعليقك