مجلس : الأدب العربي

 موضوع النقاش : لنتعلم من معاذة العنبرية .. في تدبير الاضاحي !! درس قيم جدا ..    قيّم
التقييم :
( من قبل 1 أعضاء )
 احمد 
2 - يناير - 2007
بسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ
الحمدُ للَه الذي لا يدرَكُ بالأبصار ولا تحثُه الأقدار ولا تحويه الأقطار

و

صلى الله على محمدٍ خيرِ نَبيّ ومبعوثٍ وأفضل وارِثٍ وموروث


اما بعد ,,




قال القوم: قد مرت بنا اليوم فوائد كثيرة. ولهذا قال الأول: مذاكرة الرجال تلقح الألباب. ثم اندفع شيخ منهم فقال:
لم أرى في وضع الأمور في مواضعها، وفي توفيتها غاية حقوقها، كمعاذة العنبرية. قالوا: وما شان معاذة هذه? قال: أهدى إليها العام ابن عم لها أضحية. فرأيتها كئيبة حزينة، مفكرة مطرقة. فقلت لها: مالك يا معاذة? قالت:
أنا امرأة أرملة، وليس لي قيم. ولا عهد لي بتدبير لحم الأضاحي. وقد ذهب الذين كانوا يدبرونه ويقومون بحقه. وقد خفت أن يضيع بعض هذه الشاة. ولست أعرف وضع جميع أجزائها في أماكنها.
وقد علمت أن الله لم يخلق فيها ولا غيرها شيئاً لا منفعة فيه. ولكن المرء يعجز لا محالة. ولست أخاف من تضييع القليل، إلا أنه يجر تضييع الكثير.


أما القرن فالوجه فيه معروف، وهو أن يجعل كالخطاف، ويسمر في جذع من جذوع السقف، فيعلق عليه الزبل والكيران، وكل ما خيف عليه من الفأر والنمل والسنانير، وبنات وردان والحيات، وغير ذلك.وأما المصران فإنه لأوتار المندفة. وبنا إلى ذلك أعظم الحاجة. وأما قحف الرأس واللحيان وسائر العظام، فسبيله أن يكسر بعد أن يعرق، ثم يطبخ. فما ارتفع من الدسم كان للمصباح وللإدام وللعصيدة، ولغير ذلك. ثم تؤخذ تلك العظام فيوقد بها. فلم يرى الناس وقوداً قط أصفى ولا أحسن لهباً منها. وإذا كانت كذلك فهي أسرع في القدر، لقلة ما يخالطها من الدخان. وأما الإهاب فالجلد نفسه حراب. وللصوف وجوه لا تدفع. وأما الفرث والبعر فحطب إذا جفف عجيب.

ثم قالت: بقي الآن علينا الانتفاع بالدم. وقد علمت أن الله عز وجل لم يحرم من الدم المسفوح إلا أكله وشربه، وأن له مواضع يجوز فيها ولا يمنع منها. وإن أنا لم أقع على علم ذلك، حتى يوضع موضع الانتفاع به، صار كية في قلبي، وقذىً في عيني، وهمّاً لا يزال يعاودني.

فلم ألبث أن رأيتها قد تطلقت وتبسمت. فقلت:

ينبغي أن يكون قد انفتح لك باب الرأي في الدم. قالت: أجل، ذكرت أن عندي قدوراً شامية جدداً. وقد زعموا أنه ليس شيء أدبغ ولا أزيد في قوتها، من التلطيخ بالدم الحار الدسم. وقد استرحت الآن، إذ وقع كل شيء موقعه!

قال: ثم لقيتها بعد ستة أشهر، فقلت لها: كيف كان قديد تلك الشاة? قالت: بأبي أنت! لم يجئ وقت القديد بعد! لنا في الشحم والألية والجنوب والعظم المعروق وغير ذلك معاش! ولكل شيء إبان! فقبض صاحب الحمار والماء العذب قبضة من حصى، ثم ضرب بها الأرض. ثم قال: لا تعلم أنك من المسرفين، حتى تسمع بأخبار الصالحين!.


المصدر : كتاب البخلاء : باب : قصة أهل البصرة من المسجديين للجاحظ !

تنسيق وتقديم : اخوكم احمد العربي

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سبحانك اللهم وبحمدك ، نشهد ان لا اله الا انت ، نستغفرك ونتوب اليك


*عرض كافة التعليقات
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
تقتير لا تدبير    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
لا يخفى ان عرض الجاحظ لاخبار الباخلين و الباخلات انما ياتي في اطار التشنيع عليهم و السخربة من مذهبهم في الاقتصاد و التقتير سيما و ان اغلبهم يرجع الى اصول غير عربية لذا فهم ينقمون من العرب تحليهم بالكرم و ارتياحهم اليه . ان الجاحظ وهو المثقف العربي المعني اكثر من غيره بالدفاع عن العروبة لم يخرج في اغلب كتبه عن الطرح المناوئ للشعوبية الكاشف عن ازدرائها للقيم العربية (الكرم-الجمل-العصا-الصحراء...)فتامل.
*نور الدين
11 - يناير - 2007

 
   أضف تعليقك