يعتبر النسب من أكثر المباحث الفقهية والقانونية أهمية لما يترتب عليه من حقوق والالتزامات ترتبط في أحكامها بجملة من القواعد الشرعية والآثار الفقهية ، فمن حيث القواعد فإن النسب يحتكم في تأصيله إلى عدد من المبادئ التي تقوم عليها النظم التشريعية كالبينة والإقرار ، ومن حيث الآثار فإن النسب كما هو معلوم ثمرة العلاقة الزوجية ،الرابطة الاجتماعية التي تؤسس للمجتمع وتحدد معالم ازدهاره و ترابطه ، وهو السبب الأول في اكتساب الحقوق المعنوية كالاسم والحرمة أو المالية كالنفقة والميراث .
و قيام ثبوت النسب أو نفيه على قواعد محددة سار عليها الفقه والقضاء ، لم يخل من كثرة النوازل فيه والقضايا ، ناهيك عن التطور التكنولوجي التي عرفته البشرية في هذا العصر الذي أظهر للوجود وسائل علمية دقيقة تِؤكد أو تنفي علاقة البنوة أو الأبوة ، و بالتحديد ما اصطلح عليه بالبصمة الوراثية.و السؤال هو: إلى أي مدى تكون الطرق العلمية والبصمة الوراثية على وجه الخصوص حجة في ثبوت النسب شرعا وقضاء? ،و إذا علمنا أنها من مستجدات العصر أن نسبة دقة نتائجها تكاد تكون قطعية ، فما مدى حجيتها على القواعد الشرعية الثابتة التي سار عليه الفقهاء منذ عهد النبوة ، وهل تقوم قاعدة مع تلك القواعد ? أم الأمر غير ذلك. |