حدّثني الشقندحي السادة الكرام تحية وسلام أود أن أشترك معكم ومع من يحبّ المشاركة في موضوع جديد " حدّثني الشقندحي" والشقندحي راوية فكهٌ يحبّ أن يأتينا بأصل الأكلات والطبخات العربية العامرة بها سفرة الطعام العربية، يرويها بطريقة أدبية قصصية. والأكلة التي سيبدأ بها الشقندحي هي أكلة المخلوطة. أتمنى أن لا يتبادر الى ذهن أحد بأن هذا الموضوع يعنى بفن الطبخ، فأرجو أن يكون الموضوع واضح منذ البداية، فالهدف منه هو جمع قصص وروايات مؤلفة من قبل المشترك أو مقتبسة إن وجدت بشرط ذكر الاقتباس إن كان اقتباسًا مع ذكر المراجع . كما ويمكن المشاركة بالاشعار التي قيلت في الطبخات والاكلات حتى وإن كانت بالشعر العامي، كما ويمكن المشاركة بالامثال العربية والشعبية التي قيلت في الاكلات والطبخات العربية. أتمنى أن يكون هذا الموضوع بداية تأسيسية لموسوعة في هذا الموضوع مؤلفوها ومعدوها من سراة الوراق المحترمين. حدّثني الشقندحي الحكاية الاولى : المخلوطة (ونحن نحتسي فنجان قهوتنا، سألت جليسي الشقندحي: بالله عليك، ألا أخبرتني ما في جعبتك اليوم مما قد نسيه الزمان، ومما قد لا يسأل عن سببه وأصله إنسان. فقهقه جليسي الشقندحي بضحكته المعهودة، ووضع فنجان قهوته جانباً، قائلاً: نعم، سأقص لك قصة أصلِ واحدةٍ من ألذّ مأكولاتنا. فقلت هاتِها وزِد قهوة. فقال: سأرويها لك: كان هناك منذ زمن بعيد بعيد، رجل فقير الحال معدم العمل والرزق، له عاهة في جسمه تعيقه عن العمل، وله من الأطفال الصغار خمسة تركتهم له زوجته التي كانت تعيلهم، وقد توفيت منذ أشهر، واضطروا لاستجداء طعامهم، وكان أهل القرية يتصدقون عليه حين يطرق بابهم، بما تمنّ به أيديهم وغالباً من الزاد ومما قد طبخوا لبيوتهم. فكان يجول في القرية قبل ظهر كل يوم، وإذا كان منشغلاً ببيته البسيط وبالأولاد فيرسل أحد أطفاله للقيام بالعمل هذا. فكان أن ينتقل من بيت إلى بيت، حاملاً معه قدراً و كيساً على كتفه، ليجمع ما يرزق به له ولأولاده. فيحسنون إليه بشيء مما قد أعدّوه لأنفسهم، وهكذا فإنه يمرّ على أكثر من بيت، وكلّ ما يكون متوفراً وما يمكن أن يُسعفونه به، يضعونه في قدره. ويعود للبيت بعد اللفّ والبرم، ويكون قد أتى للبيت بقِدرٍ فيه ممّا قد وضعوا له فيه من الطبيخ، وفي الكيس شيء مما جادوا به من الخبز أو من فواكه القرية.. ويلتفّ الأب مع أولاده للأكل، وما يفضل من الأكل والزاد فلوجبة العشاء. وكانت هذه حالهم في كلّ يوم منذ أن ماتت زوجته. وحدث في يوم من الأيام أن دخلت إليهم إمرأة من أقاربهم، جاءتهم من قرية أخرى ليست بقريبة عليهم مع إبن لهاٍ، لتزورهم ولتطمئن عليهم، بعد فترة طويلة لم يتسنى لها زيارتهم منذ وفاة الأم، وساعتها كان أهل البيت يأكلون غداءهم. فرَحّبوا بها وبمقدمها لزيارتهم، ورجوها أن تتفضل وتشاركهم غداءهم. فجلست معهم، وأكلت. وبعد أن فضّوا الغداء، جلست مع الرجل والأولاد يشربون قدحاً من الشاي، فسألته المرأة عن أمورهم وحالهم، وأخبرته بأنه يطبخ جيداً، قائلة له: سلمت يداك، فإني أرى أنك قد طبخت طبخة طيبة، ولكنها غريبة، لم أسمع بمن طبخها من قبل، هلا أخبرتني كيف طبختها، قد يروق لي أن أطبخ مثلها لبيتي. وما كان منه إلا أن يضحك مجيباً: إنني لم أطبخها، وكل ما في الأمر فإنها مجموع ما تفضّل به المحسنين من الضيعة، فكما رأيت ففيها العدس، الحمص، الفاصوليا والبرغل.. فكل منها من بيت، وخلطت في قِدرنا الذي أكلنا منه. فما كان من الضيفة إلا أن تفتح فاها وحدقتيها، بشيء من التحبب لفكرة جديدة في أكلة لذيذة وجديدة.. ولا أحبّ ان أطيل عليكَ، فما أن غادرت المرأة راجعة إلى قريتها وبيتها، وإذا بها تطبخ مما أكلته في بيت أقاربها، وتفاجيء بها زوجها وأولادها وبيت حماها الساكنين معها، الذين أكلوها واستطابوها، قائلين لها سلمت يداك على هذه الأكلة المخلوطة. وهكذا أصبحت المخلوطة أكلة من ضمن قائمة المائدة، وانتشرت وأصبحت شعبية بتداول وتعوّد الناس عليها). قصيدة في المخلوطة للشاعر اللبناني أسعد رستم: منشورة في تقويم البشير 1932 بيروت ص 165 كلّّ شيءٍ فيها مفيدٌ لذيــذ ومغذٍّ يُجوهرُ الأبدانـــا وهي مهضومة لدى آكليـها مضغُها ليس يُتعب الأسنانا قيل فيها: ياظلط سلّم على البلع ولا تبقِ في البطون مكانـا قد ربينا منذ الفطام عليها وعليها اعتمادنا ورجــانا فنشأنا والحمد لله أصحاب جسومٍ تشابه الحيطانــــا كلّ شخصٍ منّا قويٌّ اذا نا طح فدَّنا جَندَل الفدَّانــــا وأخذنا عنها ذكـاءً ولطفًا وأكسبتنا جمالنا الفتّانـــا والعيون الســــودَ التي تسحر القلبَ فيغدو ولهانـا يا لمخلوطةٍ حوَت كلَّ ما من شأنه أن يقوّي الانســـانا عدسٌ حمصٌ بــها وأرزّ وسميذ ٌ يُرى بها أحيانـــا ولذا ليس يشبعُ المرء منها كلّما يذوقها يقزلُ: كمانـــا فعليها السلام ما طلع الفجرُ وما قيل في الصـــلاة أبانا كلّ شيءٍ بالاختلاط مليحٌ ويفيد اختلاطه مــــاعدانا |