وشكرا لهديتكم     ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
شكرا يا أستاذ عمر على هديتكم، وأنا أيضا أضع بين يديك وبين يدي الأستاذة سلافة قطعة من كتابي (موسوعة البحور) عسى أن تفيدا منها، ولكن بشرط أن لا تدخلاني في متاهة العروض، لأنني كتبت هذا الكلام منذ أكثر من خمس سنوات، ولا أجد وقتا للمضي في مناقشة كل هذه الدقائق. فكلا ما تشاءا هنيئا مريئا، ولكن أقول للأستاذة سلافة: أبن ما سألتك عنه حول دوبيت ابن إياس، رجاء اكتبي لي حرفيا كل ما يتعلق بدوبيت ابن إياس في المصدر الذي نقلته منه.
@ الدوبيت
أول ما ننبه إليه قبل الخوض في تعريف الدوبيت أنه نفسه البحر العميد المعدود في الأبحار التسعة المتروكة وهي كما سماها أبو بكر الشنتريني في كتابه " المعيار في أوزن الأشعار " ( الوسيط والوسيم والمعتمد والمتئد والمنسرد والمطَّرد والخبب والفريد والعميد ) قال في تعرف العميد ص 146 : وهو خارج عن الدوائر أيضاً ووزنه
مستفعلاتن مستفعلاتن فعل |
|
مستفعلاتن مستفعلاتن فعل |
ومثاله :
ما أعذب عندي في الهوى تعذيبي |
|
الموت يهون في رضى iiالمحبوب |
هذا كلام الشنتريني ،والعجب أنه لم ينبه إلى أن هذا الوزن هو نفسه وزن الدوبيت شأنه شأن كل الذين تعرضوا لذكر البحر العميد . أما وزن الدوبيت عندهم فهو
فعلن متفاعلن فعولن فعلن |
|
فعلن متفاعلن فعولن فعلن |
ووافق حازم في ذلك إلا أنه اختار له تفعيلات أخرى هي :
مستفعلتن مستفعلن مستفعلن |
|
مستفعلتن مستفعلن مستفعلن |
وكأنه يرده بذلك إلى أوزان الرجز ، وهو ما نبهنا إليه في حديثنا عن التقارب بين الدوبيت و قصيد الرجز في باب الرجز ، وهو ما ذهب إليه علي حميد خضير في كتابه " الجديد في العروض " حيث قال ص 32 : والدوبيت مأخوذ من الرجز إذا قطعناه على الشكل الآتي :
مستفعتلن مفاعلن مستفعل |
|
مستفعتلن مفاعلن مستفعل |
وكان ابن المرحل أول من نبه إلى وزن الدوبيت وأدخله في العروض العربي قال : ( رأيت النوع المعروف بالدوبيت من أوزان الكلام المنظوم ، مستقيم البناء ،مستعذباً في الغناء إلا أن بعض الناس يخلط في النظم عليه ويسلك مسلك العجم في الزيادة فيه والتقصير منه حتى يخلَّ به . فصنعت له ميزاناً وبينت ما يجب فيه وما يحسن وما يقبح قياساً على الأوزان العربية واتباعاً للأكثر في المساق والأعذب في المذاق ، ووضعت له أربعة أجزاء .. ) عن " رسالتان فريدتان في العروض لمالك بن المرحل " تحقيق هلال ناجي وعد من مجازيئه مجزوءه المشهور ( فعلن متفاعلن فعولن ) ومثاله لامية البهاء زهير : يا من لعبت به شمول ومجزوءه المحذوف ( فعلن متفاعلن فعو ) ومثاله :
لله معاً لذي iiالحمى |
|
ما أحسنها مع الدمى |
ومجزوءاً آخر ذهب هلال ناجي إلى أنه من مجازيء المتدارك وهو ( فعلن متفاعلن ) ومثاله :
أهـلاً iiبخيالكم |
|
من لي بوصالكم |
قال : وفي الحقيقة أنه من المتدارك ولكن نغمته تقرب من الدوبيت = انظر الكلام على مخلع الرمل في هذه الموسوعة = قال جلال ص 350 ( وأولع العماد الأصفهاني بنظم هذا النمط من الشعر = الدوبيت = حتى كان له منه ديوان ، والذي لاح لنا أن معظم ضروب الدوبيت وأنماطه لا تخرج عن أوزان الرمل ) ونقل عن صاحب " معيار النظار " قوله : اخترع بعض العجم بناء سموه الرباعي وهو مفعول مفاعلن فعولن فع لن ومثاله : يرجو ويخاف وهو شاك شاكر ويمثل للدوبيت عند العروضيين بما ذكره الخفاجي في كتابه " القصيدة العربية " ص 85
في دوبيتهم عروضة ترتجل |
|
فـعلن متفاعلن فعولن iiفعلن |
ما أحسن واصلي وما iiأجمله |
|
مـا أجـمل قدَّه وما iiأكمله |
ومن الشعراء من كتبوا به القصائد المقفاة كالشيخ علي الدرويش وله فيه عدة قصائد منها القصيدة التي يقول فيها
أهديك شعراً من بحر فني درراً |
|
لا تعرف من أي بحور العرب |
. @ السلسلة ثاني الأوزان العجمية المدخلة في العروض العربي ، ولكنها لا ترقى إلى رتبة الدوبيت من حيث شهرة الدوبيت وشيوعه في دواوين المتأخرين ، وهي غير مصطلح السلسلة التي نقلها أبو العلاء في الصاهل والشاحج عن قدامة بن جعفر ، وغير البحر السلسل الذي زعم المفتي عبد اللطيف أنه اخترعه وألف فيه رسالته " الزلال المسلسل في بحر السلسل" = انظر ذلك في البحر السلسل في معجم العروض من هذه الموسوعة = ووزنها عندهم
فعلن فعلاتن متفعلن فعلاتن |
|
فعلن فعلاتن متفعلن فعلاتن |
ومن أمثلته :
السحر بعينيك ما تحرك أو iiجال |
|
إلا ورمـاني من الهوى iiبأوجال |
يا قامة حسن نشا بروضة إحسان |
|
أيـان هفت نسمة الدلال به iiمال |
ومنه قول المفتي عبد اللطيف
هيجتِ سليمى من المتيم بلبال |
|
من حيث تبديت للمتيم iiبالبال |
وقوله :
ما لاح بريقٌ من العذيب على البان |
|
إلا وسـنـاكـم لقد أضاء وقد iiبان |
ومنه قصيدة الشيخ علي الدرويش التي أولها: أفراحك يا مصر والمسرة في العام وقد أوضحنا غير مرة أن هذا الوزن ما هو إلا خفيف أضيف إليه في أوله " فعلن " إلا أن الشاب الظريف تصرف في ذلك فجعلها رملاً مسبوقة بفعلن في قوله
يـا مـالك رَقَّ الصَبُّ باللَّهِ عَلَيْكَ |
|
ارْحَـم حـائراً يُسايِلُ الدَمعَ iiعَليكَ |
وَاسمَح بِخَيالٍ في الدُجى يطرُقُ مَن |
|
أَضـحَـى دنفاً أذابَهُ الشّوْقُ iiإِليكَ | وجعله رجزاً مسبوقاً بسبب خفيف ( فع ) وهو قوله :
كم يشمت بي في حبك العذال |
|
كم يكثر فيك القيل بي iiوالقال |
الـصَّبْرُ بِكُلِّ حَالةٍ أَلْيَقُ iiبِي |
|
أَحْتاجُ أُدَارِيكَ وَيَمْشِي الحَالُ |
ومن أقدم ما وصلنا من وزن السلسلة الأول قول حمزة بن علي أبي يعلى المتوفى عام 556
هل تأمن يبقى لك الخليط إذا بان |
|
لـلـهـم فـؤاد وللمدامع iiأجفان | ذكر ذلك ياقوت في ترجمته في معجم الأدباء ج 5 ص 21 وفي هذا ما يثبت وهم العياشي حين جعل بحر السلسلة من مواليد القرن الثامن الهجري وتجدر الإشارة هنا إلى وهم آخر وقع فيه العياشي حين قال : ( ولمن استنبط هذا الوزن من شعراء ذلك العصر ميزة لا تجحد على من عاش قبله وبعده من شعراء الإسلام وحتى الجاهلية المعروفة لأنه هو وحده وحتى هذه الساعة من عرف مبدأ القيمة المزيدة في تأليف الإيقاعات وهو المبدأ المعتمد في تأليف هذا الإيقاع " السلسلة " وهو يتألف مما يتألف منه إيقاع الخفيف مع زيادة قيمة ثقيلين ممدودين = يقصد سببين خفيفين = في أوله ) وهذا يدل أن العياشي لم يقرأ أوليات كتب العروض لأن هذا الذي سماه القيمة المزيدة هو نفسه فصل تركيب البحور في كتب العروض قال الزمخشري في " القسطاس " ( وأزوجوا بين خماسيٍّ وسباعي بما لو حذفت من السباعي ما طال به الخماسي لم يتباينا في الوزن وذلك كإزواجهم بين فعولن ومفاعيلن : ألا ترى أنك لو حذفت " لن " من مفاعيلن وجدت مفاعي جارياً على فعولن وبين مستفعلن وفاعلن : ألا ترى أنك لو حذفت " مس " من مستفعلن وجدت تفعلن جارياً على فاعلن وبين فعلاتن وفاعلن :ألا ترى أنك لو حذفت " تن " من فاعلاتن جرى " فاعلا " على فاعلن وأزوجو بين سباعيين لو رددتهما إلى الخماسي بحذف سبب من كل واحد منهما توازنا وذلك إزواجهم بين فاعلاتن ومستفعلن لأنك لو حذفت " تن " من فاعلاتن و" مس " من مستفعلن بقي " فاعلا " و " تفعلن " متوازنين وبين مفاعيلن وفاعلاتن : لأنك لو حذفت " لن " من مفاعيلن و" فا " من فاعلاتن بقي مفاعي وعلاتن متوازنين. وانظر مما ألف في هذا الفن (الفُلك المحملة بأصداف بحر السلسلة) صنعه وترجم لناظميه د. كامل مصطفى الشيبي، وانظر ما ألف من مستدركات على هذا العمل في كتاب (نشر الشعر وتحقيقه/ ص83).
وهناك صلة أيضا بين الدوبيت ومخلع الرمل، =ويعرف أيضاً بمخبول الرمل = وهو عكس مخلع البسيط حيث أصابه الخلع في أول تفعيلاته وذلك بحذف وتدها المفروق لتصبح بعد التعديل ( فع لن فاعلاتن فاعلاتن ) وهو نفسه مجزوء الدوبيت كما سيأتي وهو ما ترجم له الشيخ جلال في الرمل الثامن عشر وعد في بدائله: ( فع لن فعلاتُ فاعلاتن ) ومنه قصيدة البهاء زهير ( يا من لعبت بهم شمولٌ ) وقد ورد الكلام على لامية البهاء هذه = كما يقول الشيخ جلال = في كثير من الكتب العروضية ومن ذلك شرح كتاب " التيسير الدافع للداهية في تحصيل علمي العروض والقافية " فقد جاء فيه ( ومن الشعر الفاسد ما يقبله الطبع السليم فيظنه صحيحاً كقوله " يا من لعبت بهم شمول " ) وكان الدماميني قد دافع عنها في " العيون الغامزة " ولم يعدها من الأوزان المهملة أو الخارجة عن أوزان العرب ورأيه فيها أنها من الوافر الذي أصابه العقص في جزئه الأول وأصابه العقل في جزئه الثاني والخامس والقطف في العروض والضرب فصار
مفعول مفاعلن فعولن |
|
مفعول مفاعلن فعولن | وذهب مؤلف " تبسيط العروض " إلى تسمية هذا الوزن بمجزوء الدوبيت وهو ما اخترناه، وإلى ذلك ذهب عبد المنعم الخفاجي وآخرون.
ومن مخلعاته ما عده الشيخ جلال من الرمل التاسع عشر ( فع لن فاعلاتن فاعلن ) ومثَّل له بالبيت :
يـا أحبابنا رفقاً iiبنا |
|
إنا من هواكم في عنا | وقد عده الحفناوي في حواشيه من الدوبيت الرابع |