مجلس : دوحة الشعر

 موضوع النقاش : إيقاع بحر المنسرح ، ومسائل أخرى    قيّم
التقييم :
( من قبل 1 أعضاء )

رأي الوراق :

 محمود العسكري 
16 - يونيو - 2006

- من خلال مطالعتي للمجالس عرفت أن إيقاع بحر المنسرح* ما زال عند بعض الإخوة - كما كان عندي من قبل - غامضًا ، ولكني منذ مدة بدأت أتذوقه ، حتى ثبتت نغمته أمسِ في ذهني تمامًا ، فنظمت عليه مباشرة في غضون دقائق عدة أبيات ، ولم يقع فيها أي خلل في الوزن ، ونغمته حسنةٌ مستعذبةٌ ، ولكن ليس لدي من العلم بالموسيقا ما أوضح به للإخوة إيقاعه ، ولكن أقول على سبيل التقريب : إن الاهتداء إلى إيقاعه يتأتَّى بأن يُنْطَقَ ببداية الشطر في شيء من الاختلاس والسرعة ، ثم بالتأني والتمهل فيما بقي ، وكان مما لاحظته في الأبيات التي نظمتها أني لم آتِ بـ : (( مفعولات )) إلا مطويةً ، وعندما أردت أن آتيَ بها غيرَ مزاحفة وجدت شيئًا من العذوبة قد اختفى ، ومما زادني اطمئنانًا إلى صحة هذا الشعور أني قرأت قصيدة المتنبي : (( أهلاً بدارٍ سباك أغيدها )) = فلم ترد فيها (( مفعولات )) سوى مطويةٍ .

- وكان اهتدائي إلى إيقاع المنسرح السببَ في اهتدائي إلى إيقاع مخلع البسيط ، فهما متقاربان في الإيقاع إلى غايةٍ ؛ لأنهما متقاربان في التفعيلات ، فنحن عندما نطوي (( مفعولات )) في المنسرح - وهو الأَوْلى كما سبق - = نجده يتفق مع مخلع البسيط في : [ /5/5//5/5//5//5 ] ، ويزيد المنسرح على هذا الجزء المتفق عليه بفاصلة صغرى** : [ ///5 ] ، ويزيد مخلع البسيط بسبب خفيف : [ /5 ] ، فقول الشيخ / جلال حنفي - كما نقله عنه الأستاذ / زهير - أَنَّ مخلع البسيط مستخرج من المنسرح = وجيهٌ .

- وبمناسبة الوزن الذي سماه الأستاذ / زهير : مخلع الوافر ؛ فقد قرأت قصيدة : (( نداء الخريف )) لسيد قطب ، فاستغربت وزنها ، ثم رجحت بعد التأمل أن نسميه : مشطور الوافر [ الصحيحِ الغيرِ*** المقطوفِ ] ، وعلى حسب اطلاعي لم يذكر العروضيون القدامى هذا الضرب من الوافر ، وربما ذكره بعض المعاصرين ، ومن هذه القصيدة قوله :-

[ تعالي أوشكت أيامنا تنفدْ

تعالي أوشكت أنفاسنا تبردْ

بلا أمل ولا لقيا ولا موعدْ ]

- وأحببت الاستفسار عن مسألة وهي : أن الباجوري في (( تحفة المريد )) يعلل إيطاآت اللقاني في (( الجوهرة )) بأن المنظومة من تام الرجز لا مشطوره ، وهو يشير إلى : أن الإيطاء إنما يكون بين قوافي القصيدة لا بين الكلمتين الأخيرتين من شطري البيت ، فعندما نجعل المنظومة من تام الرجز ينتفي الإيطاء ، لكني قد ذكرت في ملف سابق أننا عندما نعتبر المنظومة من تام الرجز فهذا معناها أنها أبياتٌ مفردةٌ مصرعةٌ ، ولا بد من التقييد بالتصريع حتى نجيز في العروض ما لا يجوز إلا في الضرب وهو الواقع في المنظومات ، وأختصر الكلام المتقدم فأقول : البيت المصرع ؛ هل يقع بين عروضه وضربه إيطاء ? ، ظني أنه يقع ، وعليه لا نسلم للباجوري تعليله ، إلا أنه يرد على قولي إشكال وهو : أنه في كثير من القصائد تتماثل الكلمة التي هي عروض البيت الأول المصرع مع الكلمة التي هي القافية للبيت الثالث أو الرابع مثلاً ؛ فهل هذا أيضًا من قبيل الإيطاء مثلما أعتقد ? ، أَوْ ليست الحالتين المذكورتين من قبيل الإيطاء ؛ وعليه يصح تعليل الباجوري ? ، فمن استطاع أن يوضح لي هذه المسألة مع الإلماع إلى المراجع أكون له شاكرًا ومقدرًا .

- ولا أخفي الإخوة أني ما زلت غيرَ عارفٍ بإيقاع بحر الخفيف ، مع أنه من البحور المشهورة ، ومع أني تعانيت الكتابة عليه كثيرًا ، فمن يُبَيِّنْهُ لي أيضًا له مني جزيل الشكر كِفاءَ ما يفيدني .

-------------------------

[*] : قولنا : ( الرجز ) ( المنسرح ) ( البسيط ) = هذه أعلامٌ وضعت للبحور المختلفة ، وعندما نطلقها عليها فإنا نلاحظ فيها المعنى العَلَمي اللقبي دون المعنى اللغوي سواءٌ كان المصدري أو الاشتقاقي ، بل هي من حيث كونها أعلام = جوامد لا تتصرف ، وهذه نقطة تخالف ما ذكره الأستاذ / داود ، حيث قسم أسماء البحور إلى ما هو وصف وإلى ما هو مصدر ، والصواب أننا لا نلاحظ هنا شيئًا من المعنى اللغوي إطلاقًا لا الوصفية ولا المصدرية ولا غير ذلك ، ومثلها مثل أي لفظٍ يصطلح النحاة أو الفقهاء أو العروضيين أو غيرهم على وضعه ، فالمعاني اللغوية في الاصطلاحات متلاشية ، نعم قد تكون ثمت - بل كثيرًا - مناسبةٌ بين المعنى اللغوي وبين المسمى اقتضت تخصيصه بهذا الاسم دون سواه ، إلا أنه بعد الوضع تُتَنَاسى هذه المناسبة ، ويصبح الاسم عَلَمًا على مسماه فقط ، ولذلك فإن أسماء البحور أعلامٌ جوامد باعتبار ما آلت إليه ، بغض النظر عما كانت تعنيه سابقًا ، ولذلك فما ذكره من التفرقة بين أسماء البحور التي تسبق بكلمة [ بحر ] نكرة وبين الأخرى التي تسبق بكلمة [ البحر ] معرفة = لا نُسَلِّمه ، بل يجوز كلا الأمرين دون التقديرات التي ذكرها ولكن وفق الإعرابين الآتيين ، ففي حالة سبقها بكلمة [ بحر ] نكرة : نجعل الإضافة بيانية ، فقولنا : ( بحر الطويل ) معناه : البحر الذي هو الطويل ، وفي حالة سبقها بكلمة [ البحر ] مُعَرَّفةً بأل ؛ كقولنا : ( البحر الطويل ) : نعرب الطويل هنا بدلاً لا صفةً ، ويكون المعنى أيضًا : البحر الذي هو الطويل ، وكون هذين الإعرابين هما المتحتمين هو ما ذكرته سابقًا من أن أسماء البحور أعلامٌ وأن المعنى اللغويَّ منتفٍ عنها باعتبار وضعها العَلَمي ، وهذا المسألة من عندياتي ، لم أطلع عليها في كتاب ، فالمرجو من الأستاذ / داود والإخوة جميعًا النظرُ فيها والتصويبُ إن كانت خطأً .

[**] : تعريف كلمة ( غير ) بأل أجازه متأخرو النحاة ، وانظر على سبيل المثال (( مختصر السعد )) فقد ذكرها معرفة بأل في عدة مواضع ، وأجازوه أيضًا في ( كل ) و ( بعض ) كما ذكره الزجاجي في شرح الجمل على ما أتذكره من نقل ابن هشام عنه ، وأجازوه أيضًا في ( سوى ) ، وسند الجواز : أن الكلمات السابقة تُعَرَّف بالإضافة إلى الضمائر اتفاقًا ، والمعرف بالإضافة إلى الضمير في رتبة العَلَم كما صححه ابن هشام ، والعلم أَعْرَفُ من المحلى بأل ، فإذا جاز تعريف هذه الكلمات بالأعلى فإن تعريفها بالأدنى أولى بالجواز . وإعراب ما بعد ( غير ) في حال تنكيرها واضح وهو أنه مضاف إليه ؛ سواءٌ كان نكرةً أو معرفةً ، أما في حالة تعريفها بأل فإن ما بعدها يعرب أيضًا مضافًا إليه شريطةَ أن يكون هو أيضًا مُعَرَّفًا بأل مثل قولي : [ الغيرِ المقطوفِ ] ، أما قولهم مثلاً : [ الزجاجات الغير صالحةٍ ... ] فهو خطأ ، وبيان ذلك : أن الأصل في المضاف إليه أن يكون نكرة ، لكن هناك حالاتٌ يجوز أن يأتي فيها المضاف معرفًا بأل ، ومنها الحالة التي أجزناها ؛ وهي كون المضاف مشتقًا والمضاف إليه معرف بأل ، صحيح أن ( غير ) اسم جامد إلا أنها في تأويل اسم الفاعل : ( مغاير ) ، ولذلك جازت هذه الحالة ، أما الحالة الأخرى فإنها لم تَجُزْ لتخلف شرطٍ وهو تعريف المضاف إليه بأل ، وهناك حالتان يجوز فيهما تخلف هذا الشرط لكن مع وجود شرط آخر وهو كون المضاف مُثَنًّى أو جمعًا مذكرًا سالِمًا ، ولا يتأتى هذا في ( غير ) لأنها اسم جامد ، وجَمْعٌ الجوهري لها على ( أغيار ) مشكلٌ ، وعلى أية حالٍ هو لم يذكر لها مُثَنًّى ولا جمعًا مذكرًا سالِمًا . وهناك حالة أخرى جائزة لـ( الغير ) وهو أن تأتي مستقلة دون إضافة ، وتكون بمعنى : الآخرين ، ومثلها : ( السوى ) .

[***] : قال الملوي كما نقله عنه الباجوري في حاشيته على (( السلم )) : [ واعلم أنه جرى على ألسنتهم أصغر وصغرى وأكبر وكبرى وليس بلحن ؛ لأنهم لا يريدون تفضيلاً على معنى ( من ) ، وإنما يريدون معنى فاعل وفاعلة ، كما في قول النحويين جملة صغرى وجملة كبرى ، وقول العروضيين فاصلة صغرى وفاصلة كبرى ، وكما في قول ابن هانئ :-

كأن صغرى وكبرى من فقاقعها - حصباء در على أرض من الذهب ] ، اهـ .

 


 1  2 

*عرض كافة التعليقات
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
زادك الله علما وفضلا يا محمود    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 

زادك الله علما وفضلا يا أستاذ محمود، أنت والله من آيات الله في خلقه، فتبارك الله، وجل من خالق، ولكن أتمنى أن تبحث عمن يكتب لك إيقاع المنسرح الذي حدثتنا عنه على النوطة الموسيقية، كما فعلت أنا في إيقاع البحر المديد، ولن تعدم في مدينتك من يجيد ذلك، واحتسبها منة علينا، فعسى تنكشف عنا الغمة وننعم بذخائر هذا البحر، ونفهم معنى قول البسطي:

ومنشد الشعر يغرينا بنغمته إذا شدا بسريع أو iiبمنسرح

*زهير
16 - يونيو - 2006
خواطر حول الوزن والإيقاع والقافية    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 

أجل تبارك الرحمن وجل من خالق يا أخي زهير ، فالأستاذ محمود الدمنهوري على سلامته وبالنظر إلى حداثة سنه يعد من آيات الله في خلقه . ومع أنه لا غرابة في أن ينبغ شاعر في مقتبل عمره ، فإن ما يبعث على الإعجاب أن يقترن هذا النبوغ بمحصول وافر من العلم لا يكاد يتوفر لبعض من بلغ الحادية والثمانين فما بالك بمن انقلب الرقم عنده .

وأنتقل إلى تصريح أستاذنا محمود حول اهتدائه إلى إيقاع المنسرح ، حيث لفت نظري قوله بانتقال الكشف عنده إلى مخلع البسيط لما رآه من قرب ما بينهما في الإيقاع ، وتبادر إلى ذهني أن ذلك يمكن أن ينسحب على ثالث الخفيف حين يلتزم الخبن في عروضه وضريه ، كما في قول جميل بن معمر :

رَسمُ دارٍ وَقَفتُ في طَلَلِه=======كِدتُ أقضي الحَياة من جَلَلِه

موحِشاً ما ترى به أحَداً =========تنسِج الريحُ تُربَ مُعتَدلِه

ولو زدنا سببا في أول كل شطر منه وجدناه انتقل إلى المنسرح كقولنا :

ذا رسم دار وقفت في طلله =======قد كدت أقضي الحياة من جلله

فلو نظر الأستاذ محمود إلى بحر الخفيف من جهة علاقته بالمنسرح على النحو الذي  بيناه أعلاه فقد ينكشف له إيقاع بحر الخفيف كما انكشف له إيقاع مخلع البسيط .

وحول سؤال الأستاذ محمود الذي أجاب فيه عن نفسه  : "البيت المصرع ؛ هل يقع بين عروضه وضربه إيطاء ? ظني أنه يقع" . فظنه على مايبدو صحيح ، قال ابن رشيق في العمدة في باب التقفية والتصريع : " والتصريع يقع فيه من الإقواء والإكفاء والإيطاء والسناد والتضمين ما يقع في القافية : فمن الإقواء .. ومن الإيطاء قول عبد الله بن المعتز :

يا سائلا كيف حالي =======أنت العليم بحالي

وفي موضع آخر يقول ابن رشيق عن الإيطاء : "والإيطاء جائز للمولدين ، إلا عند الجمحي وحده ؛ فإنه قال : قد علموا أنه عيب .. وقال الفراء : إنما يواطئ الشاعر من عيّ ، وإذا كرر الشاعر قافية للتصريع في البيت الثاني لم يكن عيبا ، نحو قول امرئ القيس : "خليليّ مرا بي على أم جندب" ، ثم قال في البيت الثاني: "لدى أم جندب". 

*سليمان
16 - يونيو - 2006
هدية من أمي إلى الأستاذ سليمان    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
أستاذنا الجليل سليمان أبو ستة: هذه هدية أمي إليك، بعثتْ إلي بها عن طريق أخي معتز =وهو في الواحدة والأربعين من العمر= عازف بالسليقة على (البزق) ومتخرج من كلية الحقوق، وكنت قد شغلته مدة طويلة بالتنقيب عن إيقاع المنسرح فباءت جهودنا بالفشل، ثم إنه نشط منذ مدة لجمع محفوظات الوالدة =سلمها الله= تملي عليه وهو يكتب، فكانت المفاجأة أنها أملت عليه موالا من المنسرح، ولكنه تقاعس بإخباري طمعا منه أن يظفر بآخر وآخر فتكون المفاجأة كبيرة، وهو الذي فاوضها في توجيه هذه الهدية إلى الإستاذ سليمان، وأخبرها بما كان منه في تعليقات سابقة مشكورا. وقد حدثني من اللاذقية وهو في رحلة عائلية، ومعه ابني فداء، الذي ترك أبوظبي منذ أسبوعين لقضاء العطلة الصيفية في دمشق. وهذا نص الموال:
أسـمر سمارك شفا ضنا سهري والـلـيل ولّا الهوا طفا iiقمري
لَـطْلعْ  لشيخ الجبلْ واشرح iiلُهْ واسكب دموعي نهرْ على وتري

وهذا أبعد ما يكون عن الطريقة التي شرح فيها الأستاذ الدمنهوري إيقاع المنسرح، والله أعلم إلى أين سينتهي بنا المطاف.
*زهير
17 - يونيو - 2006
سبقك بها عكاشة    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
اسمح لي يا أستاذ سارية أولا أن أرحب بك في الوراق، لأنني لا أتذكر أن لك مشاركة سابقة، وأنت تحمل اسما له ضوضاؤه في حياتي، لذلك اضطررت أن أقدم بهذه المقدمة دفعا للشبهة، وحتى يعلم الزوار أنك غير سارية الذي هو مني بمثابة أبي الفتح الإسكندري من بديع الزمان.
كلامك يا أستاذ سارية مقبول من حيث الظاهر، وقد فعلت أنا مثلك تماما قبل أكثر من عشرين سنة، ولكن ذلك لم يُجدِ قطميرا، وذهب هباء مثل مذهب حازم في المنسرح. وأظن أن الخليل بن أحمد ولسر يعرفه =وأخشى أن لا يكون مات معه= وضع (مفعلات) في المنسرح، ثم اقتضب منه المقتضب، فكان (مفعولات مفتعلن) إلا أنه أوجب عليه المراقبة، وهي: (أن لا تجتمع سواكن الأسباب معا، وألا تحذف معا، أي عكس المكانفة) ولكن للأسف فأنا لا يحق لي أن أدلي برأيي في المنسرح، إلا أنني أفهم تماما أن عقلية فذة مثل الخليل بن أحمد لا يستهان بخبرتها وأدائها. وإن كان يجوز أن يضاف عليها. وها نحن نرى صدق قوله بعد استحداث برامج العروض على الحاسوب، فقد حكم بذائقته أن (مستفعلن) الثانية في البسيط لا يلحقها الخبن (أي سقوط السين) فلا يجوز أن يكون حرفها الثاني متحركا أبدا، وهذا ما تشهد له كل برامج العروض الحاسوبية اليوم. وقد شذ المتنبي عن ذلك متعمدا في بيت يتيم. وأمثِّلُ لك ما أراده الخليل هنا بقول شوقي: (يا لائمي في هواهُ والهوى قدر) ومكان السين من هذا البيت إشباع الهاء وجوبا. ويمكنك النظر في أي قصيدة من البحر البسيط لترى صدق صفاء ذهن الخليل، وقد شاعت كلمة القدماء أنه (لا يجوز على الصراط يوم القيامة بعد الأنبياء أصفى ذهناً من الخليل بن أحمد) حتى ولا أستاذتي ضياء خانم
*زهير
18 - يونيو - 2006
شهادة أفتخر بها    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 

- أشكر الأساتذة الكرام على كلماتهم الرقيقة الجميلة ، وأجدني في أشد الخجل أمام هذا الإطراء البالغ الذي لا أستأهله ، وإنما هو نابعٌ من نفوسهم العالية الكريمة ، ولقد كان جَعْلِي ضمن [ سراة الوراق ] تبعةً ، أَمَا وقد زاد هذا الإطراء فما أراها إلا ثَقُلَت ، وعساي أن أُوَفَّقَ إلى حملها ، وهذه قصيدةٌ للأستاذ / زهير :-

يَا إِمَامَ السُّرَاةِ وَالْكُبَرَاءِ ؛ ŸŸŸ بَعْضَ هَذَا الثَّنَاءِ وَالإِطْرَاءِ ،

أَنَا دُونَ الَّذِي وَصَفْتَ ، وَلَوْلا ŸŸŸ أَنَّكَ الْمُثْنِي خِلْتُ ذَا لازْدِرَائِي ،

مَا لِمِثْلِي - مَا زَالَ فِي أَوَّلِ الدَّرْ ŸŸŸ بِ - انْتِقَادُ الأَقْوَالِ وَالآرَاءِ ،

غَيْرَ أَنِّي عَلِمْتُ حِلْمَكُمُ الْوَا ŸŸŸ سِعَ عَمَّا أَقُولُهُ مِنْ هُرَاءِ .

أَيُّهَا السَّيِّدُ الَّذِي لِمْ تَقَعْ قَطُّ ŸŸŸ عَلَى كُفْئِهِ عُلاً عَيْنُ رَائِي ؛

بِكَ تَاهَتْ عَلَى الْبِلادِ دِمَشْقٌ ŸŸŸ وَسَمَتْ فَوْقَ مِصْرَ وَالزَّوْرَاءِ ،

أَنْتَ فِي هَذَا الْعَصْرِ فَارِسُ أَهْلِ الْـ ŸŸŸ أَدَبِ السَّامِي وَاحِدُ الشُّعَرَاءِ ،

لَكَ أَعْطَى الْمَقَادَةَ الشِّعْرُ طَوْعًا ŸŸŸ وَالْقَوَافِي إِمَاكَ دُونَ مِرَاءِ ،

لَمْ يُنَازِعْكَ شَاعِرٌ فِي افْتِضَاضِ الْـ ŸŸŸ ـحِكَمِ الْبِكْرِ وَالرُّؤَى الْعَذْرَاءِ ،

وَسَعَتْ نَحْوَكَ الْمَعَانِي الْغَوَانِي ŸŸŸ وَأَتَتْ بِالْقَصَائِدِ الْغَرَّاءِ ،

حَلَّقَ الشِّعْرُ مِنْكَ فِي أُفُقِ الإِبْـ ŸŸŸ ـدَاعِ لَمْ يَنْزِلْ حَمْأَةَ الأُسَرَاءِ .

لَسْتُ أَجْزِيكَ بِالْمَدِيحِ مَدِيحًا ŸŸŸ كَمُحَابٍ مُدَاهِنٍ أَوْ مُرَائِي ،

إِنَّهُ بَعْضُ مَا أَجَنَّ فُؤَادِي ŸŸŸ مِنْ وِدَادِي ، وَلَمْ يُشَبْ بِافْتِرَاءِ .

كَانَ يَجْرِي الْيَرَاعُ أَكْثَرَ مِنْ ذَا ŸŸŸ فِي قَصِيدِي لَوْ لَمْ يُقَيَّدْ بِرَاءِ .

- أما عن إيقاع المنسرح فأنا اطمأننت إليه ، لا سيما أني وجدت بالصدفة بعد كتابتي لهذا الموضوع موقع [ أوزان ] للأستاذة / لينة ملكاوي المشاركة في الوراق ، ووجدت قصائد المنسرح في هذا الموقع قد أنشدت على نفس الإيقاع الذي ثبت لديَّ ، ربما خانتني العبارة في التعبير عنه ، لكن إذا استمع الأساتذة إلى القصائد الموجودة في الموقع السابق فأظن أنهم سيرتاحون إلى أن هذا هو إيقاع المنسرح لا غير ، وإن وجدوا أنه ليس بإيقاعه فستتلاشى البسمة التي لم تكد تعلو شفاهنا بأوبة هذا الغائب ، ونعود لرحلة البحث عنه من جديد ، ويكون الإيقاع الذي تذوقته إيقاعٌ آخر تلاقى مع المنسرح مصادفة كالتي تحصل بين الكامل والرجز والوافر والهزج ، ويكون ما ذكرته من اختفاء شيء من العذوبة في ( مفعولات ) السالمة دليلٌ على هذا .

*محمود العسكري
18 - يونيو - 2006
لا فض فوك    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 

لا فض فوك يا أستاذ محمود، أسأل الله العلي القدير أن أكون أهلا لهذه القصيدة العصماء، والتي أرغمتني بما فيها من الجمال والصدق أن أعتذر من القراء أني أنشر في الوراق قصيدة في إطرائي. ولكن لعل ليس كل القراء يعرف قيمة هذه القصيدة فنيا، فهي من أصعب أنواع الشعر، إنها من (لزوم ما لا يلزم) ولا يطرق الشعراء هذا النوع من الشعر إلا عندما يقصدون إلى مزيد من الاختصاص والعناية بهديتهم. وأما قيمة القصيدة الكبرى فأنها مكتوبة بأصدق ما عرفت قلما ونفسا وشبابا، ويشهد على صدق مقالتي هذه أنني افتتحت التعريف بالأستاذ محمود في قائمة السراة بقولي: (صديقي) ولم تكن عيني قد وقعت على صورته بعد، ولا كنت أعلم أنه في الثامنة عشرة من العمر، بل كنت أحسب أنه في أوائل العقد الرابع، ونعته بصديقي لما كنت أحس في مشاركاته من أن روحه قسيم روحي.. وأكرر شكري وامتناني يا أستاذ محمود، وأريد أن أختار من قصيدتك بيتا أضمنه شكري وعذري للقراء:

أنـا دون الذي وصفت ولولا أنك المثني خلت ذا لازدرائي

هذا البيت يا أستاذ محمود يذكرني بأقدم بيت سار من شعري، وكنت إذ ذاك في سنك، أي قبل ثلاثين سنة. وهو قولي

قـالوا  فلان يقول إنك iiأبله فـأجبتهم في أعين iiالجهلاء
إياك يمدحك السفيه فتزدرَى ومـن المحامد سبة iiالسفهاء

*زهير
18 - يونيو - 2006
تعقيب حول رأي الأستاذة لينة    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
إيقاع البحر المنسرح الذي نوهت به يا أستاذ محمود، والذي تبنته الأستاذة لينة ملكاوي في موقعها (أوزان) هو نفسه إيقاع المنسرح عندنا في دمشق، وقد كشفت لي الأستاذة لينة في رسالة خاصة أنها غير مطمئنة إلى هذا الإيقاع، وأنها لا تزال دائبة البحث عما يناسب هذا البحر الجليل من الإيقاع. ثم لماذا عزف شوقي وحافظ وهما كبيرا شعراء العصر عن المنسرح لو كان هذا الإيقاع مقنعا. إن خلاصة ما يقال في إيقاع المنسرح أنه يجب أن يكون أجمل من إيقاع الكامل والبسيط والوافر والرمل، لأن شعراء العصر العباسي جعلوه مطيتهم في دعاباتهم ومجونهم، وكان عمدة العشاق في مراسلاتهم وغزلياتهم العاجلة والمختصرة، ولن يحل هذه المشكلة إلا موسيقار من طبقة السنباطي، ولكن أهل الموسيقى عامة لا يستوعبون هذه المشكلة، بل قلة منهم من يعرف العروض ويفهم مصطلحاته.
*زهير
18 - يونيو - 2006
غدير دمنهور    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
إيـه مـحـمـود سيد iiالقراء شـوق  صب مداهن iiومرائي
وريـاء  الـمحب في iiعاذليه لـك  مـا في قبوله من iiمراء
نـازلاأعـرق  البحيرة iiسفحا فـي دمـنهور مرتع iiالأمراء
وسـلامـا لقصر محمود iiفيها بـيـن بـيت الخليل والفراء
وفـتى  مصر ما رأينا iiنظيرا لـفتاها  ولا رأت عين  iiرائي
كان  كالمسك في الزمان نهارا يـوم وافـى بالصورة iiالغراء
لـم  تكن صورة نظرت iiإليها وكـأنـي دخـلت غار حراء
الجلال  العريق ميراث iiصدق وشـيـوخ  وعـلـية iiكبراء
في سنيه الثمان عشرة iiروض من  رياض البحيرة الخضراء
ومـكان الأهرام مجدا iiوسحرا ومـكان الخطيب في الزهراء
وغدير مثل ابن خلدون يجري وطـمـوح  يمتد  iiكالصحراء
قـد  نـهلنا أصالة العلم iiعذبا وقـرأنـا  رصـانـة الآراء
كـل  يـوم يمر أذكر iiضعفي عـن جواب القصيدة iiالعذراء
لست  أطريك صاحبا iiوصديقا كل جيلي وكل صحبي iiورائي
وسـراة الـوراق ملء هواها فـوضتني  أطيل في iiإطرائي
إيـه مـحـمود لليالي iiقصيدا وحـديـثـا للشعر iiوالشعراء
*زهير
18 - سبتمبر - 2006
((مفعولاتُ)) في المنسرح    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
* - ((وكان مما لاحظته في الأبيات التي نظمتها أني لم آتِ بـ : (( مفعولات )) إلا مطويةً ، وعندما أردت أن آتيَ بها غيرَ مزاحفة وجدت شيئًا من العذوبة قد اختفى ، ومما زادني اطمئنانًا إلى صحة هذا الشعور أني قرأت قصيدة المتنبي : (( أهلاً بدارٍ سباك أغيدها )) = فلم ترد فيها (( مفعولات )) سوى مطويةٍ)) .
 
أخي محمود:
أود الإشارة هنا إلى أن (فاعلاتُ) في المنسرح (أو المخلع) أطيب وقعاً في الذوق والنفس من الأصل (مفعولاتُ).
ومع ذلك، فطالما ترددت (مفعولاتُ) في قصائد الفحول.
وإذا كانت قصيدة المتنبي: (( أهلاً بدارٍ سباك أغيدها ))، لم ترد فيه (مفعولاتُ)، ففي قصائده الأخرى عدد لا بأس به من الأبيات التي استخدم فيها هذه التفعيلة.
يقول المتنبي:
أَوْهِ بديلٌ منْ قَوْلَتي واها * لِمَنْ نأتْ والبديلُ ذكْراها
كلُّ جريحٍ تُرْجى سَلامتُهُ * إلاّ فؤاداً رمَتْهُ عيناها
ويقول:
أحَقُّ عافٍ بدمعِكَ الهِمَمُ * أحدَثُ شيءٍ عَهْداً بِها القِدَمُ
هُمُ لأمْوالهمْ ولَسْنَ لهمْ * والعارُ يبْقى والجرْحُ يلتئِمُ
ويقول:
الثغْرُ والنّحْرُ والمُخَلْخَلُ والـ * مِعصَمُ دائي والفاحِمُ الرَّجِلُ
في سَعَةِ الخافقَينِ مُضْطَرَبٌ * وفي بلادٍ منْ أختِها بدَلُ
ويقول:
هانَ على قلبِهِ الزمانُ فما**يَبينُ فيهِ  غَمٌّ وَلا جَذَلُ
والطّعْنُ شَزْرٌ والأرضُ واجفةٌ**كأنّما في فؤادِها وَهَلُ
أنتَ لَعَمْري البَدْرُ الْمُنيرُ ولـ**ـكنّكَ في حومةِ الوغى زُحَلُ
ويقول:
وربّما أشهَدُ الطعامَ مَعي**مَنْ لا يُساوي الخُبْزَ الَّذي أكَلَهْ
ما لِيَ لا أمدَحُ الحسينَ ولا**أبذُلُ مثْلَ الوُدِّ الَّذي بَذَلَهْ
القاطِعُ الواصِلُ الكَميلُ فلا**بعضُ جميلٍ عنْ بعْضِهِ شَغَلَهْ
ومثل ذلك كثير.
 
*عمر خلوف
28 - سبتمبر - 2006
يا سارية "المنسرح"    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
 
الآن وقد أثير هذا الموضوع الجميل فإني أتوجه الى أولي العلم في العروض وأسألهم عن التقسيمة التي أعرفها هل يجوز أن أقول أن تفعيلات المنسرح هي : مستفعلن فاعلن مفاعلتن . أرجو التوضيح والمناقشة
سارية نصار - سوريا
 
أخي سارية
لقد اشار أستاذ السراة إلى أن تقسيمتك للمنسرح هي مما جاء به القرطاجني
وهي تقسيمةٌ قد تفيد المبتدئ في السيطرة على هذا الوزن الحرون.
ولكنها لا تفي بمتطلبات ما جاء على (مفعولاتُ) منه، كالشواهد التي أوردتها في مداخلتي السابقة، من شعر المتنبي على سبيل المثال لا الحصر.
بل إن من المهم أيضاً أن يعرف الشاعر، والمحقق، أن كثيراً من الشعر قد جاء على أصل هذا الوزن وهو: ((مستفعلن مفعولاتُ مستفعلن)).
فليس من النادر أن ترد العروض على أصلها: (مستفعلن).
يقول ابن قيس الرقيات:
قتلْتِ نفْساً بغيرِ نفْسٍ ولَمْ ** تقتلْ ولم تستَقِدْ ولمْ تُقِدِ
حتى متى تُنجزينَ وعْدي فقد ** طال وقوفي لوعدكِ النّكِدِ
تركْتِني واقفاً على الشكّ لم ** أصدُرْ بيأسٍ منكمْ ولم أَرِدِ
ويقول العباس بن الأحنف:
إنّكِ لا تعرفينَ ما الهمُّ والـ** ـغَمُّ ولا تعلمينَ ما الأرَقُ
أنا الذي لا تنامُ عيني ولا ** تَرْقا دموعي ما دامَ بي رَمَقُ
وللمتنبي:
حيثُ التَقى خدُّها وتفّاحُ لُبْـ ** ـنانَ وثغري على حُمَيّاها
وله، وقد التقت (مفعولاتُ) مع العروض (مستفعلن) في شطر واحد:
يُرْعيكَ سَمْعاً فيهِ اسْتـماعٌ إلى الـ** داعي وفيه عن الخنى صَمَمُ
ومن نادر المنسرح، أن يرد الضرب على الأصل (مستفعلن)، وقد جاء.
يقول العماد الأصبهاني:
بعتُ بمصرٍ دمشقَ عنْ غَرَرٍ** منّي، فيا غُبْنَ صفقةِ البائِعِ
صبْرِيَ والقلبُ عاصِيانِ وما**غيرُ همومي وأدمعي طائعي
 
عمر خلوف
*عمر خلوف
28 - سبتمبر - 2006

 
   أضف تعليقك
 1  2