مجلس : دوحة الشعر

 موضوع النقاش : حول أسماء البحور    قيّم
التقييم :
( من قبل 1 أعضاء )
 داوود 
30 - مارس - 2006

تعريف اسم البحر بـ ( الـ )

 تحي حب وتقدير لرواد الوراق الكرام وبعد ..

علم العروض .. هو العلم الوحيد الذي ولد مكتملا ، فلم يضف إليه أحد عبر العصور إضافة يعتد بها ، والأصل في العلوم كلها أنها تولد بدائية ثم تتطور وتنمو عبر القرون والأجيال .. ويروى أن الخليل ، وهو مشهود له بالورع والتقى ، ولذلك وضعه أبو العلاء المعري في جنة غفرانه ، يروى أنه كان في الحج ، فدعا الله أن يرزقه علما لم يرزقه لأحد من الأولين ، ولا يرزقه لأحد من والآخرين ، ففتح الله عليه بهذا العلم ، الذي لم يزد عليه الدهر إلا إصبعا ..

درج كثير من الزملاء مدرسي اللغة العربية ، طبقا للكتب المدرسية الحديثة ـ وكثير منهم لا يتقن علم العروض بله فن العروض ـ درجوا على الخطأ في تسمية البحور، والتلعثم في لفظها ، والتردد في نطقها ؛ لأن ذوقهم غير مقتنع ، وعلمهم غير مطمئن ، وعقلهم غير متأكد مما يهمُّون بلفظه ؛ وذلك لضعف في الاطلاع ، لدى المدرسين والمؤلفين على السواء.

فكتب العروض تقول: ( البحر الطويل ) و( بحر الرجز ) فتعرّف البحر مع صفة الطويل وتنكـّره مع الإضافة إلى الرجز. وقد ظن بعض الذين هبطوا على مهنة التأليف أو هبطت عليهم ، أن الأمر مجرد تعريف وتنكير ، فألقى بعضهم بـ ( ألـ ) على البحور كلها فهو يقول: ( البحر الطويل  و البحر الرجز ) وألقى بعضهم ( ألـ ) بعيدا عن البحور كلها فهو يقول: ( بحر الطويل وبحر الرجز ) .. وهـذا غير سليم .. وصواب الأمر - والله أعلم - ما يلي:

إن أسماء البحور نوعان:

.       أسماء جـــامدة ، وهي حصرا ( الرجز والرمل والهزج والخبب )

.       أسماء مشتـقـة ، وهي باقي البحور وهي ( الطويل والبسيط والخفيف والكامل والمديد والسريع والمنسرح والمضارع والمجتث والمقتضب والمتقارب والمتدارك والمحدث ) 

مع التذكير بأن ( المحدث والمتدارك والخبب وركض الخيل ) هي أسماء لمسمى واحد ، هو البحر المتدارك ، الذي استدركه أو تداركه الأخفش على أستاذه الخليل .. وقيل بأن الخليل أهمله عمدا لأنه وجده أقرب إلى النثر ..

فما كان جامدا من الأسماء فلا يقع صفة ـ كما تقول قواعد النحو العربي ـ ولذلك فهو لايتبع ما قبله في التعريف والتنكير ، وما كان مشتقا فهو يقع صفة ، ويتبع ما قبله تعريفا وتنكيرا .

ففي قولنا: البحر الطويل ، وقعت كلمة الطويل صفة للبحر، فتبعته في التعريف ( ولا أود الدخول في إعراب كلمة البحر نفسها ).

أما قولنا بحر الرجز ، فكلمة ( الرجز ) مضاف إليها وليست صفة ، ولا يجوز أن تقع صفة ؛ لأنها اسم جامد ، ولذلك لم تتبعه في التنكير ، بل إن المضاف لا يجوز أن يكون محلى بأل ، غالبا ، فالمعرف بأل لا يضاف إلا في القليل النادر ، حتى لا يجتمع في الكلمة تعريفان .

فنحن نقول : الكتابُ الجديدُ ، على الوصف ، ولا نقول كتابُ الجديدِ على الإضافة ، مع جواز الإضافة كما سيأتي بعد قليل .

ونقول كتابُ البحرِ على الإضافة قولا واحداً لا غير ، ولا نقول الكتابُ البحرُ ، إلا إذا جاز تأويلنا البحر بمشتق ، كالغنيّ مثلا ، فيكون المعنى : الكتابُ الغنيُّ ، وهو ممكن.. ويبدو التكلف واضحاً ..

ولهذا نقول: بحرُ الرملِ وبحرُ الهزجِ وبحرُ الرجزِ، بالإضافة لاغير، فهل يمكن تأويل بحر الرجز بالبحر الراجز أو المرجوز مثلا ، لنقول البحر الرجز بمعنى البحر الراجز أو المرجوز?. الواضح امتناع ذلك..

نعم يجوز لنا في المشتق أن نضيفه فنقول : كتابُ الجديدِ ، ولكن على تقدير حذف الموصوف ، أي : كتابُ العلمِ الجديدِ .

فالبحور المشتقة هي موصوف وصفة ، فنقول: البحرُ الطويلُ والبحرُ المقتضبُ والبحر المنسرحُ .. ولو أضفنا فقلنا بحرُ الطويلِ على الحذف ، أي على تقدير: بحرُ الوزنِ الطويلِ ، أي على حذف الموصوف ، لجاز لنا ذلك ، ولكن الأولى هو ما لا تأويل فيه لحذف ، ولا تقدير لمحذوف .

والخلاصة :

نقول في المشتق من أسماء البحور : البحر الطويل والبحر البسيط بتعريف الصفة والموصوف .. ونجعل ذلك مصطلحا لاسم البحر ، وقد كان ..

ونقول في الجامد من أسماء البحور : بحر الهزج وبحر الرمل وبحر الرجز بالإضافة وتعريف المضاف إليه لا غير .. ونجعل ذلك مصطلحا لاسم البحر أيضا ، وقد كان ..

أما الخطأ في لفظ اسم البحر بين اسم الفاعل واسم المفعول ، فحدث ولا حرج .. فالبحر المنسرِح بكسر الراء لا يجوز أن يكون المنسرح بفتح الراء ، وكم يفعلها بعضهم !. والبحر المقتضَب والمتدارَك بفتح الضاد والراء ، فلا يجوز فيها كسر الضاد والراء ، وكم يلفظها بعضهم !. هذا والله تعالى أعلم .. ورحم الله ونضر الله من أهدى إلي عيوبي .. داوود ..



*عرض كافة التعليقات
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
توهم الخطأ في تسمية البحور    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
 

لا أدري لم شغل الأخ داوود نفسه بتصنيف أسماء البحور إلى جامدة ومشتقة ، ومن أي كتاب وجد من يقول : ( البحر الطويل ) و( بحر الرجز ) ، وماذا يرى في أسماء للبحر المحدث أو المتدارك ( بفتح الراء وكسرها ) مثل ( دق الناقوس ) و( قطر الميزاب ) و( ركض الخيل ) ?

ثم هل يقصد إلى تغليط السلف الصالح من عروضيينا الذي ذكروا من عناويين أبواب البحور : (البحر الطويل ) و( البحرالرجز ) ، ومع ذلك كثيرا ما نراهم في غير الإشارة إلى عناويين الأبواب يقولون : (بحر الطويل) و(بحر الرجز) دون أن يشهر عليهم أحد سيف التصويب .

بعض العروضيين يشير إلى رؤوس الموضوعات في كتابه بقوله : (باب الطويل) و(باب الرجز)  وبعضهم يقول : شطر الطويل وشطر الرجز وأخرون ، وأنا منهم ، يؤثرون السلامة فيقولون : (الطويل) و(الرجز) .. وهكذا . 

قلت : المتدارك ( بفتح الراء وكسرها ) وفيما يلي تفصيل ما قصدت :

بعضهم يقول المتدارك ( بفتح الراء ) توهما منه بأن الأخفش تداركه على الخليل وسماه بهذا الاسم ، وهي أسطورة ثبت زيفها كما أن أول من وجدناه ذكر ( المتدارك ) بهذا الاسم هو الجوهري في كتابه عروض الورقة ( وهل يعقل أن من يتدارك بحرا لا يأتي باسمه معه أم أنه ترك لغيره أن يختار له الاسم الذي سيعرف به) . وعلى حد علمي أن أبا الحسن العروضي في كتابه الذي حقق باسم الجامع هو أول من استدرك هذا البحر وسماه (الغريب) كما صرح بذلك
*سليمان
31 - مارس - 2006
استطراد    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
 

وهناك من يقول : ( المتدارك ) بكسر الراء " لأنه تدارك ( المتقارب ) أي التحق به لأنه خرج منه بتقديم السبب على الوتد " كما ذكر الدمنهوري في حاشيته على متن الكافي لأبي العباس القنائي . وعلى رأي الدكتور عبد المنعم خضر الزبيدي أن " المتدارك مصطلح استعمله الخليل نفسه لوزن مهمل في الدائرة الخامسة ، وأن نطقه بكسر الراء وليس بفتحها ، أي كالمتقارب سواء بسواء " . ثم تأمل معي ما استطرد به الزبيدي في قوله : " ذلك أن الخليل دعا أوزان أو بحور كل دائرة ، باستثناء (دائرة المشتبه) التي يدل اسمها على اشتباهه أو شكه وارتيابه في طبيعة إيقاع أوزانها ، وهي عنده الدائرة الوحيدة التي يكون الوتد فيها (مفروقا) لا (مجموعا) ، دعا أوزان كل دائرة بأسماء متوافقة أو متوازنة في الصيغة والدلالة . فأسماء البحور في الدائرة الأولى وهي (الطويل) و(المديد) و(البسيط) على وزن (فعيل) . وتدل جميعا على الطول والانبساط . وأسمى البحرين المستعملين في الدائرة الثانية (الوافر) و(الكامل) أي أنهما على وزن (فاعل) ، وهما متقاربان كذلك في الدلالة اللغوية . وأسماء بحور الدائرة الثالثة هي (الهزج) و(الرمل) و(الرجز) ، أي أنها على وزن (فعل) ، ودلالاتها المعنوية أو اللغوية متقاربة أيضا . كذلك فعل في أسماء الدوائر الخمس بين (مختلف) و(مؤتلف) و(متفق) وبين (مجتلب) و(مشتبه)" .

وأخيرا ، ماذا يقول الأخ داوود في أسماء الدوائر الخمس ، وهي على رأيه من الأسماء المشتقة  أنقول : الدائرة المختلفة والدائرة المؤتلفة .. أم نقول : دائرة المختلف ودائرة المؤتلف ?

فأما بالنسبة لي فقد رأيت الوجهين في كتب العظام من السلف رحمهم الله .

*سليمان
1 - أبريل - 2006
شكر وتوضيح    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 

تحية للأخ سليمان وبعد .. أما لماذا شغلت نفسي? فحتى لا يغضب أمثالك من أمثالي ، إذا اختلفنا في شيء ، والتصويب ليس سيفا مسلطا على رقبة أحد ، بدليل أنك تحاول أن تصوب لي مشكورا .. وأما تخطئة السلف الصالح فأنا أول وقاف عند كلام السلف الصالح ، فقل لي من قال منهم ( بحر الطويل ) و( البحر الهزج ) وسأعض عليه ليس بالنواجذ فحسب ، وإنما بأسناني كلها ، أو قل ( بطقم أسناني ) ودع عنك ( باب الطويل ومنهوك الرجز ) فهذا  كقولهم ( باب: البحر الطويل ، ومنهوك بحر الرجز ) ثم حذفوا الموصوف  كما أسلفت في مقالتي أعلاه ، وباب حذف الموصوف معروف في كتب النحو ولعلك أعرف به مني .. وأرجو من أخي سليمان أن يزودني بكتاب للسلف الصالح يذكر فيه سلفنا الكريم ( بحر الطويل والبحر الرجز ) ولا أريد( باب الطويل ومجزوء الرجز ) لأن هذه الأخيرة على حذف معلوم ..

أما أن الأخفش لم يتدارك ، فقد أوافقك من دون أن أسمي هذا أسطورة ثبت زيفها ، فقد قلت إن الخليل عرف البحر وأهمله لأنه رآه أقرب إلى النثر .. بل إن الخليل أهمل البحور المهملة كلها بعبقرية نادرة ، كيف لا وهو الذي مدحه الشاعر بقوله : الألمعي الذي يظن بك الظن كأن قد رأى وقد سمعا ?. ومن بعد الخليل حاول المحاولون استنباط أوزان للموشحات فعجزوا ، فلا أخرجوا بحورا مستعملة ولا مهملة ، وحت دوائر الخليل ، جاء المتأخرون بالبحر المستطيل والبحر المنبسط وأمثالها ثم لم يكتبوا عليها شيئا ذا بال ؛ لأن الأذن العربية لم تسغها من قبل ولم تسغها من بعد ..

أما قولك فهل يعقل ، فأرجو ألا تعيدنا إلى هرطقات طه حسين فالعلم لا يبنى على عبارات مثل :( هل يعقل ?. ومن الممكن ، وليس مستبعدا ) وأنا أقدم لك الدليل الحاضر ، فعندما جدد السياب والملائكة ( بحسب زعم الزاعمين فقد سبقهم من سبقهم ) فماذا سمي جديدهما ?. لقد سمي ( الشعر الحديث ) فهل لكلمة الحديث من معنى ? أليس الحديث اليوم سيصير قديما غدا?.  أوليس القديم أمس كان جديدا في يومه كما قال ابن قتيبة وغيره?. فهل القديم والجديد والحديث من المصطلحات الراسخة ?. ولذلك خجل القوم فسموه ( شعر التفعيلة ) ثم لم يخجلوا فسموه ( الشعر المنثور ) ثم فقدوا الموازين كلها فسموه ( قصيدة النثر ) أو ( النثيرة ) واختلفوا في حركات النون والثاء منها .. أليس هذا لامثالا على من يجدد ولا يجد لجديده اسما يوافق المسمى ?.. ومع هذا فقد أسلفت أن البحر سمي ( الخبب ) وأنت أضفت مشكورا ( دق الناقوس وقطر الميزاب ) وهذه الأسماء ليست من عندي ، وأنت تعرف أن السلف الصالح هم الذين تكرموا علينا وأتحفونا بهذه الأسماء ، فاخترنا منها واحدا هو المتدارك من دون أن نغمط أي اسم آخر حقه ..

اذكر لي كتابا للسلف الصالح سمى ( المنسرح ) بفتح الراء أو ( المقتضب ) بكسر الضاد ، وسوف أعفر خدي بتراب السلف الصالح ، أنا خادم السلف الصالح عليهم رضوان الله .. وأنت تقول ( المتدارك والمتقارب ) بكسر الراء وأنا أقول بفتحها ، فهات دليلك أو ارجع إلى أي كتاب للسلف الصالح أو أي كتاب حديث يعتد به وسترى صواب قولي لا رأيي ..

كل الذين نسبوا المتدارك لغير الأخفش مجهولون ، فثمة روايات كثيرة ، أقواها تنسب الأمر للأخفش ولا أرفض أن ينسب ذلك لسواه .. ولا داعي لبلبلة الأمر بروايات أفراد ضعيفة ..

وأما الدوائر فنقول كما قلت أنت ( دائرة المجتلب ) أي ( دائرة الوزن المجتلب ) ولكن أنقولها بفتح اللام كما أرى وترى معي ?.  أم بكسر اللام كما يود بعضهم أن يرى وأن يقنعك أن ترى ?. إن أسماء الدوائر العروضية قليل الدوران على الألسنة ، أما أسماء البحور فهي مصطلحات يجب التقيد بلفظها السماعي ، حتى ولو خالفت القياس، فكيف إذا كانت مطردة في القيلس والاستعمال معاً ?. إن أسماء الدوائر من باب اسم الفاعل ، وأما أسماء البحور فمنها لاهكذا وهكذا ، ولا أود تحديد اسم الفاعل منها من اسم المفعول ؛ ليظل مجال لمن يدلي بدلوه ، وأما الأسماء الجامدة منها فهي مصادر وهي بفتح الثاني ( فعَـل .. رمَـل .. هزَج ) لا بتسكينه .. 

تقول بأنك رأيت الوجهين في كتب العظام من السلف ، والسلف كلهم عظام ، فاذكر لي كتابا واحدا يمكن الوصول إليه ، فأنا رجل يبدو أنني لم أقرأ كثيرا ..

أخيرا أشكر الأخ العزيز سليمان ، حتى وإن لم يزودني باسم أي كتاب من كتب السلف الصالح .. وأرجو ألا يغضب من داوود بواوين ، فأنا لا أقصد مخالفة القاعدة ولكن اسمي هكذا وجد ، ولو حذفت واوه لجر علي أمورا أنا في غنى عنها ..  فعذرا .. والسلام عليكم ورحمة الله ..داوود ..

*داوود
1 - أبريل - 2006
رد    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
 

ومني لك أيضا أطيب التحية يأخي داوود ( ولم أتعرض للواو الزائدة بشيء من النقد ، فأنا أحتفظ في رسم اسمي بألف زائدة لم يراع فيها رسم المصحف ) . وأما عن طلبك ذكر من قال (بحر الطويل) و(البحر الرجز) فأستعين الله وأبدأ ، على سبيل المثال لا الحصر ، بذكر من قال ( بحر الطويل ) وهو السكاكي في مفتاح العلوم ومما قاله فيه : ".. ثم إن في القرآن من جميع البحور شعرا فيه من بحر الطويل من صحيحه : فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر .. ومن بحر المديد : واصنع الفلك بأعيننا ، ومن بحر البسيط .." واستمر على ذلك فقال : ومن بحر الهزج .. ومن بحر الرجز.. ومن بحر الرمل .. إلخ .

وأما من بين من قال (البحر الرجز) فنذكر ابن تغري بردي في كتابه  (المنهل الصافي والمستوفي بعد الوافي ) لقوله :  " وأحببت أن أجعل للبحر ضابطا على ما رتبه الخليل فقلت ... والسادس من البحر الهزج .. والسابع من البحر الرجز .. والثامن من البحر الرمل ..".

وهنا أود أن يحذف الأخ داوود العبارة التالية من مداخلته : " ولو أضفنا فقلنا بحرُ الطويلِ على الحذف ، أي على تقدير: بحرُ الوزنِ الطويلِ ، أي على حذف الموصوف ، لجاز لنا ذلك " لأنه بذلك التأويل يوجد مخرجا لم لا يريد أن يتمسك بالقاعدة ، فما دام الأمران جائزين فلماذا نجهد أنفسنا بتقعيد القواعد ?!

والكتابان اللذان رجعت إليهما متاحان لمن شاء في المكتبة التراثية لموقع الوراق ، جزى الله القائمين عليها خير الجزاء .

ومن بقية السلف الصالح من وجدناه يعنون لأبواب البحور في كتابه على هذا النحو : البحر الطويل ، ... ، البحر الهزج ، البحر الرجز .. ، والكتاب هو " أهدى سبيل إلى علمي الخليل " للمرحوم الأستاذ محمود مصطفى أستاذ الأدب العربي بكلية اللغة وقد كانت إحدى كليات الأزهر . وكان الشيخ محمد عبد المنعم خفاجي قد صدر الطبعة الثالثة عشر لكتابه منوها بجهوده ولم نجده قد تعرض لتخطئتة بشيء مما جاء في هذا الكتاب .

وكذلك وجدت صاحب شرح تحفة الخليل الأستاذ عبد الحميد الراضي ينهج في كتابه هذا النهج .

وأما ابن عبد ربه فاستعمل كلمة شطر بدلا من بحر أو باب فذكر في كتاب الجوهرة الثانية من العقد الفريد ( شطر الطويل ) و( شطر الرجز ) .. إلخ ، وهنا ربما لجأ صاحبنا داوود إلى باب حذف الموصوف ، ولهذا اشترطنا في معرض حوارنا تجنب اللجوء إلى ذلك الباب  واستخدامه رخصة للتملص من الالتزام بالقاعدة .

وأما فيما يتعلق ببحر أو البحر المتدارك ( بفتح الراء وكسرها ) والبحث عن أوليه وضعه فقد نفيت معرفة الأخفش به استنادا إلى سكوت الرعيل الأول من العروضيين عن حقيقة هذا الواضع ، وقد تتبع بعض أصحابنا من الباحثين في تاريخ العروض أول إشارة تنسب هذا البحر للأخفش فوجدها في نص كتب عام 569 هـ على هامش كتاب الإقناع للصاحب بن عباد يشير إلى أن عدد البحور هو خمسة عشر بحرا " على رأي الخليل واضع هذا العلم ، وستة عشر بحرا على رأي الأخفش النحوي " وقد أثبت ناسخ الكتاب هذا النص دون الإشارة إلى المصدر الذي استقى منه كلامه .

وتقول :  "كل الذين نسبوا المتدارك لغير الأخفش مجهولون ، فثمة روايات كثيرة ، أقواها تنسب الأمر للأخفش ولا أرفض أن ينسب ذلك لسواه .. ولا داعي لبلبلة الأمر بروايات أفراد ضعيفة .."

فليتك إذن تذكر لي واحدا من هؤلاء المجهولين الذين نسبوا المتدارك لغير الأخفش ؛ فما عرفت أحدا من القدماء ضعف أو طعن في رواية من نسبوه للأخفش ، وقد رأيت ابن الدهان ( ت 569 هـ ) يشير في كتابه " دروس العروض " إلى أن الأخفش زاد الشقيق ، وكرر هذا القول في ثلاثة مواضع أخر من الكتاب ، والشقيق هو أحد أسماء البحر المحدث ، وقد ذكرنا بعضها ، ولكني أشك في مصداقية كلام ابن الدهان هذا لأني رأيته ينسب لأبي الحسن العروضي كلاما لم أجده في كتابه ، ولأنه لو كان صادقا في زعمه واطلاعه على كتاب العروضي لأشار ولو من باب الطعن في استدراكه البحر الذي سماه ( الغريب ) .

وأخيرا ، فكيف أذكر لك كتابا للسلف الصالح سمى ( المنسرح ) بفتح الراء أو ( المقتضب ) بكسر الضاد وأنا لم أشر إلى ذلك مما يقع فيه الصحفيون ( ولا أقصد الكلمة المحدثة ) الذين لم يتلقوا الرواية سماعا ، وأغلب الظن أنك توهمت من أخذي بالوجهين في تسمية ( المتدارك ) أني جعلت ذلك ينسحب على اسماء كالمنسرح والمقتضب مما يسهل حل الإشكال فيه بمجرد الرجوع  إلى المعاجم ، ولكن الإشكال في ضبط راء ( المتدارك ) لا ينفع معه رجوع إلى معجم ولا إلى رواية حكمت عليها ظلما بأنها من ( روايات أفراد ضعيفة ) ...

واسلم لأخيك أبي داود،،،،

*سليمان
2 - أبريل - 2006
حول أسماء البحور    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 

تحية يا أبا داود وبعد .. يسعدني أن تكون على هذا القدر من العلم والاطلاع وبعد .. أما الحديث عن المغمورين الذين نسبوا المتدارد للأخفش ، فكأنني فهمت هذا من كلامك أنت حين تكلمت عن الأسطورة وأن بعضهم ينسبه لغير الأخفش ، فأنا على أن الأخفش هو صاحب المتدارك ولو نسب إلى غيره ..

وأما أسماء البحور فسماعية ، كما أسلفتُ في مداخلتي ، وأنتَ تقول بهذا فلا خلاف .. وأما ما تفضلت به من أسماء كتب السلف مشكورا ، فقد رجعت إلى مكتبة الوراق وبحثت عن طريق الباحث الإليكتروني في كتب الوراق كلها ، فوجدت ما يلي :

1- أما أسماء البحور المشتقة التي يجوز فيها الوصف واإضافة ، وأنا رجحت الوصف ، أي رجحت ( البحر الطويل ) على ( بحر الطويل ) فقد استعرضت بعض البحور فرأيت أن معظم الكتب ( وهي فوق العشرين ) توافق رأيك وتخالف رأيي ، فلا يسعني إلا القبول بذلك ، وأنا لم أرفض الأمر مطلقا وإنما جوزته لغة ، ولكنني رأيت أن الأمر مصطلح ، فكان حظي مجانبا للصواب ، وأقر لك بصواب رأيك ، وإن أردت الدقة قلت إنك أقرب مني بكثير إلى الصواب ..

2- وأما أسماء البحور الجامدة فقد ورد ( البحر الرجز ) مرة واحدة في كتاب واحد .. و ( البحر الرمل ) مثل ذلك .. أما البحر الهزج فلم يرد البتة ..ولكن ورودها بالإضافة كان كما يلي : ورد ( بحر الجز ) في ستة عشر كتابا ستا وعشرين مرة .. وورد ( بحر الرمل ) في تسعة كتب اثنتي عشرة مرة .. وورد ( بحر الهزج ) في كتابين ست مرات .. وهذا يعني أن قولي في هذه الأبحر هو الأقرب إلى الصواب .. .

أخيرا .. فأنا لم أقل قولي السابق إلا للتثبيت المصطلح فحسب .. دع عنك ذا .. شكر الله لك .. فقد رابني منك لفظ .. ليس ريبة بالضبط ، ولكنني كنت أخشى أن يصل الأمر بأي منا إلى مثله .. وهو قولك ( بعض العروضيين يشير إلى رؤوس الموضوعات في كتابه بقوله : (باب الطويل) و(باب الرجز)  وبعضهم يقول : شطر الطويل وشطر الرجز وأخرون ، وأنا منهم ، يؤثرون السلامة فيقولون : (الطويل) و(الرجز) .. وهكذا ) وهذا ما أخشاه ( إيثار السلامة ) فنحن لسنا في ساحة حرب وصراع ، حتى وإن حتى ولو .. فلا داعي للخوف من الرأي ولو كان خاطئا .. أم ترى أن كلمة ( خاطئ ) من الأخطاء الشائعة ?. ربما يكون الكلام حولها مجالا لسجال جديد .. أشكرك أخي سليمان ، فأنا أبو سليمان ، ولكنني غيرت في سليمان حرفا واحدا فقط .. فإذا عددت هذا أحجية فحياك الله على كل حال .. والسلام عليكم من أخيكم داوود ..

*داوود
2 - أبريل - 2006

 
   أضف تعليقك