التهمة عامة، ولا تخص عصر الدول المتتابعة وحده     ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
أحيي كل الإخوة الكرام الذين ساهموا في النقاش فعقبوا وأفادوا.
وفي البدء، عنما طرحت هذا الموضوع لم يكن قصدي تثبيت تلك التهمة المشؤومة على أدب مرحلة حاسمة في تاريخ أدبنا، وفي تاريخ صراع الشرق والغرب نُعتت تارة بأدب عصور الانحطاط، وتارة باسم أدب الدول المتتابعة، وتارة باسم أدب العصور الوسطى الإسلامية، قياسا على عصور أوربا الوسيطة التي سبقت عصور الأنوار .... فهذه التسميات مهما تعددت فهي لن تغير من حقيقة وجوهر ذلك الأدب شيئا لمن عرفه على حقيقته ووضعه في إطاره التاريخي الصحيح، وإنما كان القصد محاولة إعادة الاعتبار لتلك المرحلة المهمة في تاريخ أدبنا التي كثيرا ما يُقفز عنها في المناهج والمقررات التعليمية.
وقد لا تخفى على الناقد والمتتبع الحصيف الأسباب الخارجية التي أحاطت بتلك التهمة البعيدة عن جوهر ذلك الأدب، في كثير من جوانبه، وكما هو في حقيقة نفسه، أو حقيقه أصحابه الذين أنتجوه.
وقد نبه بعض الإخوة مشكورين إلى ذلك، وهنا لا بد من تحية جهود إخواننا في الشام والعراق التي بُذلت في سبيل تحقيق ودراسة وإخراج جانب مهم من أدب وتراث تلك المرحلة إلى حيز الوجود.
لقد عملت بعض الأيادي في الخفاء وفي العلن، على إبعاد تلك المرحلة عن المناهج التعليمية في كثير من البلاد العربية، وعن اهتمامات أجيال كاملة من طلبتنا، و حيل بينها وبين حقها الطبيعي في التعرف على نوعية ذلك الأدب الذي كتب بلغتهم، فما أكثر معاول الهدم وطرق الإقصاء والتخير والانتقاء داخل أوطاننا.
ويذهب بعض الدارسين، من بني جلدتنا،بعيدا في توسيع دوائرالاتهام حول أدبنا؛ فبداية الانحطاط عند محمد مندور مثلا في كتابه ( النقد المنهجي عند العرب) تبدأ مبكرة، وقبل أن تسقط بغداد في يد المغول سنة 656 هجرية، مع ظهور كتاب( البديع) لابن المعتز خلال القرن الهجري الثالث.
وفي رأي مندور أن كل الأدب العربي الذي جاء بعد ابن المعتز قليل القيمة والأهمية، إن لم يكن عبارة عن نسخة مكررة مزخرفة لأدب العصور السابقة...
ومع الأسف الشديد أن دارس الأدب العربي حيثما ولى وجهه نزولا أو صعودا عبر التاريخ يجد نفسه، في كل مرة، محاطا بكثير من الأسئلة والشكوك والاتهامات، وقد تلقي بظلالها على نفسه، فتجعله يتوجس ويقدم رجلا ويؤخر أخرى؛
وهكذا يقدم الشعر الجاهلي للطالب على أنه منحول وموضوع ومزيف، و الإسلامي ضعيف والباقي الذي تلاه إلى عصر النهضة الحديثة منحط أو ميت، فماذا تبقى لنا إذا??!!.
وحتى كبار شعرائنا الذين فرضوا أنفسهم بقوة التعبير والتفكير والإبداع والتخييل قدموا على أنهم مرضى وغير أسوياء، وأن شعرهم ما هو إلا نوع من التعويض عن نقص أصابهم من جهة نسبهم أو وضعهم الاجتماعي أو سلوكهم أو عقيدتهم أو عاهتهم وهلم جرا... ولا حول ولا قوة إلا بالله.
|