مجلس : دوحة الشعر

 موضوع النقاش : مختارات من ديوان ابن لنكك البصري    قيّم
التقييم :
( من قبل 1 أعضاء )
 زهير 
28 - ديسمبر - 2005

ابن لنكك البصري أحد هجاة المتنبي، واسمه محمد بن محمد (ت 360) وهو صاحب الأبيات السائرة: والتي أولها
نعيب زماننا والعيب فينا وما  لزماننا عيب iiسوانا
والبيت المشهور:
إذا كنت تسهر ليل الوصال ولـيـل النوى فمتى iiترقد

ومن جميل شعره قوله:

وعـصـبـة لما iiتوسطتهم ضاقت على الارض كالخاتم
كـأنـهـم  من بعد iiأفهامهم لـم  يخرجوا بعد الى iiالعالم
يـضحك ابليس سرورا iiبهم لانـهـم  عـار عـلى iiآدم
وقوله:
لـنـا سـراج نـوره iiظلمة لـيس  له ظل على iiالارض
كـأنـه  شخص الامام iiالذى تبغى الهدى منه أولو الرفض

وقوله :

حـزيـران  وتـمـوز iiوآب ثـلاثـة  أشـهر فيها iiالعذاب
فإن قُرنت بشهر الصوم صرنا سـبـائـك  في بواتقها iiتذاب

وقوله والعبرة بالبيت الثاني:

أنت ابن كل البرايا لكن iiاقتصروا على اسم حمزة وصفا غير تشميخ
كـدار بـطـيخ تحوي كل iiفاكهة ومـا اسمها الدهر إلا دار iiبطيخ.

وهذه فائدة يفهم منها قدم تسمية سوق الخضار والفواكه بدار البطيخ، كما كان مشهورا ذلك في دمشق حتى وقت قريب، حيث كان يطلق على سوق الهال (دار البطيخ) وإنما هو سوق الخضار والفواكه.

ومن سائر شعره قوله:

لا تـلـق أشـبـاه الحمير iiبحكمة مـوه  عـلـيهم ما قدرت ومخرق
أو ما رأيت ملوك عصرك أصبحوا يـتـجـمـلون  بكل قاض iiأحمق
وقوله:
نـحـن  والله فى زمان غشوم لـو رأيـنـاه فى المنام فزعنا
يصبح الناس فيه من سوء حال حـق  مـن مات منهم أن يهنا
ومما هجا بها المتني قوله، الذي ينسب أيضا لتميم الفاطمي
أعطيتم المتنبي فوق منيته فـزوجـوه برغم أiمهاتكمُ

وقوله:
مـا أوقح iiالمتنبى فيما  حكى iiوادعاه
أبيح  مالا iiعظيما حـتـى اباح قفاه
يا سائلى عن غناه من ذاك كان iiغناه
ان كـان ذاك نبياً فـالـجاثليق  iiإله



*عرض كافة التعليقات
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
الأبيات السائرة : مَنْ صاحبها ?    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
                نعيب زماننا والعيب فينا        وما  لزماننا عيب iiسوانا
هذا البيت ، أو قل :  هذه المقطعة التي تفضل أستاذنا زهير بإيراد بيت منها مسبوق بقوله عن الشاعر ابن لنكك : ( وهو صاحب الأبيات السائرة ) . ولهذه المقطعة قضية مشهورة تنظرها (  محكمة الروايات  ) ولا تزال ساحة المحكمة غاصة بالشهود لكل طرف شهوده ، حيث حضر الخصمان  : محمد بن إدريس الشافعي الفقيه القرشي ، ومحمد بن محمد بن جعفر الملقب بابن لنكك  ،  وما إن جلس القاضي مجلس القضاء حتى نادى المنادي : محمد بن إدريس الشافعي  أ أنت ثَم ? فقام محمد بن إدريس يتمتم بكلمات سمعهن القاضي بجلاء لأنه كان الأقرب إلى مقعد الشافعي ، فقال القاضي : ما هذا الذي تقوله يا رجل في مجلس القضاء ? فقال الشافعي : أتعجب من أحدهم يسرق فلذات أقوالي وينسبها إلى نفسه وتتوالى الأجيال تنشدها لغير قائلها ولا أجد من ينصفني من هذا الادعاء ويدفع عني ذاك الافتراء  . فقال القاضي : وما دعواك إذن ? قال الشافعي : إني كنت في غابر القرون _  يوم كنت أحيا  _  أتعاطى قرض الشعر إلى جانب الفقه ، أطلقه استجابة للفطرة ولم أتعمد قرضه لأنه ليس من ديدن المشتغلين بالعلم وقد كان مني أني قلت يوما :
                 ولولا الشعر بالعلماء يزري لـكنت اليوم أشعرَ مِنْ لبيد
لهذا قل ميراثي من القريض ، ولما وجد المتشاعرون هذا الشعر نهبًا لم يَدَعُوا في جعبتي من رائق القول شيئا إلا انتحلوه وأعانهم على الظلم قوم آخرون . فقال القاضي : وماذا أخذ منك المدعو ابن لنكك ? قال الشافعي : هذه الأبيات :
                   نعيب  زماننا  والعيب  فينا وما   لزماننا  عيب  iiسوانا
                   وقد نهجو الزمان بغير جرم ولو  نطق الزمان بنا iiهجانا
                   فدنيانا   التصنع   iiوالترائي ونحن  به  نخادع مَنْ يرانا
                   وليس  الذئب  يأكل لحم ذئب ويـأكل بعضنا بعضا عيانا
قال القاضي : ومَنْ يشهد لك ? قال الشافعي : ما تقول في ابن قتيبة ? قال القاضي : خطيب أهل السنة ، وحسبنا ذاك من وصف وتزكية  ؛ يا قوم  فليُدْعَ ابن قتيبة للشهادة ، فيقوم ابن قتيبة متثاقلا وقد جعل حول جسمه لفافة ثوب بالٍ وهو يصرخ ماذا تريدون منا ونحن أهل الزمان الفاني ? فقال القاضي هون على نفسك إنما نبتغي إحقاق الحق ولا نريد منكم جزاء ولا شكورا ؛ أأنت سمعت هذا الشافعي ينشد هذا الشعر ? فرد ابن قتيبة بلهجة المُنْكِرِ : وهل كل شعر بلغكم عن السابقين في دفاتر العلم سمعه المؤلفون من القائلين ? إنما هي رواية يتناقلها الناس وقد يبدلون فيها ويغيرون حسب أذواقهم وثقافتهم ، وقد يزيدون وقد ينقصون ولا تثريب عليهم فيما يغيرون  ولكن التثريب واللوم عليهم في ادعائهم ما ليس لهم ، وكان مماتي سنة  276  الهجرية أي قبل أن يولد ابن لنكك بزمن طويل ، وقد سجلت شهادتي لصاحب الشعر محمد بن إدريس الشافعي  في كتابي ( عيون الأخبار ) المطبوع في دار الكتب المصرية سنة 1346 هج = 1928 م في الجزء الثاني منه ص 260  . ثُم نادى القاضي  :  أين ابن لنكك ? فقفزت عظام نخرة في أطمار بالية وقال صاحب الروح التي سكنتها زمن المعاش : ها أنا ذا  . فقال القاضي : ما تقول في ما يدعيه عليك ذاك القرشي ? قال ابن لنكك : والله ماعلمنا عليه كذبا في حديث رسول الله  ، صلى الله عليه وسلم ، أفنكذبه في شعرٍ ذاهبٍ مَذْهَبَ اللهو ?  إنني بهذا ذو خسران مبين  . قال القاضي : ولكن دكتورا في الأدب يقال له ( زهير غازي زاهد ) كان قد جمع شعرك وجعل أبيات الشافعي ضمن شعرك ص 68  الصادر عن ( منشورات الجمل )  ، فضحك ابن لنكك وقال : الجمل  ?  ها ها ها . والله ، ذاك عمل لا ناقة لي فيه ولا جمل ، فأنتم يا أهل الدنيا شغلتم أنفسكم بصناعة الجمع و التحقيق وتتخذون منها شهادات وألقابا ما أنزل الله بها من سلطان وصار أحدكم يفرح أن يجعل قبل اسمه لقب الشهادة الجوفاء وترسمونها  ( د . فلان الفلاني ) ولو استنشدته شعرا سمعت عجبا كأنك في وادي لندن أو شعيب باريس ، ولو طرحت بين يديه كتابا ليقرأ  - كالذي تسمونه في مدارسكم حصة المطالعة - لا يكاد يقيم حرفا في العربية  . وليس أدل على ما أقول من سخرية بعضكم من بعض في حواشي تخريج الشعر ، وهذا خلق عام في جيلكم فهذا  مثلا طبيب يصف لك دواء فإن لم تجد فيه نفعا فإنك تتوجه به إلى طبيب غيره فيقول لك : من الحمار الذي وصف لك هذا الدواء ? وأحيانا يكون الجواب عن غفلة وأحيانا عن خبث ( طبيب مثلك وشرواك ) فهذه يا سيدي القاضي أخلاق أهل زمانكم ولا أحسب مقاييسكم صالحة لمحاسبتنا فلو أرجـأت دعوى الشافعي إلى زمن العدالة الكبرى لكان أحسن لي وله فإن قضيتنا ليست الأولى ولن تكون الأخيرة فلا تفتح للناس بابا يجلب عليهم العار وهم يتسترون في لباس الأتقياء ، ثم إن هذه ليست مهمتكم إنها مما يفصل الله فيه بحكمه يوم القيامة وهو أحكم الحاكمين  . فارتفع صوت القاضي : نعم نعم رُفِعَت الجلسة .
*منصور مهران
28 - ديسمبر - 2005
خذنا بحلمك يا أستاذ    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
أشكر الأستاذ منصور مهران على هذه المرافعة الطريفة، ولكن أريد أن أصحح بعض ما ورد في فصولها، وهو قوله: إن د. زهير غازي زاهد هو الذي نسب هذه الأبيات إلى ابن لنكك، فهل أتى د. زهير بذلك من خياله، أم رجع في ذلك إلى مرجع معتبر ? كان الأولى بكم يا مولانا أن توجهوا التهمة إلى ياقوت الحموي، ثم إلى الصفدي من بعده، ولو كانوا على قيد الحياة، لسارعوا بالذب عن نفسيهما بأن ما نسباه إلى ابن لنكك وجداه في ديوانه الذي كان في عصرهما مثل الكشك. وإذا كانت حجة الأستاذ قدم كتاب ابن قتيبة فهذه ليست بحجة دامغة، بسبب ما ذكرته آنفا من نسبة القطعة إلى ابن لنكك في أكثر من مصدر، وفي هذه الحالة يمكن أن يكون ما ورد في كتاب ابن قتيبة من زيادات النساخ، سيما وأن الأمر (شعر الشافعي) وهو مجال خصب لقيام المتعصبين له بنحله بدائع الشعر السائر، وديوانه المختلف في عدد أبياته حسب كل طبعة يشهد بذلك، وأنت تعلم أن في الناس من نسب إليه الأبيات السائرة (رأيت خيال الظل أكبر عبرة..لمن هو في علم الحقيقة راقي) كما في (سلك الدرر) وهي منسوبة إلى ابن المشد الياروقي المولود عام (602هـ) ومنسوبة أيضا إلى الشهاب السهروردي، المتوفى عام (587) فهل رواية ابن الجوزي لها في كتابه (المدهش) ترجح أنها من شعر الشهاب ? لأن وفاة ابن الجوزي كانت قبل ولادة ابن المشد. : في رأيي المتواضع، لا يمكن أن تكون هذه حجة دامغة، وإن كانت مدعاة للنظر وللدراسة والتمحيص. وهل في هذه الحالة يؤخذ بكلام ابن تغري بردي حين نسب القطعة إلى ابن الجوزي نفسه، لأنه كما يبدو قرأها في المدهش.
*زهير
29 - ديسمبر - 2005
والحلم بالجميع أليق    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
أستاذنا الفاضل زهير - عطر الله أجواء الوراق بزهره - أتراني أتهم الدكتور غازي لشخصه ? لا وربك ما كنت لأفعله ، وإنما وجهت لومي للمحققين كافة ، وتمثلت باسم محقق واحد هو الذي يعنينا في هذا المقام ، فلولا ثقل مهمة المحقق ما استحق لقب المحقق ولا كان أولى بمهمة التحقيق من دون الناس ، فأين تمحيصه ? وأين تذهب نظراته في الشعر ? وأين معايشته للشعراء ولأخبارهم ? أظن أن ذلك كله مما لا ينكره كلانا ، وجملة ما عبرت عنه كان في وجه طوفان الكتب ( المحققة  ?  ) وليس فيها من تحري الدقة و إتقان العمل ما يطمئن الباحثين على صدق ما يقرؤون ، ولولا أني لا أتخذ هذا الباب لتجريح أشخاص بأعيانهم  إذ يكفي التعبير عن عموم البلوى بإشارة ومن أراد التبين والتحقق فليرجع إلى أي ديوان شعر مكتوب على غلافه ( حققه فلان ) وليختر شيئا من التخريج ولينظر مدى المحقق من الوعي بمهمته . هذه واحدة والثانية أنكم أحلتم إلى ياقوت والصفدي للتدليل على صحة نسبة الشعر إلى ابن لنكك ، وأنا لم أتناول مسألة التدليل لأجعلها قضيتي بل اتجه قولي إلى اختلاف المصادر والمراجع الثانوية حول نسبة الشعر ولم أنته إلى حكم قاطع لأن مثل ذلك الحكم مرجأ إلى الله وحده كما فعل شيخ المعرة في رسالته إلى ابن القارح ( رسالة الغفران ) ، ثم إن ياقوتا والصفدي متأخران جدا عن ابن قتيبة ولا يجوز ترجيح نسبةٍ وردت في كتابٍ متأخرٍ على نسبة ثبتت في كتابٍ متقدمٍ حتى يكون للمتأخر دليل يستمسك به صاحب الدعوى ، وقولك  عما ثبت في عيون الأخبار  : ( يمكن أن يكون ما ورد في كتاب ابن قتيبة من زيادات النساخ ) قد توجهه المناقَشَة والمحاوَرَة إلى كلا الكتابين  كتاب ياقوت وكتاب الصفدي ، فقاعدة الإمكان بغير ضوابط تفضي إلى التشكيك في كل ما نقرأ ، لذلك يجب الأخذ بما ثبت ولو بظن راجح حتى يظهر دليل أقوى فينقضه . والمحققون الرواد كانوا يحكمون على شيء بأنه من الممكن أن يكون من زيادات النساخ ولو في الاحتمال  إذا وجدوا هذه الزيادة في بعض النسخ المخطوطة دون بعضها الآخر ومع ذلك لا يقطعون بالأمر إلا في وجود نسخة المؤلف عندئذ يتحول الاحتمال إلى يقين ؛ بأن ما في غير نسخة المؤلف هو من زيادات النساخ  . وكنت أحسب أن المسألة برمتها لا تعدو أن تكون طرفة من الطرف التى يجمل بها الكتاب كتاباتهم حتى أبى أستاذنا الفاضل زهير إلا أن يجعلها قضية جادة فاستجبنا له وجددنا القول فيها كما أحب له أن يكون ، فشكرا له وآمل أن تكون المحاورة بيننا محاولة لتبادل أجزاء المعرفة ، فابن آدم طالب علم حتى الممات ، هذا وبالله التوفيق .
*منصور مهران
30 - ديسمبر - 2005

 
   أضف تعليقك