مجلس : عالم الكتب

 موضوع النقاش : المهندس محمد شحرور وكتابه (القرآن والكتاب قراءة معاصرة)    قيّم
التقييم :
( من قبل 1 أعضاء )

رأي الوراق :

 زهير 
25 - ديسمبر - 2005


وصلتني في مجالس الوراق مواضيع كثيرة مستلة من فصول كتاب المهندس محمد شحرور:
 (القرآن والكتاب قراءة معاصرة) فارتأيت عدم نشرها، لأنها بالمختصر المفيد، لم تتصف بالمنهجية شأن الكتاب نفسه، وعجبت من بعض المشاركات، حيث فهمت منها اتهام محمد شحرور بأنه من منكري السنة، وهذا بلا شك رأي عار عن الصواب، بل هو من ألد أهل السنة تمسكا بها، وبالكثير مما هو من قبيل الموضوعات من الأحاديث الضعيفة، وهو يعتمد السنة =بلا تمحيص= كأساس لأفكاره في كثير من صفحات كتابه، كحديث نزول القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا في ليلة القدر (ص147) وحديث (أوتيت القرآن ومثله معه) (ص545) وحديث المعراج (ص381) و(خبر اقرأ) في غار حراء (ص270 و384) وما كان يعتري النبي عند الوحي (ص385).
 بل هو يؤسس نظرية كاملة على الحديث (إن أحدكم ليجمع خلقه في بطن أمه) (ص 414).
 قال (ص381): (وأما سؤال منكر ونكير فلم نجد له سندا صحيحا).
 وقال معلقا على حديث الهلال (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته): لأنه لم يكن عنده (ص) وسيلة لمعرفة تحديد تحول الشهر غير هذا (ص571).
وقال ص252: (إن النبي (ص) قال: إن الحلال بين وإن الحرام بين، ولم يقل: إن الحق بين وإن الباطل بين) ومن قواعد علم الحديث التي ابتكرها قوله: (كل شيء قاله النبي ولم يرد ذكره في الحدود في الكتاب هو إجراء مرحلي، مثل رجم الزاني وتحريم التصوير. أما شروحات النبي للحدود الواردة في الكتاب فهي ملزمة، ولا يمكن النزول عنها) ص413 ) وقوله: (وهناك سنتان: سنة رسالة وهي الحدود والعبادات والأخلاق والتعليمات، وسنة نبوة، وطاعة الرسول في أمور الرسالة كطاعة الله) ص551 . واتباع النبي كما يقول، يكون بالتأسي به في تحويل المطلق إلى نسبي. والأسوة الحسنة أن نضع حدودا مرحلية ظرفية لحياتنا (ص39 وص458).
أما مؤلف الكتاب الأستاذ المهندس محمد شحرور فإنسان طيب متواضع، دمث الأخلاق، سليم الطوية، من أسرة مرموقة في صالحية دمشق، وكان المرحوم الشيخ ناصر الدين الألباني يعقد مجالسه في بيت أبيه.
اجتمعت به لأول مرة قبل طباعة كتابه بسنتين، حيث حدثني عنه أحد تلاميذه في كلية الهندسة بدمشق، فسألته أن يجمعني به، فرحب بذلك،  وزرته في مكتبه في منطقة (الجبة) في صالحية دمشق. وسمعت منه خلاصة آرائه فعجبت، ونظرت في صفحات كتابه فدهشت، وهالني ما رأيت فيه من المجازفة والتهور. ونصحته أن يتريث في طباعته، وقلت له: من حق كل إنسان أن يجادل في كل فكر، بالطريقة التي تحلو له، ومن حقه ألا يعتنق إلا ما تطمئن إليه نفسه، وأن يصرخ حتى يصل صراخه عنان السماء، ومن حقه أيضا أن ينشر ذلك ويدعو إليه، فقد مضى عصر تكميم الأفواه ومصادرة الحريات. ولكن الكلام الذي تقوله يا أستاذ كلام من نوع آخر...!
ثم تفاجأت بعد عامين  بالأستاذ جودت سعيد (الداعية الكبير) يخبرني أنه سيلتقي  محمد شحرور، وكان ذلك، وحضرت لقاءهما الأول، وكنت أراقب انطباعات جودت وهو يصغي إلى نظرية محمد شحرور.
وبالغ الأستاذ جودت في مسالمته ، وأخذ يشجعه على طباعة الكتاب، وقال لي لما عاتبته على ذلك: (من حقه أن ينشر ما يؤمن به، وتشجيعي له لا يعني أني راض عما يقول، ثم سوف أذكرك فيما بعد بأنه سيجد من يتبعه من كل شرائح المجتمع، ليس لأن كلامه حق لا لبس فيه، ولكن لأن حقائق الديانة في عقول معظم الناس ليست سوى أباطيل وظلمات). وفيما يلي عرض لبعض الأفكار والأسس التي بنى عليها الشحرور نظريته:
1_ يذهب الشحرور إلى أن كلمة الحنيف: تعني المتغير، وقد كان إبراهيم (ع) أول من اكتشف أن كل شيء سوى الله فهو حنيف (أي متغير) وأن تثبيت شيء في الوجود شرك بالله. ودين الفطرة هو الدين المبني على الحدود في التشريع، لا على تشريعات عينية. واليهودية والمسيحية لا تحمل الطابع الحنيف، لذا فإن إبراهيم لم يكن يهوديا ولا نصرانيا (ص577) وأذكر هنا أني سألته في بعض زياراتي له فقلت: (فإذا لم يكن اليهود والنصارى حنفاء كما قلتم فهم مشركون ? فقال: المقصود أن تشريعاتهم عينية. ويقصد بقوله: إن تشريعاتهم عينية أي لا مجال للاجتهاد فيها. أما نظرية الحدود فهي عنده أن لكل حكم في الإسلام حدا أدنى وحدا أعلى، وأن التحنف هو الدوران الدائم ما بين الحدين حسب المصلحة. قال (ص 648) : (وكل تشريع لا يتناسب مع الرفاهية يجب أن نحنف عنه، وإلا نكون سفهاء بإعراضنا عن ملة إبراهيم) وقد سبقه إلى نظرية الحد الأدنى والأعلى في الحدود عبد المتعال الصعيدي  انظر كتابه (المجددون) (ص548) وما بعدها.
2-ويذهب أيضا إلى أن المقصود بالآية (وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب) المقصود تصديق الكتاب للرسالة، أي إن القسم الذي اصطلح على تسميته (الكتاب) من المصحف، مصدق للقسم الذي اصطلح على تسميته (القرآن) والذي نزل برأيه دفعة واحدة في ليلة واحدة (ص116) قال : ( إن الفقهاء قصموا ظهر نبوة محمد حين قالوا: إن  (بين يديه) تعني التوراة والإنجيل) ص88
قال في الآية (فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه) أي يتبعون القرآن ولا يتبعون الكتاب (ص192) وقال (ص129): (حتى الصحابة اتخذوا القرآن مهجورا، ولكنهم لم يهجروا الرسالة، واستشهد على ذلك بقول ابن المسيب: (إنا لا نقول في القرآن شيئا) .
وأذكر أني قلت له: (ولكن الآية صريحة في أن المتشابه والمحكم، كليهما من الكتاب) فرد علي بكلام  لم أفهم أوله من آخره.
3- رأيه في معنى (أم الكتاب) في قوله تعالى (هن أم الكتاب) والمقصود بأم الكتاب عنده: آيات التشريع، وهي قابلة للإلغاء، كما ألغى عمر بن الخطاب العمل بآية تخميس الغنيمة (ص38) فقلت له: ولكن الله تعالى قال: (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) وليس أحد من الناس يحق له ذلك، فأجابني بقوله: اعتراض وجيه سوف أعلق عليه في الطبعة القادمة.
4- قال ص118 : (والنسخ لا يكون إلا في الحدود العينية، كالزنا. وهناك نوعان لإلغاء الأحكام وهما: النسخ ، والإنساء، فالإنساء: هو الإهمال عن قصد. والمنسوخ موجود في المصحف، وأما المنسأ فغير موجود، ومثال المنسأ آية الرجم). وملخص كلامه في نظرية النسخ أن النسخ من مخولات الأمة، وليس شيئا يوحيه الله. فاعجب يا رعاك الله. وقد سبقه إلى هذا الرأي رجل من أهل حلب عام 1952م (انظر تفصيل ذلك في كتاب دفاع عن الحديث النبوي ص19 ومجلة (رسالة الإسلام) التي كانت تصدرها دار التقريب بين المذاهب في القاهرة (عدد أكتوبر سنة 1952)
5- ذهب (ص91) أن القسم المسمى (الكتاب) من المصحف يشتمل على الأحكام، وهو مفهوم، ولا يحتاج إلى تأمل واستقراء، مثل آيات الميراث، التي كما يقول فهمها كل الصحابة. وأذكر أني قلت له في هذه المسألة: (أنا لا أشك في أن يكون الصحابة قد فهموا آيات الميراث، ولكن المروي أن عمر (ر) لم يفهم آية الكلالة، لا في آية الصيف ولا في آية الشتاء كما هو مشهور (انظر تفسير الآية في تفسر المنار) وأتمنى أن أسمع منك رأيك في الكلالة وكيف تحدد العصبة ? ولماذا البنت عند الشيعة عصبة لا يرث معها أخ ولا عم، وهي عند أهل السنة من أصحاب الفروض?
6- السورة الوحيدة التي نزلت كلها محكمة برأي المؤلف (ص118) هي سورة التوبة، وهي كتاب كلها ليس فيها قرآن. لذلك لم تبدأ بالبسملة. أما سورة الصافات فعلى العكس من ذلك فهي قرآن كلها ليس فيها كتاب، وهي كما يقول أعقد السور.
7- ص93 قال: (القرآن ليس له سبب نزول، وقد نزل دفعة واحدة في ليلة واحدة) فقلت له: فما تفعل بقوله تعالى (وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث، ونزلناه تنزيلا) فقال: فرقناه في الكتاب، ونزلناه تنزيلا أي دفعة واحدة، فقلت له: فكيف قال الله تعالي (وقال الذين كفرو لولا نزّل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا) فقال: فما معنى (إنا أنزلناه في ليلة القدر).
7-النساء في رأي المؤلف ليست أزواج الرجال في كثير من آيات القرآن، وإنما هي جمع نسيء، أي آخر موضة (صدق أو لا تصدق) قال: (وتفسير كلمة النساء في قوله تعالى (زين للناس حب الشهوات من النساء...) بأزواج الرجال هو الذي سمح للمسلمين أن يعاملوا المرأة كالأنعام) (ص641) ومن هنا كما يقول يفسر قوله (ص) حبب إلي من دنياكم ثلاث: النساء...إلخ بأنه يحب الجديد من كل شيء (ص644). وكذا في قوله تعالى (نساؤكم حرث لكم) قال: النساء هنا بمعنى الأشياء المحدثة. وأما (البنون) في الأية فالمراد به البناء، وليس جمع (ابن) كما قد يتبادر إلى ذهن القارئ (!).

8- الآية (خير من ألف شهر) الشهر هنا ليس الشهر المعروف بأنه ثلاثون يوما، وإنما هو الإشهار (ص135)
9- الكرسي في آية الكرسي، لا يراد به معنى الأريكة والعرش، وإنما هو بمعنى الكراسة. (166).
10- أصل لفظ الرحمن من الرحم، أي من التوليد والمبالغة، ولا ترد بمفهوم الرحمة أبداً (255)
11- المؤلفة قلوبهم: هم الذين يتصفون بالحكمة ورجاحة العقل (ص277)
12- خلق الإنسان من علق: أي إن الوجود الموضوعي عبارة عن  علاقات متداخلة بعضها ببعض
13- (آيات مفصلات) أي مفصول بعضها عن بعض (114)
14- الصدور في الآية (في صدور الذين أوتوا العلم) بمعنى الصدارة (ص193)  وفي الآية (ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) أي الناس الذين يشغلون محل الصدارة.
15- الآية (علم بالقلم) أي بما هو مستعمل في الحسابات، كقولهم (فقط خمسة أقلام لا غير) فكل حيوان يتلقى المعلومات بجهاز التعليم الخاص به (ص292)
16- على المشرعين في الدول العربية والإسلامية أن يصدرو تشريعا يمنع زواج الأقارب (ص541).
17- يجوز للمرأة أن تخرج بين الناس باللباس الداخلي، أي بما يستر سوأتيها فقط (607) ويجوز لها أن تظهر عارية أمام محارمها (ص607).
18- والاية (ولا يضربن بأرجلهن) أي إذا رقصن مثلا فلا يبدين أردافهن (ص613).
19- معنى ليعبدون في الآية (وما خلقت الإنس والجن إلا ليعبدون) أي ليكفروا، لأن فعل عبد من الأضداد، ويأتي بمعنى تكبر وخضع، وقوله تعالى (قل لو كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين) أي أول إنسان يكفر به (ص329). وهذا يعني أن المؤلف لم يلحظ الكسرة على النون في فعل (ليعبدون) وأنها تقرأ (ليعبدوني) عند الوصل. فإنا لله وإنا إليه راجعون.


 



*عرض كافة التعليقات
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
ليست قراءة بل زيوف معاصرة    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
المؤلف محمد شحرور له عدة كتب منها هذا الكتاب ، ومنها ( دراسات إسلامية معاصرة ) ، ومنها ( الإسلام والإيمان ) وكلها تثير القلق أن يكون هذا الفكر الذي يسبح في المكتبات بأثمان متدنية ما وراءه ?  ثم تتعدد الطبعات بينما كتاب جاد لا يجد مشتريا واحدا  ? ولقد قرأت هذه الكتب واستنكرت المغالطات التي يريد إلزام العقول بتقبلها وهي تتساقط عند أول نقد ، نعم تولى الرد عليه بعض الأفاضل مثل الشيخ خالد عبد الرحمن العك ، والمهندس جواد عفانة ، والأستاذ يوسف الصيداوي الذي اقتصر في ردوده على الجانب اللغوي ويشمل مقدمة الكتاب المنقود ، وكلها ردود جيدة ولكن الرد الأقوى يكمن في كشف نوازع المؤلف شحرور لأنه تخصص في علم الهندسة ولست أذكر أي فروع الهندسة وأحسبها الهندسة الكهربية وتلقى أفكاره من زميله الذي تخصص في اللغة العربية واسمه _ على ما أذكر _  جعفر دك الباب  ، والسؤال المحير  : لماذا لم يؤلف المكرم جعفر دك الباب  الكتابَ بنفسه لكونه صاحب الفكرة وصاحب القدرة على البيان لتخصصه في علم العربية  ? وكان ذلك أولى به ليحسن عرض فكرته في ضوء عقيدته ، ولكنه اختفى اختفاء جزئيا لينصب جام النقد على صاحبه الذي يطمح في لقب ( عالم ) ولو لم يكن يعلم  ، فهذا كتابه يشهد عليه بالتساقط على أخطاء اللغة وبالتالي على خطأ الفهم لآيات القرآن ثم خطأ النتائج التى سعى إليها بالتواء حتى أتاها منتصرا على نفسه فأغواها ولا الحاجة إلى غواية إبليس فعنده ما يكفي وزيادة ، والمأمول من السادة رواد منتدى الوراق الذين قرأوا الكتاب أن يدلوا بآرائهم لإثراء المناقشة ، وهم مشكورون على أي حال .
*منصور مهران
25 - ديسمبر - 2005

 
   أضف تعليقك