أخي زبير يمكنك أن تستعين في بحثك ببعض كتب فقه اللغة ، ككتاب ( فقه اللغة وسر العربية) لأبي منصور الثعالبي، وكتاب ( الألفاظ الكتابية ) للهمداني ، و( المخصص ) لابن سيده الأندلسي، وفيها تجد بعض أوصاف الألوان وتدرجاتها ومقتضيات استعمالها في القرآن الكريم، وفي كلام العرب، وإليك هذا المثال على سبيل التوضيح :
تقول العرب في نعت اللون الأصفر، أصفر فاقع كما ورد في سورة البقرة ، وفي الأخضر يانع، و في الأحمر قان...
قرأت كتابا جامعا لموضوع الألوان ودلالاتها عنوانه : ( معجم الألوان في اللغة والأدب والعلم ) تأليف الدكتور زين الخويسكي ، مطبوع في مكتبة لبنان -بيروت- سنة 1992م ، وهذا الكتاب فريد في بابه ويزخر بالشواهد من القرآن ومن الحديث ومن الشعر ، ويتناول دلالات الألوان في الأسماء القديمة والحديثة ، وهو بغيتك .
الألوان بين القرآن ومعاجم اللغة( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
يعود انشغالي بهذه المسألة إلى أوائل الثمانينات، حيث اضطررت لاستعمال اللون البني في بعض شعري، فرأيت ذلك نابيا لا يسوغه الطبع، وبحثت جاهدا عما يلبي حاجتى في ذلك فلم أفلح. وسبب ذلك كله أنه لم يرد له ذكر في القرآن. وغنيٌّ عن القول أن قولنا : (بني) نسبة إلى البن، المستخدم في صناعة القهوة، وفي هذا ما يكشف عن تأخر استعمال هذا المعنى، ولابد أن العرب كانت تصف أشياء كثيرة، لا تخرج عن هذا اللون، فمرة تقول: (الأشقر) ومرة تقول: (الكميت) ولهم في ذلك اصطلاح مشهور فيما يخص ألوان الخيل، فالأشقر هو نفسه الكميت إذا لم يكن ذيله وعرفه أسودين. ويقولون: الكمتة كمتتان: كمتة صفرة وكمتة حمرة. ولا يخفى أن (الأشقر) من أفعال الألوان، يتصرف على مختلف وجوه أفعال الألوان، فيقال: شقُر يشقر شقرة وشقرا وشقرة فهو أشقر، وهم شقر، ومؤنثه شقراء، وهن شقراوات، وذلك بخلاف الكميت، فليس له فعل في أصل العربية، فلم نسمع أنهم قالوا: أكمت وكمتاء، وإنما يقال للذكر والأنثى (كميت) كما حكى ابن سيده. ونقل عن الأصمعي قوله: (سألت الخليل رحمه الله عن كميت فقال هو بمنزلة جميل يعني البلبل أي لم يجر إلا مصغراً) ولا أكون مغاليا إذا قلت: إنه لولا القرآن لضاعت معظم أفعال الألوان، كما ضاع فعل (اللون البني). وأنت إذا أصغيت لمختلف الجالايات العربية، وسألتها عن الألوان المستعملة في بلدانها، سمعت من ذلك العجب، وكل ما يذكرونه لك مستعار من ألوان الطبيعة، فيقولون: برتقالي، ومشمشي، وتوتي، وجوزي ولوزي وتفاحي وخوخي، وجانركي، ووردي، وبنفسجي وناري، وسماوي، ورمادي، وياقوتي وفيروزي ومرجاني وفضي وذهبي وألماسي، وخمري ونبيذي، وما لا يحصيه إلا الله من أسماء الفواكه والخضار، والزهور والأحجار. وأين ذلك كله من قولنا: (أخضر وأصفر وأزرق وأحمر وأسود وأبيض) وهذه الألوان الستة، هي التي وردت في القرآن، وجرى بتصريفاتها كل لسان. أما الألوان الشائعة التي لم تصلنا عن طريق القرآن، فهي الأشقر والأسمر والأزهر، وهي من ألوان البشر. إلا أن (الأزهر) غير مستعمل في اللغة بكل تصاريفه، فلا يقال: ازهرّ يزهرّ ازهرارا فهو مزهرّ، على غرار ابيض يبيض ابيضاضا فهو مبيض. قال الأَزهري: (وإِذا نعته بالفعل اللازم قلت: زَهِرَ يَزْهَرُ زَهَراً). ووصلتنا إلى جانب ذلك ألوان لا تحصى، انفرد بمعرفتها ساسة الخيل، ومن اعتنى بجمع كتاب فيها وفي أوصافها، حيث نجد أنفسنا أمام بادية العرب الأولى، ونسمع ألوانا لم تطرق أسماعنا، كالأطحل والأطخم والأشكل والأكهب، والأكلف والأصدأ، والأغبس والأدبس. فالأطحل عندهم: ما لحقت صفرتة خضرة. والأكهب: من الكهب، وهو قلة ماء اللون وكدرته. والأكلف: الذي لم تصف حمرته من الخيل. والأصدأ: ومأخوذ من صدأ الحديد، فكدرة تعلو كل لون من ألوان الخيل. فإذا خلصت الكدرة من الصفرة ولم تكن حمرة الكلف فهي عفرة. والأغبس: وهو الورد الذي لا تخلص حمرته ومؤنثه غبساء. والأدبس: هو الذي اشتدت حمرة شقرته حتى علاها سواد، وناصيته وعرفه وذنبه اقل سوادا من لون شعر جلده والغالب عليها حمرة،. أما الأشهب فكل فرس تكون شعرته على لونين ثم تفرق شعرته فلا تجتمع في واحد من اللونين شعرات من غيره . فإذا اجتمع من شعره من كل واحد من اللونين نكيتة صغيرة تخلص من اللون الآخر فهو، أبرش، فإذا عظمت النكتة فهو مدنر، وإذا كان في جسده بقع متفرقة مخالفة للونه فهو ملمع؛ وهو؛ الأشيم. فإذا كان فيها استطالة فهو، مولع....إلى آخر تفريعاتهم التي هي بعدد ألوان الخيل في العالم، ومردها جميعا عنهم إلى أربعة ألوان، هي المسماة عنهم بألوان الأصول، وهي (الأبيض والأسود والأحمر والأصفر). انظر في ذلك (صبح الأعشى: الوراق (ص 200) والخيل لأبي عبيدة : نشرة الوراق: (ص 26) وحلية الفرسان: الوراق (ص 16). والمخصص لابن سيده: الوراق (ص 522) ونهاية الأرب للنويري: الوراق (ص 1064) وأدب الكتاب لابن قتيبة الدينوري: الوراق (ص 28).
وهذا مرجع آخر وصل إلي اليوم رغم أنه طُبِع سنة 1989 م ، وعنوانه ( قاموس الألوان عند العرب ) تأليف الدكتور عبد الحميد إبراهيم ، وصدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة - في 303 صفحة من القطع الصغير ، ولم أقراه بعدُ .
وإليكم مرجعا كنت ذاهلا عنه وهو ( الملمع ) لأبي عبد الله ، الحسين بن علي النمري . حققته وجيهة السطل وطبع في مجمع اللغة العربية بدمشق سنة 1396 هج = 1976 م .