هناك شائعة ثقافية عربية مزمنة تعتقد أن العرب لم يكونوا في الأدب إلا شعراء. وبالتالي فإن نثرهم القصصي والروائي والفلسفي باهت ولا يضاهي شعرهم. والحقيقة أن هذا السؤال شغل الباحثين طوال القرن العشرين وجرى أحياناً التسليم بالشائعة المشار إليها، على رغم أن أكثر من 85 بالمائة من المخطوطات العربية ما تتزال لم تحقق! والواقع أن كتب التراث النثري العربي تقول شيئاً مغايراً، فالعرب لم يبدعوا فقط "ألف ليلة وليلة"، على رغم قيمتها الكبيرة، والمكانة المذهلة التي حققتها لها في الثقافات المختلفة الترجمات إلى اللغات الأخرى.هناك حقيقة لا مراء فيها أن شطراً كبيراً من التراث النثري قد أتلفته نيران الحروب والغزوات المدمرة التي تعرضت لها الحواضر الإسلامية المنتجة للثقافة والراعية لها والتي كانت عامرة بآلاف المكتبات.استمر الشعر في الذاكرة الجمعية والفردية لسهولة حفظه وإنشاده، من قبل أن يدون، وضاعت كتب النثر لصعوبة حفظها. القرآن الكريم والحديث الشريف وفن الخطابة، وكتب المنطق، بل والمعاجم نفسها، كل هذا يؤكد مكانة النثر في ثقافة العرب، رغم تأخّر مرحلة التدوين. ناهيك عن أن كتب الطب والفلك والكيمياء والرياضيات والجغرافيا والتأريخ والمقامة والمراسلات وأعمال الدواوين ومواد القضاء والفتاوى والمسائل الشرعية والنقد الأدبي هي، بالضرورة، أعمال، نثرية. السؤال هو: ما الذي نعرفه عن فنون السرد عند العرب، والنقاش في المسألة مفتوح في هذا المجلس. |