نعم يعيبه ذلك كن أول من يقيّم
بسم الله الرحمن الرحيم ما يدرك بالسليقة ليس هو ما يدرك بالتعلم والتعاهد، فالسليقة -عند الشعراء-تعني أن ينشأ الشاعر في بيئة شعرية محضة، يتم فيها الإدراك العفوي... مما يساعد على كسب الأشياء دون تعلمها، فالعربي في عصر ما قبل الإسلام يتحدث باللغة العربية "محضة" دون أن يرتكب أدنى خطأ، ومع ذلك فهو لا يعرف قواعد اللغة التي وضعت بعده، وإذا حدث أن ارتكب أحد خطأ، فالأذن الموسيقية لديه تتولى تقويمه وإصلاحه، أما نحن في العصور المتأخرة فالإدراك عندنا يكون بالتعلم، ولا أظن أن أحدا سيدعي الحديث باللغة العربية دون أن يمر من مراحل تعلمها نحوا وصرفا وبلاغة... وكذلك الشعر، فالمكتسبات عن طريق التعلم والممارسة والإحتكاك هي من يقوم لسان الشاعر المعاصر ويلينه وفق الوزن والقافية، خلاف العربي قديما كانت بيئته من ترضعه لبان الشعر والإشعار، ولا أظن أحدا يستطيع قول الشعر أو نظمه دون الممارسة والدراسة ... خصوصا حفظ الشعر، ولعل في إجابة الأصمعي (القرن الثامن) لأحدهم عندما قال له: أريد أن أكون شاعرا، فقال له الأصمعي : كن لي راوية بمعنى إرو عني الاشعار واحفظها، وهذا أسلم الطرق للتمكن من الأوزان والبحور التي تخيف متشاعري اليوم، فيختبئون خلف كلمات مبعثرة يسمونها الشعر الحر، وما هي بشعر. مع استثناء من وقفوا وقفة الشعر الحر الموزون من رواده وفرسانه. وقديما قال الشاعر ولستً بنَحْويّ يَلًوكُ لسانَه ولكني سَليقيّ أقول فأُعربُ |