البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : التاريخ

 موضوع النقاش : جذور الصراع الطائفي في العراق    قيّم
التقييم : التقييم :
( من قبل 4 أعضاء )

رأي الوراق :

 صادق السعدي 
6 - مايو - 2012
 
 
    أسباب عديدة كانت تقف حائلا بيني وبين الكتابة في موضوع أراه يمثل جوهر المحنة التي عاشتها أمتنا العربية والإسلامية من قرون ولا زالت تعاني وتقاسي في ظل أوضاع عربية وإسلامية بائسة وكارثية يساهم الباحث والمثقف قبل رجل السياسة المنتفع في دعم مشاريع خطيرة مشبوهة يدفعه في ذلك قصور في الرؤية وفهم خاطيء لطبيعة الصراع التاريخي على أساس مسبقات وخلفيات تاريخية ومذهبية إذا جاز لرجل الشارع البسيط أن يسقط في فخّها، فمن المعيب أن يكون المثقف أو المفكر طرفا في صياغتها وتصديرها لوضع المزيد من الحطب على النار في قنوات إعلامية وصحف صفراء رخيصة مسيّسة الى قرونها والتي لا تنطح عدوا ولا تدفع الضرّ عن صديق. كنت كلّما تقدمت خطوة للكتابة في موضوع كهذا على أهميته وخطورته أجد الخوض فيه مجازفة لا تصرفني عنها خشية أحد من الناس أو خوف خسارة مادية أو معنوية، فليس عندي ما أخسره وأنا في الخمسين، أو أخشى ضياعه وأنا في بلال الغربة. ما أخشاه حقا أن لا أعطي موضوع في حقيقته مشروع لا أزعم أنه يرتقي الى مستوى وضع اليد على جوهر الصراع الذي كان ولازال يمزق الأمة الى طوائف وفرق متناحرة. فقد كتب الكثيرون في هذا المضمار، وأسهمت نخبة من رجال الفكر والثقافة والأدب في رأب الصدع ومحاولة تضييق الفجوة بين الأطراف المختلفة عن طريق الكتابة والمؤتمرات والندوات الدينية والثقافية. ولم تثمر كثيرا تلك الجهود المبذولة في جمع الأمة أو على أقل تقدير إيجاد قواسم مشتركة قد لا تعالج جوهر الصراع ولكن تجمع الأطراف المتخاصمة على أساس المصالح المشتركة والتنبيه على أن المعركة الحقيقية في ساحة أخرى ساهم العدو الحقيقي في ذكاء وتقنية عالية أن يجعل الحرب خارجها وفي بيت المختلفين من أبناء العمومة والخؤولة.
يتبع...
شاهد التعليقات الأخرى حول هذا الموضوع
أضف تعليقك
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
العثمانيون والفرس    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
 
   وكتب التاريخ مشحونة بتبادل التهم والسباب بين علماء وكتاب المذهبين المختلفين. فلم يكن اسماعيل الصفوي صاحب بدعة غير مسبوقة. وقد شهد العراق قبل ذلك صراعا مذهبيا بين الشيعة والسنة، كما عرف الصراع بين المذاهب السنية نفسها اتسم بالعنف والتكفير أيضا، لكن لم يصل الامر يوما الى تعريض الناس الى الفتنة وقهرهم والنيل من عقائدهم وشتم رموزهم الدينية بالصورة التي عرفها العراق بعد الغزو الصفوي. وكما تعرّض علي بن أبي طالب الى الشتم على المنابر في مرحلة ليست بالقصيرة من تاريخ المسلمين بلغة عربية فصيحة، فقد أخذ كل من أبي بكر وعمر حصلتهم من هذه الشتائم بالعربية والأعجمية! وتعرّض السنة في العراق الى بلاء عظيم. ولمّا كان الصراع سياسيا في طبيعته وجوهره، فقد قرر السلطان العثماني أن يصفي حسابه مع الدولة الصفوية التي كانت قد أخذت في الإتساع وتهديد تخوم الدولة العثمانية ولكن بغطاء مذهبي هو الثأرلأهل السنة في العراق. وبالفعل شنّ السلطان سليم الأول حملة شعواء على الشيعة في الأراضي التابعة لسلطة الدولة العثمانية، قتلا وتشريدا. وفي كل الاحوال لم يكن أكثر الضحايا طرفا في هذا الصراع المذهبي البغيض بين الفرس والعثمانيين.
    ولعل من أغرب قضايا التاريخ التي سفكت فيها دماء ملايين من البشر، وخلفت ولازالت أضغان ومدارس وأطنان من الحبر والورق، وحروب حديثة استعملت فيها أقذر الاسلحة وأشدّها فتكا بالبشر، أقلام ورجال فكر وعلماء دين، ملوك وسلاطين... أن تكون هناك قضية غاب خصومها، ومحكمة لا مثيل لها في تاريخ البشرية، موكّلون بلا وكالة، وقضاة يصدرون أحكاما في غياب أصحاب الحق الشرعي في المطالبة بالحقوق. وجمهور دخل قاعة المحكمة بطريق القهر والإكراه، وانقسم بمرورالزمن وما ورث الخلف عن السلف، الى فريق موالاة وفريق معارضة. مسرحية تاريخية هزلية جنائزية من الدم والدموع قرّر الممثلون فيها كما ذكر بعض أبطالها أنّ جده السابع كان قد أوصى ولده إذا سقط عن خشبة المسرح أن يكمل الدور ولده من بعده حتى لحظة التجلي والظهورأو قيام الساعة.
    والعراق كان ولايزال الأرض التي حملت هذا الارث الثقيل دون سواها من البلاد العربية، ودفع أبناؤها وما زالو ثمن سياسات داخلية وخارجية، لم يكونوا يوما طرفا حقيقيا فيها إلا بالقدر الذي يدفع فيه الحاكم الناس في كل مرة بما يمارسه ضدهم من إقصاء وتهميش وسياسة غير عادلة ولا منصفة، عدوان وقتل وتشريد الى التخندق الطائفي في محاولة لحماية هويتها التي يريد الحاكم الطائفي انتزاعها بحجة مصلحة الطائفة التي يزعم أنّه يمثلها.
 
ولنا عودة إن شاء الله
صادق السعدي
11 - مايو - 2012
أضف تعليقك