عمر وعلي ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
دخل إسماعيل الصفوي بغداد سنة 914هـ 1508 م. ولم تكن هذه المدينة الحزينة قد نزعت بعد ثياب الحداد الطويل على ضحاياها بيد المغول والمجاعة والأوبئة التي كانت تفتك أحيانا بأكثر من نصف سكان العراق. أدخل هذا الفاتح الجديد لبغداد ما هو أخطر من كل الأوبئة التي ضربت هذا البلد المنكوب عبر تاريخه الطويل، وباء المذهبية في أقبح صورها. ولم يكن العراق منذ تمصيرالكوفة والبصرة بعيدا عن الشحن الطائفي أو الصراع القبلي الذي تأسس على خلفية الجمل ثم صفّين، وقبل ذلك مقتل الخليفة عثمان بن عفان. وكان الجرح عميق وفي كل بيت من بيوت المسلمين نائحة وطالب ثأر. وانقسم المسلمون الى شيع وطوائف. لعلي شيعته في الكوفة وبعض نواحي البصرة ومصر. ولطلحة والزبير وأم المؤمنين عائشة شيعة ينافسون شيعة علي مناطق النفوذ والولاء والنصرة والمحبة. وفي الشام شيعة معاوية من غير منافس. ولم يكن أبو بكر ولا عمر بن الخطاب وقتها طرفا في هذا الصراع بين الإطراف المتخاصمة. كان شيعة علي هم شيعة عمر. ولم يذكر التاريخ حتى في صفحاته المتطرفة أن أحدا من من أنصار علي وأتباعه ومحبيه، كانوا ينالون من أبي بكر أو عمر ، بل العكس من ذلك كانوا يذكرونهم بخير ويقرّون بفضلهم. لقد كان على رأس جيش معاوية عبيد الله بن عمر. وقد حاول جيش الشام استفزاز أتباع علي للنيل من عمر عندما كانوا ينادون: معنا الطيّب ابن الطيّب، فكان شيعة علي يجيبونهم: بل معكم الخبيث ابن الطيّب. لم ينجح أنصار معاوية مع أن الظرف حينئذ كان يساعدهم في تحقيق غرضهم من تحويل وجهة الصراع وكسب المزيد من الشرعية في قضية كانت أصلا فاقدة للشرعية، ظاهرها حقّ وجوهرها باطل.
أقول في ذلك الوضع الحسّاس والمتوتّر كان شيعة علي أعقل من السقوط في ذلك الفخ الذي سقط فيه الشيعة بعد ذلك نتيجة القهر والإقصاء والظلم من الأنظمة المتلاحقة التي لبست عمامة عمربن الخطاب وحكمت الناس باسمه، فتماهت صورة عمر في الذهنية الشيعية بصورة الحاكم الجائرمن عام 41 هجرية الى لحظة سقوط تمثال صدام حسين في ساحة الفردوس ببغداد في 9 نيسان سنة 2003 م.
|