إسماعيل الصفوي ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
ظهر في أواخر القرن التاسع الهجري في إيران شاب طموح إسمه أسماعيل الصفوي. متصوف وشاعر غزل رقيق، يكتب المدائح للنبي وآل بيته. وكان قد ورث النزعة الصوفية من أبيه. وللوراثة دخل كبير في نشأة الإنسان وميوله ونزواته وسلوكه الشخصي. وكان القدر قد مهّد له الطريق ليسعى في طلب الحكم بقلب جسور وكفاءة عالية في إزاحة كل المعوّقات من أجل الوصول الى السلطة. وقد اجتمع مع ما ذكرنا فساد الأوضاع السياسية والإجتماعية ومقارعة خصوم لم يكونوا أقلّ عنفا وشراسة من هذا الرجل. وكانت الفرصة مؤاتية لهذا الشاب الطموح أن يحكم هذه البلاد في ظل الإنقسام الداخلي الذي كانت تشهده الدولة الفارسية والتهديد الخارجي وغياب الحاكم القوي القادر على ضبط الأوضاع والحكم بقبضة قاهرة. وقد تمكّن بالفعل أن يصفي جميع خصومه وأعدائه السياسيين على حداثة سنه ليتوّج ملكا على بلاد فارس عام 1502م. كان إسماعيل الصفوي متصوّفا من أهل السنة، ثم قرّر أن يتحوّل الى مذهب التشيّع الغالي. ولعلّ الذين مرّوا في مثل هذه التجارب في الإنتقال من مذهب الى مذهب أو عقيدة الى عقيدة مخالفة، عادة ما يذهبون الى أقصى ما في تلك العقيدة من تطرّف ومغالات. ولنا في التاريخ القديم والحديث نماذج كثيرة لا يسع المجال لذكرها. ذكروا أن سبب ذلك التحوّل هو زيارة الإمام علي لإسماعيل الصفوي- أو لإبيه لا يهم- في الرؤيا أو المنام، فكان ذلك الحلم أو الرؤيا أو الكابوس سمّه ما أحببت، سببا في اعتناقه مذهب التشّيع. وقد يكون الدافع السياسي هو السبب في ذلك الإنقلاب المذهبي العاصف. لقد أراد إسماعيل الصفوي- كما يرى آخرون وهو الأقرب الى المنطق- مواجهة الدولة العثمانية التي كانت تناصبه العداء، بسلاح مذهب مخالف. وكان الكثير من أتباعه من المتضررين من سياسة الدولة العثمانية فعبّأهم ضد خصومه بهذه العقيدة. |