البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : عالم الكتب

 موضوع النقاش : غضب الجاحظ على نساخ الكتب    قيّم
التقييم : التقييم :
( من قبل 2 أعضاء )
 زهير 
21 - ديسمبر - 2011
أنشر هنا كلام الجاحظ في ذم إهمال النساخين وعظيم جنايتهم على التراث لكي أنشر في تعليق لاحق ما وعدت به في التعريف بكتابه (الوكلاء) من إثبات الزيادة التي وصلتنا عن طريق كتاب (الأوائل) لأبي هلال العسكري. تاركا القول الفصل في تحقيق اختلاف الألفاظ إلى وقت لاحق، مكتفيا فقط بالتنبيه عليها.
قال في الحيوان (ج1 ص 79 ط البابي الحلبي) في صدد كلامه عن آفات الترجمة والنسخ:
ثمّ يصير (أي الكتاب) إلى ما يعرض من الآفات لأصناف الناسخين، وذلك أن نسختَه لا يَعدَمها الخطأ، ثمَّ ينسخُ له من تلك النسخة مَن يزيده من الخطأ الذي يجده في النسخة، ثمّ لا ينقص منه؛ ثم يعارِض بذلك مَن يترك ذلك المقدار من الخطأ على حاله، إذا كان ليس من طاقته إصلاحُ السَّقَط الذي لا يجدُه في نسخته.
ولربَّما أراد مؤلِّف الكتاب أن يصلِح تصحيفاً، أو كلمةً ساقطة، فيكون إنشاء عشرِ ورقاتِ من حرِّ اللفظ وشريفِ المعاني، أيسَرَ عليه من إتمام ذلك النقص، حتى يردَّه إلى موضعه من اتِّصال الكلام ، فكيف يُطيق ذلك المعرض المستأجَر، والحكيمُ نفسهُ قد أعجزه هذا الباب وأعجب من ذلك أنَّه يأخذ بأمرَين: قد أصلحَ الفاسدَ وزاد الصالحَ صَلاحاً، ثم يصير هذا الكتاب بعد ذلك نسخةً لإنسان آخَرَ، فيسير فيه الورَّاقُ الثاني سيرَةَ الوَرَّاقَ الأوَّل؛ ولا يزال الكتابُ تتداوله الأيدي الجانية، والأعْرَاض المفسِدة، حتَّى يصير غَلَطاً صِرفاً، وكذِباً مصَمتاً، فما ظنُّكم بكتابٍ تتعاقبه المترجمون بالإفساد، وتتعاوره الخُطَّاط بشرٍّ من ذلك أو بمثله، كتابٍ متقادِم الميلاد، دُهْرِيّ الصنعة.
شاهد التعليقات الأخرى حول هذا الموضوع
أضف تعليقك
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
شهادة الشيخ أحمد شاكر    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
في موضوع بعنوان (تصحيح الكتب) بقلم المرحوم الشيخ أحمد شاكر نقلته من موقع ألوكة يقول:
ألوف من النسخ من كل كتاب، تنشر في الأسواق والمكاتب، تتناولها أيدي الناس، ليس فيها صحيح إلا قليلاً؛ يقرؤها العالم المتمكن، والمتعلم المستفيد، والعامي الجاهل وفيها أغلاط واضحة، وأغلاط مشكلة، ونقص وتحريف؛ فيضطرب العالم المتثبِّت إذا هو وقع في خطأ في موضع نظر وتأمل ويظن بما علم الظنون، ويخشى أن يكون هو المخطئ، فيراجع ويراجع، حتى يستبين له وجه الصواب؛ فإذا به أضاع وقتاً نفيساً وبذل جهداً هو إليه أحوج؛ ضحيَّة لعب من مصحح في مطبعة، أو عمد من ناشر أمِّيٍّ، يأبى إلا أن يوسد الأمر إلى غير أهله، ويأبى إلا أن يركب رأسه؛ فلا يكون مع رأيه رأي.
ويشتبه الأمر على المتعلم الناشئ، في الواضح والمشكل، وقد يثق بالكتاب بين يديه، فيحفظ بالخطأ، ويطمئن إليه، ثم يكون إقناعه بغيره عسيراً، وتصوَّر أنت حال العامي بعد ذلك!!.
وأيُّ كتب تبتلى هذا البلاء؟ كتب هي ثروة ضخمة من مجد الإسلام، ومفخرة للمسلمين، كتب الدين والعلم: التفسير والحديث، والأدب والتاريخ، وما إلى ذلك من علوم أُخر.
وفي غمرة هذا العبث تضيء قلةٌ من الكتب طبعت في مطبعة بولاق قديماً عندما كان فيها أساطين المصححين، أمثال الشيخ محمد قطة العدوي، والشيخ نصر الهوريني، وفي بعض المطابع الأهلية كمطبعة الحلبي والخانجي.
وشيء نادر عنى به بعض المستشرقين في أوروبة وغيرها من أقطار الأرض يمتاز عن كل ما طبع في مصر بالمحافظة الدقيقة - غالباً - على ما في الأصول المخطوطة التي يطبع عنها مهما اختلفت، ويذكرون ما فيها من خطأ وصواب، يضعونه تحت أنظار القارئين، فَرُبَّ خطأ في نظر مصحح الكتاب هو الصواب الموافق لما قال المؤلف، وقد يَتَبَيَّنُهُ شخص آخر عن فهم ثاقب، أو دليل ثابت.
وتمتاز طباعتهم - أيضاً - بوصف الأصول التي يطبعون عنها وصفاً جيداً، يظهر القارئ على مبلغ الثقة بها، أو الشك في صحتها؛ ليكون على صحة من أمره.
وهذه ميزة لن تجدها في شيء مما طبع في مصر قديماً بلغ ما بلغ من الصحة والإتقان؛ فها هي الطبعات الصحيحة المتقنة من نفائس الكتب المطبوعة في بولاق، أمثال: الكشاف، والفخر، والطبري، وأبي السعود، وحاشية زاده على البيضاوي، وغيرها من كتب التفسير، وأمثال البخاري، ومسلم، والترمذي، والقسطلاني، والنووي على مسلم، والأم للإمام الشافعي، وغير ذلك من كتب الحديث والفقه؛ وأمثال لسان العرب، والقاموس، والصحاح، وسيبويه، والأغاني، والمزهر، والخزانة الكبرى، والعقد الفريد، وغيرها من كتب اللغة والأدب؛ وأمثال تاريخ ابن الأثير، وخطط المقريزي، ونفح الطيب، وابن خلكان، وذيله، والجبرتي، وغيرها من كتب التاريخ والتراجم، إلى غير ذلك مما طبع من الدواوين الكبار ومصادر العلوم والفنون.
أتجد في شيء من هذا دليلاً أو إشارة إلى الأصل الذي أخذ؟!
وأقرب مثل لذلك كتاب سيبوبه طبع في باريس سنة 1881م (توافق سنتي 1298، 1299هـ) ثم طبع في بولاق في سني 1316- 1318هـ وتجد في الأولى اختلاف النسخ تفصيلاً بالحاشية، ومقدمة باللغة الفرنساوية فيها بيان الأصول التي طبع عنها، ونصَّ ما كتب عليها من تواريخ وسماعات واصطلاحات وغير ذلك حرفيَّاً باللغة العربية؛ ثم لا تجد في طبعة بولاق حرفاً واحداً من ذلك كله، ولا إشارة إلى أنها أخذت من طبعة باريس.
فكان عمل هؤلاء المستشرقين مرشداً للباحثين من المُحْدَثين.
وفي مقدمة من قلَّدهم وسار على نهجهم العلامةُ الحاج أحمد زكي باشا- رحمه الله - ثم من سار سيره، واحتذى حذوه.
ومن ذلك كانت طبعات المستشرقين نفائس تقتنى، وأعلاقاً تُدَّخَر، وتغالى الناس، وتغالينا في اقتنائها على علو ثمنها، وتعسر كثير منها على راغبيه
زهير
21 - ديسمبر - 2011
أضف تعليقك