ثلاثة طواغيت ( من قبل 2 أعضاء ) قيّم
- والناسُ في تِلْكَ الْحِقْبَة الْمُظْلِمةِ يُقَدِّسُون ثلاثةَ طواغِيتَ : الأوثانَ والعُلَمَاءَ والأُمَرَاءَ ، يُقَدِّسُونَ الأوثانَ فَيَتَقَرَّبُونَ لَهَا جَهْدَ ما وَسِعُوا مِن دُعَاءٍ وتَضَرُّعٍ وطوافٍ وذَبْحٍ ، يَسْكُبُونَ أمامَ يَدَيْهَا الدُّمُوعَ الْغِزَارَ الْحِرَارَ ، وتَزْفِرُ صُدُورُهم بأعلى الآهاتِ والأَنَّاتِ ، يُعَفِّرُونَ الْجِبَاهَ ، وَيُنَكِّسُونَ الرُّؤُوسَ ، وتَسْرِي فيهم نشْوَةٌ شَيْطَانِيَّةٌ ، فيَرْقُصُونَ كالمجانين، وتتمايَلُ الْهَامَاتُ على الأكتافِ يَمْنَةً ويَسْرَةً ، وتَتَلَطَّخُ الأَيْدِي بالدِّماءِ الْمَسْفُوحَةِ ، وتُشَعَّثُ الشُّعُورُ ، وَتَمَزَّقُ الأَسْمَالُ ، حَتَّى تصْرَعَهُمُ الشَّيَاطِينُ فَيَسْقُطُونَ كالقَتْلى ، تطُوف بأذهانِهِمُ الأحْلامَ الوَرْدِيَّةَ ، وتُنَاغِيهِمُ الْقُصُورُ الْعَاجِيَّةُ الَّتِي سَيَمْنَحُهُمْ إِيَّاهَا وَلِيُّ اللهِ الأَعْظَمُ ! . - ويُقَدِّسُونَ العُلماءَ الْجُهَلاءَ ، فقَوْلُهُمْ هُوَ الَّذِي لا يَحِيدُ عَن مِفْصَل الْحَقِّ ، ولا يأتِيهِ الباطِلُ من بَيْنِ يَدَيْهِ ولا مِن خَلْفِهِ ، وناهِيكَ بِه مِن قَوْلٍ يُمْكِنُ أَن يُقْصَدَ بِه كُلُّ شَيْءٍ إلا وَجْهَ اللهِ ، فَهُمْ يَتَزَلَّفُونَ إِلى الأُمَراءِ مَا أَمْكَنَهُمْ إِلى الزُّلْفَى سَبِيلٌ ، وَكَيْفَ لا ! ؛: وَأمَامَ أَعْيُنِهِمْ يتلألأُ بَرِيقُ الْمَالِ ، وَبَرِيقُ الْمَالِ لا يُقَاوَمُ !! . - وَيُقَدِّسُونَ الأُمَرَاءَ ، وَهَلْ بَعْدُ قَدَاسَةٌ كقَدَاسَةِ مَن يُومِئُ بإِصْبَعٍ فَتُسْفَكُ دِماءٌ مُحَرَّمَةٌ ، وتُزْهَقُ أنفَسٌ مَّعْصُومَةٌ ، وتُسْلَبُ أمْوالٌ ، وتُنتَهَكُ أعْرَاضٌ ، لا لِشَيْءٍِ إلا لِيُرْضِيَ غُرُورَهُ وَكِبْرِياءَهُ . - أوثانٌ وعلماءُ وأمراءُ ، ثلاثةُ عناكِبَ سَقَطَ الناسُ في شِباكِها وأحابِيلِها ، وظلماتٌ ثلاثٌ كانت هذه القُطْعَانُ الهائِمةُ جنينًا في أحشائها ، وحانتْ ساعَةُ الْمِيلادِ . |