البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : دوحة الشعر

 موضوع النقاش : زمنٌ للشعر والجريمة    قيّم
التقييم : التقييم :
( من قبل 1 أعضاء )
 عبدالرؤوف النويهى 
12 - أكتوبر - 2011
فى سنوات التكوين ..حصدت معارف شتى  من الآداب العالمية ،كنت أسابق عمرى أن ينقضى بلا زاد أو مؤنة سفر يطول .
همتُ عشقاً بالشعراء ،إنه الناس "أنتم الناس أيها الشعراء" وعثرت على أحد شعراء صباى "الكسندر بوشكين " أمير أمراء الشعر الروسى .
 وفى وأثناء الثورة الشعبية المصرية 25يناير 2001م  عدتُ وبقوة إلى قراءة ماتجمع فى مكتبتى من دراسات أو دواوين شعر مترجم للشعراء الروس ..وقرأت ماكتبه بوشكين م نثر أو شعر ..
وها أنا أحاول الكتابة عنه .
.فلعلنى  أوفى هذا الشاعر بعض حقوقه علىّ.
شاهد التعليقات الأخرى حول هذا الموضوع
أضف تعليقك
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
زمن للشعر والجريمة...    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
(6)

 
نيقولاى جوجول (1809م/1852م)..صاحب القصة الأشهر "المعطف" .يحكى فى إحدى رسائله "حين بدأت أقرأ لبوشكين الفصول الأولى من الأنفس الميتة بما فى ذلك ماكانت عليه من قبل،أخذ بوشكين ،يضحك دائماً عند قراءتى وكان مولعاً بالضحك ،يتعبس شيئاً فشيئاً ،وأخيرا صار فى منتهى الجهامة .وما إن أنهيت القراءة حتى قال بصوت مسموع ملّوع ""ياإلهى ،كم هى موحشة بلادنا روسيا!".

ولايمضى وقتاً طويلاً حتى تنتهى حياة الشاعر بوشكين ،ويقول جوجول"بوشكين ظاهرة فى النفس الروسية هائلة، لعلها فريدة .فهو الإنسان الروسى فى تطوره ،ربما بعد مائتى عام .فيه الطبيعة الروسية ،والروح الروسية ،واللغة الروسية،والطبع الروسى معكوسة بنفس النقاء وبنفس الجمال المصىّ مثل انعكاس المنظر الطبيعى على السطح المحدب لعدسة مرئية".

يبدو أن الشعراء ،دون خلق الله، يحملون معهم أحزانهم من المهد إلى اللحد ،وكأنهم يحملون همّ البشر .
وكثيراً ماكنت أردد وسأظل أردد مابقيت فىّ الحياة ، هذا البيت من قصيدة لعباس محمود العقاد
الشعرُ من نفس الرحمن مقتبسٌ ***والشاعر الفذ بين الناس رحمان

هل يستشعر الشاعر قرب نهايته؟؟!!
سؤال أقلقنى ويقلقنى ..
وما أكثر أحزان الشعراء ، وددت لو أمهلنى زمنى لأكتب عن أحزان الشعراء فى كل العصور وكل البلدان ،إنها رغبة قد ينتهى العمر ولا أصل لمبتغاى .

وقبل مصرعه بشهور قلائل وفى سنة 1936م يكتب بوشكين قصيدته الفارقة وتشتد به الكآبة وتمتلأ روحه بالحزن الشفيف ،ولايجد فى مدينته سوى القبور المعتمة والموتى ويسقط فريسة للكآبة والسوداوية .
إنها لحظات النهاية ..لمجتمع غادر فاجر وطغاة وأنذال ولصوص ومنافقين وعواهر الكلمة ..وفجر جديد يُشرق بمجتمع متقدم متحضر ينال فيه كل إنسان حقوقه الإنسانية .
هكذا يستشرف النهاية .
وفى قصيدته :
عندما أهيم فى المدينة ..

 

عندما أهيم فى المدينة ،غارقاً فى التفكير
وأصل إلى المقبرة العامة -
السياج ،الأعمدة ،المقابر الحجرية الناعمةالجميلة ،
التى يتعفن تحتها كل موتى المدينة ،
مصفوفة إحداها جنب الأخرى على المرج الطرى
كضيوف شرهين على مائدة خاوية ،
أضرحة ذوى المكانة الإجتماعية الرفيعة ،
الزخارف القبيحة لبنائين من الدرجة الثالثة ،
والنقوش المحفورة نثراً وشعراً،
التى تعدد فضائلهم ،ومناقبهم ،وطبقاتهم،
الزوج الولهان المغفل تميزه آلهة الحب النائحة ،
الأعمدة المسروقة من توابيتها،المزخرفة بصورة بائسة .
القبور المعتمة ،التى تنتظر بفوهة كئيبة ،
النزلاء المحدد لهم صباح الغد-
أضطرب بمثل هذه الأفكارعن الحماقة الإنسانية
حتى أسقط فريسة للكآبة والسوداوية
وأريد أن أبصق وأجرى ..
فكيف لى مع ذلك أن أحب
فى أمسيات الخريف ،عندما تنام السماء فى الأعالى
كميت فى هدوء مهيب ،
أن أتمشى فى العزلة القديمة لمقبرة قريتنا الفقيرة ،
حيث الفراغ متاح لمدافن حجرية بسيطة ،
ووجه اللص المذعور
لايقتحم للسرقة حين يوحش الليل ،
لكنه الفلاح الطيب الذى يمر مترحماً
يهمهم ويتنهد كلما مرّعلى هذه الأحجار ،القديمة البسيطة ،يكسوه المرض الجلدى ،
وبدلاً من التوابيت والأهرامات
ذات التماثيل مجدوعة الأنف ،والأعمدة -التماثيل الشائعة ،
تنتشر شجرة السنديان فوق المقابرالجليلة
تصدر الحفيف ،إذ تُرعش الأوراق.

يتبع
عبدالرؤوف النويهى
19 - أكتوبر - 2011
أضف تعليقك