بسم الله الرحمن الرحيم ( الأضداد ) - بابان طريفان في اللغة : الاشتراك والترادف . - الاشتراك : أن يوضع اللفظ الواحد بإزاء معانٍ مختلفةٍ . - والترادف : أن توضع الألفاظ المختلفة بإزاء معنًى واحدٍ . - والأضداد نوعٌ خاصٌّ من الاشتراك . - وهي : ألفاظٌ موضوعةٌ لمعانٍ متقابلةٍ . - وضابطها : اتحاد اللفظ ، واتحاد الماصدق ، وتقابل المعنى ، وكون اللفظ هو الموضوع لا الصيغة ، وأنه وضعٌ لا نقلٌ للفظ على جهة المجاز العقلي . - على أنه قد تُوُسَّعَ فيها ، فأدخلت فيها ألفاظٌ لم تستجمع هذه الضوابط ، فهو توسُّعٌ على سبيل المجاز = نظرًا إلى الحقيقة الاصطلاحية المقررة للأضداد آنفًا . - أمثلة : - اجلعبَّ الرجل ؛ أي : اضطجع ، واجلعبَّ الفرس ؛ أي : امتدَّ في جريه ( لم يتحد الماصدق ) . - راغ عليهم ، وراغ عنهم ( لم يتحد اللفظ لاختلاف حرف التعدية ) . - أمين ؛ أي : مؤتمن بكسر الميم وفتحها ( هذا الوضع لصيغة فعيل : أنَّها تأتي للفاعل وللمفعول معًا ) . - طريقٌ خائفٌ ؛ أي : مخوفٌ ( مجاز عقلي ) . - فحَقُّ هذه الألفاظ ونظائرِها : أن لا تُعَدَّ في الأضداد على التحقيق ، وقد عُدَّت . وقد نازع بعض علماء العربية في اشتمالها على الأضداد ، وتأوَّلوا ما عُدَّ من الأضداد على أنه من قبيل المشترك المعنويِّ ، وهو : أن يكون للفظ معنى عامٌّ تندرج تحته معانٍ أخص . - مثال : - يقال : فرس خنذيذ ، قال أهل الأضداد : الخنذيذ للفحل والخصي ، وقالت المتأوِّلة : الخنذيذ الفرس الشديد القوي فحلاً كان أو خصيًّا ، والحق في هذا المثال مع المتأوِّلة . - يقال : هذا مأتم ، قال أهل الأضداد : المأتم للنساء يجتمعن في العرس أو المناحة ، وقالت المتأوِّلة : المأتم لجماعة النساء مطلقًا ، والحق في هذا المثال مع أهل الأضداد . - والرأي الوسط : أنه لا مانع من اشتمال العربية على الأضداد ، لكن مع إحسان فهم الشواهد، فلا يتوسَّع بحيث يدخل في عداد الأضداد ما ليس منها . - وفي الأضداد سِفْرٌ قيِّمٌ لأبي الطيب اللغوي ؛ عبد الواحد بن علي الحلبي ( ت 351 ) - غفر الله لنا وله ! - ، أحصى فيه طائفةً كبيرةً من الأضداد ، فإن كان من فواتٍ فهو نزرٌ يسيرٌ . - وهذا ملخَّصٌ له مقتصرٌ على لُبِّ الموضوع إعانةً على حفظها ، وفي الكتاب فوائد كثيرةٌ تغري بالاطِّلاع . |