ترجمة الردماوي في درر العقود الفريدة     ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
علي بن زيد بن علوان بن صبرة بن مهدي بن حريز ويدعى أيضا بعبد الرحمن الشيخ أبو زيد الزبيدي اليمني الردماوي الشافعي ولد بردما وهي بمشارف اليمن دون الأحقاف وحضرموت في جمادى سنة إحدى وأربعين وسبعمائة ونشأ بها ثم خرج بعد عشرين سنة فجال في أقطار اليمن وقدم مكة فجاور بها مدة وسكن الشام زمانا ودخل العراق ثم قدم القاهرة وسمع من اليافعي بمكة ومن الشيخ خليل وسمع بالشام من العماد ابن كثير والعماد الحسباني وابن خطيب يبرود وبرع في فنون من حديث وفقه ونحو وتاريخ وأدب يكاد يستحضر أحاديث الكتب الستة في الحديث ويتكلم على رجالها ويعرف كتاب سيبويه معرفة تامة إلى غير ذلك من فضائل جمة واقتدار على سرعة النظم للشعر ومال إلى مذهب أهل الظاهر على طريقة الفقيه ابن حزم ورام القيام على السلطان فمضى من القاهرة بعد سنة ثمانين وجال في بلاد الشام والعراق وأقام بالبادية يدعو إلى العمل بكتاب الله وسنة رسول الله وبيعة إمام قرشي فآواه الأمير حيار بن مهنا وأعجب به واستقضاه على عربه حتى مات، فكثر إعجاب ابنه الأمير نعير بن حيار ثم فارق العرب بعد إقامته عندهم زيادة على عشرين سنة وتنقل في الآفاق يبث دعوته فلما كانت واقعة الخليفة المتوكل والأمير قرط والقبض على الشيخ أبي هاشم أحمد بن البرهان والأمير بيدمر نائب الشام وانحل ما كان انعقد اختفى بلاد الصعيد وسكن مدينة قوص عدة أعوام ثم قدم القاهرة بعد موت الظاهر برقوق وقد نسيت تلك الأخبار، وضعف بصره فلم تطل مدته حتى مات أول ذي القعدة سنة 813 وكان أحد دهاة الناس، وأوحد دهره شهامة وقوة نفس وصدق عزيمة ومعرفة بأحوال الناس على اختلاف طبقاتهم وتباين أقطارهم وما هم عليه من التبديل، وما نزل بالبلاد من الفساد، يخلب بكلامه عقول ذوي الألباب ويسحر بدهائه ألباب النبلاء وكانت عنده قدرة على التطور بحيث يكون عند بعض اصدقائه الأيام ثم يلقاه في هيئة فلا يعرفه وقد فارقه بالأمس. قال لي شيخنا الستاذ أبو زيد ابن خلدون: ما داخلني وهمٌ من أحد ولا تهيبت أحدا في عمري سواه لما اجتمع بي: وقال لي العبد الصالح علي بن عمر: أقام عندي بمنزلي أياما نأكل جميعا ونبيت جميعا ثم فارقني عشاء وقد ماتت لي ابنة فحضر جنازتها ومشى قريبا منا إلى التربة ثم عاد وأنا لا أعرفهن فإني كنت أرى رجلا مغربيا أعرج له لثام فأقول: ترى من هذا الرجل الذي تكلف معنا يومنا ؟ فلما رجعت إلى منزلي دخل علي بتلك الهيئة وتعرّف لي حتى عرفته. وبالجملة فقد كان نسيج وحده في عامة فضائله إلا أن الأيام لم تسعده والأقدار لم تساعده، بل مازال أخا قلة وحيف وخوف وتشديد وإعواز وذلة، أنشدني لنفسه ما كتب به إلى أبي هاشم وفيه بعض التغيير عما تقدم: مـا يـعـلم العبد ما يجري به iiالقدر | | ولا يـنـجـيـه مـما يحذر iiالحذر | لا الـجبن يعدو به المحتوم من iiأجل | | ولا بـخـوض المنايا ينقص iiالعمر | وغـنـمـا هـي أوهـام iiيـخيلها | | إلـى الـنفوس فتور العزم iiوالخور | مـات الـجـبان حبيسا دون iiمطلبه | | وقـارن الـمـقـدم التأييد iiوالظفر | فـانـهـض وخـلّ أمـانيّا iiتسوفها | | فـمـا لأشـجـارهـا ظل ولا iiثمر | وعـان أسـبـاب ما ترجوه iiمجتهدا | | واصبر ولا يصرفنك اليأس والضجر | فـإن ظـفـرت بما أملت iiوانتظمت | | لـك الأمـور الـتي ترجو iiوتنتظر | فـحـكّـم الـسـيف لا تعبأ iiبعاقبة | | ولا تـبـال بـمن لاموك أو iiعذروا | حـتـى تطهر هذا الدين من iiنجس | | ويـذعـن البدو للمعروف والحضر | فـالـمـاء من سائر الأنجاس مطهرة | | ولـيـس لـلـديـن إلا بالدما iiطُهُر | وأنشدني لنفسه أيضا: مـا الـعلم إلا كتاب الله iiوالأثر | | ومـا سوى ذاك لا عين ولا iiأثر | إلا هـوى وخـصـومات iiملفقة | | فـلا يـغـرنك من أربابها iiهذر | ليست برطب إذا عدت ولا iiيبس | | ولا لأشـجـارهـا ظل ولا ثمر | وإنـما القوم في جهل وفي عمه | | وفـي عـمى وظلام ما له سفر | وقـد تـواصوا على توليد اولهم | | كما تواصت علتى أبوالها iiالحمر | فـعـد عـن هذيان القوم iiمكتفياً | | بـمـا تضمنت الأخبار iiوالسور | فليس فيما سوى الوجهين معتصم | | ولـيـس غيرهما في ديننا iiوزر | فـشـرعـة الله قد تمت iiوبلغها | | رسـوله ورعاها صحبه iiالغرر | وبـلـغـوها إلى أتباعهم iiوكذا | | أتـبـاعهم زمر من بعدهم iiزمر | |