رثاء في قرة العين محمـــــــــود ..عليه رحمة الله
وأخيراً .. صار محمــود بين يدي الله.. نعم واأسفاه ..توفي محمــود في العناية المركزة يوم الإثنين ، الثامن من سبتمبر سنة 2008 الموافق للثامن من رمضان سنة 1429.
نحن محطمون .. والفراغ الذي تركه محمــود خلفه لا محدود!
الألم كبير.. وعندنا الآن الكثير من وقت الفراغ الذي لا ندري كيف نستغله بإستثناء البكاء بصمت والعيش على التأمل في هذه الحياة في ظل ذكرياته الجميلة والمؤلمة.. دائماً كنت أدعو الله أن يشقي محمــود.. كنت دائماً أشعر بشئ من الأنانية.. كنت أريده فقط أن يعيش بغض النظر عن مدى ألمه أو ألمي.. في ليلة موته كان من الصعب تجاهل مدى المعاناة التي لازمته محاولاً مجاراة الإيقاع السريع لآلة التنفس، عندها أدركت أن ألمي وحزني لم يكن مهماً.. كل ما أردته كان أن يتوقف الألم عن محمــود.. أردته أن يكون مرتاحاٌ.. كانت تلك هي المرة الوحيدة التي دعوت الله أن يحييه ما دامت الحياة خيراً له.. أو ان يتوفاه ما دامت الوفاة خيراً له.. يبدوا أن أبواب السماء كانت مفتوحة في تلك الليلة..توفي محمــود بعد خمس ساعات.
غادر محمــود هذا العالم بصمت.. لم يتفوه بكلمة قط..لم ينطق بشئ.. لم يخطُ خطوة واحدة.. ولم..ولم..ولم.. غادر محمــود هذا العالم نقياً
حاول الناس في تعازيهم أن يقللوا من وقع موته لأنه كان عاجزاً.. الذي جهلوه أن عجزه كان هو نفس السبب الذي يجعل موته ذا وقع وتأثير كبيرين.. كان محمــود محور عالمي وكياني.. كل حياتي وخططي وأفعالي كانت تدور في فلك حول محمــود.. أما الآن فمركز عالمي قد تلاشى.. تبعثرت أوراقي وأصبحت حياتي في أضطراب كامل.. علي أن أتأقلم وأعيش كبقية الناس.. مازلت أذكر نظرات الشفقة من المارة في الشارع أو السوق.. في داخلي كنت أشعر بالأسف عليهم.. هم لم يدركوا مدى السعادة التي أعطانا إياها محمــود طوال ثمان سنوات.. لم يكن عبئاً علينا في يوم من الأيام.. لطالما نظرنا إليه على أنه هدية لنا من الله.. وملاك من الجنة..
في نظرنا كا هو سبب كل البركات في بيتنا.. الآن بعد أن ذهب.. نخشى أن تتوقف هذه البركات.
كان الموت دائما من حقائق الحياة المرعبة.. أما الآن فإني أنظر للموت على أنه أمل متجدد لكي أرى محمــود من جديد وأضمه إلى قلبي.. أرى الموت فرصة لنعيش الحياة بدون ألمه وبدون حرقتي.. أرى الموت فرصة لأخبر محمــود عن مدى إشتياقي له ولإبتسامته البريئة. أراه فرصة لأخبره عن مدى أسفي عن كل ثانية قضيتها بعيداٌ عنه.. أراه فرصة لأخبره كم أصبح هذا العالم موحشاً بدون وجوده كنسمة من جنة علوية.
والد محمــود
------------------------------
أحسن الله عزاءكم بفقيدكم الغالي، وأسبل عليكم سجل الصبر والسلوان،
والمعذرة من الأستاذ نظير، لم أنتبه إلى مرثيته هذه حتى الآن،
أكتب هذه الكلمات ونصب عيني فقيدكم الطاهر يلوّح من شرفات الجنان.
وكم آلمني أن تكون هذه أول مشاركة لكم في مجالسنا،
وأن أرحب بكم من خلالها في سراة الوراق.
إن القلب ليحزن،
وإن العين لتدمع
وإنا على قراءة هذا النبأ لمحزونون.. زهير |