الكتب التراثية المطبوعة في إيران باللغة العربية كانت إيران (بلاد فارس) من أكثر البلدان الإسلامية إنتاجاً في اللغة العربية في مختلف المجالات ولحد الآن تعد اللغة العربية لغةَ الدين والشؤون الدينية واللغة السائدة في المعاهد الدينية وهناك كثير من أساتذة الحوزات العلمية والجامعات الأخصائيين في العلوم الإسلامية يتقنون اللغة العربية على الأقل قراءةً وكتابةً. وشيء آخر هو اهتمام الباحثين الإيرانيين بإحياء كتب التراث الإسلامية باللغتين العربية والفارسية، ولكن يبدو أن ما تنشر في إيران باللغة العربية لا تشق طريقها في الأوساط العربية. إذن أنا في هذه الصفحة الجديدة أريد أن أعرّفكم على كتب عربية تراثية نشرت في إيران بتحقيق رائع وعلى أساس مخطوطات ثمينة، وسأحاول أن أتناول بالبحث في كل أسبوع على الأقلّ كتاباً أو كتابين. الكتاب الأول: "شرح فصوص الحكم" لصائن الدين علي بن محمد التُركة الإصفهاني (674-835)، تحقيق محسن بيدارفر، الطبعة الأولى: قم، انتشارات بيدار، 1420، في مجلدين، 1209 صفحة. قام المحقق الباحث الأستاذ محسن بيدارفر بكتابة مقدمة ضافية في 75 صفحة عن سيرة الشارح صائن الدين التُركة وكتبه ومكانته العلمية وعصره ننقل قسماً ضئيلاً منها: سيرته: عاصر صائن الدين سلطنة الأمير تيمور الكوركاني (771-807) وابنه شاهرخ بن تيمور (807-850) وأسرته كانوا من العلماء والمحققين طوال قرنين قبله وإن جده وأخاه بالأخص كانا عالمين، فقد صرح بأنه تعلم العلوم المتعارفة عند أخيه. أسرة ابن تركه كانت من خجند (مدينة كبيرة تقع في تاجيكستان اليوم) أصلاً، ولكنهم كانوا في إصفهان زمان فتح تيمور الكوركاني لهذا البلد. بعد استيلاء تيمور على إصفهان أمر بتسفير أسرة ابن تركة إلى سمرقند وكان صائن الدين آنذاك شاباً بلغ من العمر حوالي خمس وعشرين عاماً. سافر لطلب العلم كثيراً واشتغل بالقضاء في مدينة يزد لفترة ولكن مخالفيه نسبوه إلى التصوف والانحراف في العقيدة ووشوا به إلى السلطان، فاضطر إلى الدفاع عن نفسه وكتب رسالة "نفثة المصدور" بالفارسية خطاباً إلى شاهرخ وقد شرح فيه أعذاره ودافع عن نفسه ورد على مخالفيه. وبعد محاولة اغتيال شاهرخ في سنة 830 استفاد الواشون مما حدث وقالوا أن صائن الدين كان وراء الاغتيال فأخذوه وأمروا عليه بالحبس والنفي ومصادرة الأموال، فأرسل إلى همدان ثم إلى بعض قلاع كردستان وبالنهاية إلى تبريز. ثم سافر إلى هراة عاصمة شاهرخ وكتب رسالته "نفثة المصدور الثانية" دفاعاً عن نفسه وبقي هناك إلى أن وافاه الأجل فتوفي في الرابع عشر من ذي الحجة سنة 835. أساتذته: لا نعرف عن أساتذته وتلامذته إلا القليل فكل ما نعرف هو أنه: 1. كان يحضر في مصر درس الشيخ سراج الدين عمر بن رسلان البلقيني الشافعي (724-805) في الحديث. 2. كان أستاذه في علم الحروف والعلوم الغريبة كمال الدين الحسين بن علي الأخلاطي الأفطسي الكردي. 3. شرف الدين علي اليزدي. تلامذته: 1. محمد بدخشي 2. أحمد لاله تأليفاته: حصل الباحث المحقق على 48 كتاباً ورسالة من آثاره وعرفها جميعاً في مقدمته ومن حسن الحظ أن هناك مخطوطة ثمينة (في مكتبة مجلس الشورى الإسلامي في طهران، رقم 8503) تحتوي على معظم كتبه ورسائله وقد نُسخ القسم الأعظم منها في حياته وعرض عليه ويوجد خط يده في مواضع متعدده منها. ونشير هنا إلى بعض كتبه للاختصار: 1. شرح فصوص الحكم لابن عربي (بالعربية) وهو هذا الكتاب. 2. التمهيد في شرح قواعد التوحيد (بالعربية). هذا أشهر كتب صائن الدين وقد طبع مرات عديدة في إيران، شرح فيه كتاب "قواعد التوحيد" لجده أبي حامد محمد التركة الإصفهاني. 3. الإنزالية (بالعربية) شرح فيها معنى الإنزال للكتاب. 4. البائية (بالعربية) بحث فيها عن وجه تصدّر الباء في القرآن الكريم ووجّه الأمر بإحدى عشر وجه. 5. الأطوار الثلاثة (بالفارسية). أظهر في المقدمة أنه يريد أن يكتب رسالة جامعة لثلاثة أطوار من الصوفية يعني المحققين منهم والأبرار والأخيار، فإن كلاً من ابن عربي (ت 638) ونجم الدين الكبرى (ت 618) وشهاب الدين السهروردي (ت 632) منسوب إلى طور منها. وذكر في الرسالة أنه لقي في سفره إلى الشام وزيارته مقبرة ابن عربي أحداً من أكابر المحققين اسمه الشيخ أحمد الشقراوي. 6. شرح التجلي الذاتي (بالعربية). 7. أسرار الصلاة (بالفارسية). قال في آخره: "وقع الفراغ في يوم الخميس من جمادي الآخر سنة 820 ببلدة هراة صانها الله عن الآفات". 8. شرح نظم الدر (بالفارسية). شرح التائية الكبرى لابن الفارض، ألفه في الرابع عشر من ذي الحجة سنة 806. 9. شرح نظم الدر (بالعربية). شرح التائية الكبرى لابن الفارض أيضاً، فرغ من في سنة 814، وأشار في المقدمة إلى شرحه للتائية بالفارسية وقال: "والآن خطر ببالي أن أبين كيفية انتظامها بالعربية". 10. المفاحص (بالعربية). كتاب كبير في علم العدد والحروف وكيفية استفادة الحقائق منه، شرح فيه مراتب العدد وكيفية تطبيقها على مراتب الوجود، ووضع دوائر لشرح بعض الكلمات القرآنية مثل الدائرة الطهوية لكلمة طه، والدائرة الياسينية وغيرها. 11 و12. نفثة المصدور الأولى والثانية (بالفارسية). كتبهما لشاهرخ بن تيمور وتكلم عن سيرته ومذهبه ودافع عنه ونفي التهم التي وججها إليه الواشون. 13. النقطة (بالفارسية). شرح فيها الرواية المرسلة: "أنا النقطة التي تحت الباء" وشرحها بوجوه عرفانية حروفية. منهج التحقيق: عثر الباحث محسن بيدارفر على نسختين من شرح فصوص الحكم إحداهما في نفس المجموعة رقم 8503 في مكتبة مجلس الشورى الإسلامي، وثانيهما في المكتبة المركزية في جامعة طهران رقم 1294 نجزت الكتابة في 20 جمادي الأولى لسنة 839، جعل المحقق النسخة الأولى المقروءة على المؤلف النسخة الأساس وقارنها بالنسخة الثانية وجعل في الهامش اختلافات النسختين. كانت النسخة الأولى من كتب الفيلسوف والعارف الكبير المولى علي بن جمشيد النوري (المتوفى سنة 1246) فكتب على رسائل المجموعة تعليقات كثيرة ممتعة، وقد أتى محقق الكتاب بجميع تعليقاته في ذيل الصفحات. وفي نهاية الكتاب قام المحقق بإعداد فهارس فنية في أكثر من 200 صفحة تشمل: 1. فهرس الآيات 2. فهرس الأحاديث 3. فهرس الآثار 4. فهرس الأشعار العربية 5. فهرس الأشعار الفارسية الواردة في الهوامش 6. فهرس الأعلام والفرق 7. فهرس أسماء الكتب 8. فهرس الأماكن 9. فهرس الموضوعات والاصطلاحات 10. فهرس التلويحات الحرفية 11. فهرس العناوين 12. فهرس مصادر ومراجع المقدمة والتعليقات. |