هذه قصة لقريبة إحدى الأخوات في الكلية كلفني الدكتور الفاضل صبري أبو حسين بنشرها كعادته في رعاية المواهب: أمي ، أنا أسرق رغما عني خلسة و بعيدا عن الأنظار تسللت بخفة ، لص ماهر ، فتحت الباب بسرعة ، فولجت إلى الغرفة بهدوء ، أطالت النظر في أرجاء الغرفة ، بحثاً عن صيد جديد ،" لا شيء يستحق السرقة " ، خطرت هذه الفكرة ببالها ، كادت أن تثبط من عزيمتها في السرقة من الغرفة ، لكن شيء استوقفها ، إنها علبة جميلة ذات نقش جميل محفور على جانبيها ، جذبتها ، أمسكت بها ، ففتحتها ، فإذا هي علبة مجوهرات ، امتلأت حتى أخرها بكل أنوع المجوهرات ، ذات اللون الواحد ، والألوان الممزوجة. لكن رغم بريق الذهب ، وجمال الصنع للمجوهرات ، لم تعرها أي اهتمام و إنما تركز انتباهها على علبة المجوهرات ، سحبتها من على المنضدة ، ثم أفرغت محتوياتها ، بسرعة على السرير ، فتساقطت بعض قطع المجوهرات ، على الأرض ، و تحت السرير ، لم تهتم بتساقطها ، و إنما أسرعت بإخفاء العلبة تحت ملابسها وبكل مهارة مشت بهدوء حتى خرجت من الغرفة دون ترك أثر لهوية السارق أو السارقة بالمعنى الصحيح فدخلت بهدوء وها هي تخرج بهدوء . يا إلهي ما هذه الفوضى " انتبهت إلى السرير" مجوهراتي " وأسرعت تلتقطها " لكن أين علبة المجوهرات ؟؟؟؟؟ "بحثت عنها لكن لا أثر للعلبة ، تساءلت في نفسها " من دخل غرفتي وحاول سرقة مجوهراتي ؟؟؟!!! لكن لا مجيب لتساؤلاتها : "ماريام ، ماريام " نادت على الخادمة بأعلى صوتها ، فبدأت المسكينة سباق مع الزمن لبلوغ غرفة السيدة في القسم العلوي ، في أقصر فترة ممكنة ، لكنها تعثرت عدة مرات وكادت أن تسقط من السلم الملتف المؤدي إلى أعلى ، لولا أن تداركت الوضع بإمساك حافته في اللحظة الأخيرة ، توقفت على أثره لالتقاط أنفاسها ، وعادت لتكتمل الجري حتى بلغت الغرفة ، فولجت فيها وهي تلهث بشدة ، ما أن رأتها السيدة حتى بادرتها قائلة : ماريام "،من دخل غرفتي أثناء غيابي ؟؟ "هزت"ماريام " رأسها دلالة على عدم معرفتها بالأمر ، السيدة حسنا اجمعي جميع من في المنزل ، وحالا ، نطقت أخر كلمة بقوة كبيرة . في صالة الطعام في المنزل وقف الجميع محني الرأس ، و الصمت يلفهم كأن على رؤوسهم الطير. الأم : أحدً ما دخل غرفتي و عبث بأغراضي ، وبالتحديد مجوهراتي ، وحاول سرقتها أيضا ،هذا الصباح بعد خروجي من النزل ، و الآن فليخبرني الذي فعل هذا ؟؟ّ تبادل الجميع نظرات الدهشة فيما بينهم ،وساد صمت طويل قبل أن تقطعه فاطمة ،الابنة المتوسطة بين أخواتها ، قائلة بارتباك واضح : أماه أنا لم أدخل غرفتك فقد كنت ، .....كنت نائمة " ، و تبادلت نظرات سريعة مع "سعاد" ، الأخت الكبرى التي نظرت إليها شزرا و كأنها تستنكر ما قالته ، وكأن حديث فاطمة شجع الجميع على الحديث دفاعاً عن نفسه فتحدث السائق قائلاً : سيدتي كنت أقوم بإيصال ابنك أحمد إلى النادي ، في الصباح وقد عدت قبل قليل ، ثم تشنج مع نظرات الأم الحادة ، أما الطاهية فقد بدت أكثر تماسكا حين قالت : سيدتي كنت مشغولة بإعداد طعام الإفطار في الصباح ، ثم سكتت لإبراز تماسكها الذي بدا هشا وبسكوتها لم يبق أحد سوى" سعاد الأخت الكبرى" ،" وهند الابنة الصغرى و المعقدة" – كما يحلوا للكل مناداتها – و "ماريام" ، الخادمة المخضرمة و المفضلة لدى العائلة . فبدأ الوساوس يلعب برأس ألام " أن السارق أحد هؤلاء الثلاثة ، لكن ... سعاد وهند لا يمكن أن تكونا قد حاولتا السرقة لأنهما ابنتاي ومن المستحيل أن تسرقا مجوهراتي أو تعبثا بأغراضي ، فلديهما من المجوهرات ما يكفي لصرف نظرهما عن أغراضي ... لكن ماريام لا أضمن أن تكون بريئة , فربما سولت لها نفسها أن تأخذ شيئاً منها , إذن فربما كانت هي السارقة ؟؟ وجهت ألام نظراتها نحو الخادمة , التي أدركت أنها محط اتهام من ألام فانهارت أرضا وهي تحاول الدفاع عن نفسها دون جدوى ، ومما زاد التهمة وضوحا عدم تقديمها دليلا ًعلى مكان وجودها أثناء حدوث السرقة ،." حسنا ، عرفت من هو السارق الآن ، و الأفضل أن يعترف هو ذلك " أرتفع صوتها وهي تؤكد التهمة على الخادمة الجاثية أرضا . مر أسبوعان على وقوع الحادثة كانت ماريام المسكينة هي الضحية التي سرعان ما انتهيت خدماتها لتعود إلى لبلادها وهي مكسورة الخاطر . و في أحد الأيام : " مرحباً بك يا سارة ، أنا سعيدة برؤيتك ، أخبريني ماذا فعلت في الرحلة ؟؟ ،ـ رحبت بها سعادـ سارة تضحك ماذا تريدين أن تعرفي يا عزيزتي ، فقد قمت بالعديد من المغامرات الرائعة و المضحكة , ثم اشتركتا في ضحك متواصل وهما تسيران باتجاه غرفة سعاد . بعد لحظات استأذنت سارة في الذهاب لإصلاح زينتها متعللة بأن الحر أفسد ما قامت بتعديله ، فأخذتها سعاد إلى صالة الضيوف تاركة حقيبة يدها في الغرفة ، فقامت الخادمة الجديدة بإدخال العصير للضيفة في الغرفة ثم خرجت من الغرفة مغلقة الباب . لكن ... هناك من كان يراقب ما يحدث ، " هيا ماذا تنتظري ، أذهبي لا أحد يراك " ـ حدثت نفسها ـ فانطلقت تمشي بخفة حتى وصلت الغرفة , فد لفت إليها وجالت ببصرها في أنحاء الغرفة وكأنها تبحث عن شيء ، فجأة وقعت عيناها على ما تريد بالضبط حقيبة الضيفة ،" حقيبة جميلة ، أكيد لسارة ،" مدت يدها لتفتحها ، لكن توقفت فجأة :" لا انتظري ، هذا لا يجوز ، إنه أمر سيئ "، لكن صوت آخر تحدث قائلا :" ما الأمر ؟؟ هيا افتحي الحقيبة "، صوتان متناقضان في عقلها يتحكمان في تصرفاتها ، الأول يأمرها بفتح الحقيبة والآخر ينهاها عن ذلك ، وقد بدا الصراع بينهما قويان ،فعاد الصوت الأول :"افتحيها بسرعة قبل مجئ أحد "، فانتصر الصوت الأول هذه المرء وفتحت الحقيبة ،" ما أجمل هذا السوار "، ثم أمسكت به ،""خذيه إنه يناسبك لا يوجد عندك مثله ،"عاد الصوت الأول يرن في رأسها "إنه ليس بذي قيمة لدى سارة فهي غنية ولن تلاحظ إختفائه ،" لكن الصوت الثاني عاد قويا " هل ستسرقين كما فعلت سابقا ،هذا حرام و عيب توقفي " فانقبضت يدها بالسوار ، لكن الصراع عاد قوياً هذه المرة " خذيها هيا قبل أن يراك أحد " ، " لا توقفي ، لا تفعلي هذا " وهنا تعقدت الأمور أكثر " خذيه " أصبح الصراع شرسا جداً ، فأمسكت برأسها " يا إلهي رأسي سينفجر " ، " هيا لا تقفي هكذا لن يعلم أحد بأنك أخذتيه " ضربت برأسها بقوة على السرير لإيقاف الصراع الدائر في نفسها ،لكن بلا جدوى ، فالصوتان قويان لا تستطيع إيقافهما. ومن بعيد تعالت ضحكات سارة , فأدركت بأنها آتية ، " هيا خذيها إنها قادمة أسرعي "، انتصر الصراع على صوت العقل فأخذت السوار و ركضت خارجة من الغرفة دون أن يراها أحد أو يعلم باختفاء السوار . بعد يومان دق هاتف المنزل : " مرحباً سارة كيف حالك ؟.....ماذا سرق ؟؟ سوارك ؟؟ متى ؟؟ وأين ؟؟ في المطبخ : سعاد تواجهه الخادمة :" أخبريني أين وضعت السوار يا سارقة ؟؟ ، الخادمة الجديدة تستميت في الدفاع عن نفسها وهي تبكي , لكن بلا طائل لأن التهمة ثبتت عليها بمجرد دخولها الغرفة و صل الخبر إلى الأم التي أمطرت الخادمة بشتائم تتهمها بطمع نفسها ، وقلة تفكيرها ، فحزمت الأمر و قررت إنهاء خدماتها ، توفيراً للمشاكل ، فمشاكلها تكفيها ، و لا حاجة لمشاكل في المنزل أيضاً . بعد رحيل الخادمة الجديدة بأسبوع ، عادت السرقات إلى المنزل مرة أخرى ، و الأم تكاد تجن ، بعد رحيل الخادمتين المتهمتين من السارق ؟؟ سؤال كان يرن على ذهن الأم وهي تستمع إلى شكاوى أفراد العائلة في المنزل ، وهي ترى سمعتها تكاد تسقط من أعلى درجات المجتمع . وأخيراً جاء اليوم الذي كشف فيه السارق عن نفسه ، كان ذلك في منتصف الأسبوع عندما كانت العائلة مدعوة إلى إحدى حفلات زفاف أحد الأقارب في أكبر القاعات في المدينة ، فلبت ألام الدعوة شاكرة باعتبارها من الضروريات الواجب فعلها عند عليه القوم ، فاصطحبت بناتها ، الثلاث سعاد وهند وفاطمة إلى الحفلة . |