يا عقلا خشبيا ( من قبل 7 أعضاء ) قيّم
من لا يزال يزعم حرمة الغناء من المحرماتيين خصوصا الحنابلة فهؤلاء قد رفع عنهم القلم حين يفتون ويؤلفون ويخطبون... التحريم عقلي فلا يحرم الله على عباده إلا كل خبيث موبق فهل يعقل أن يحرم المغنى والطرب رب الجمال ومحب الجمال الذي أبدع هذا الكون بما فيه من تجليات الحسن والذوق الأنيق وبدائع المصنوعات والموسيقى التي تنبعث من حواصل العصافير وتنحدر مع مياه السواقي, وتستدبر النسائم في الروابي و الجنائن. إن الله جميل يحب الجمال والموسيقى أسلوب في الجمال وتعبير عن روح الله التي بدايتها وغايتها السماحة والرحمانية وما الموسيقى ومعازفها إلا لسان هذه السماحة وتلك الرحمانية , وقد ظهر في المسلمين نوابغ وبواقع في صناعة الغناء والتفنن في علوم الطرب والتلحين وملؤا دنيا الإسلام شدوا وترنيما. لم يرد في القرآن الشريف نص أو إشارة إلى تحريم الأغاني وآلات الطرب, وما جاء من تعسف في تأويل بعض الآيات وجمع لأقوال المفسرين لا يساوي ثمن نعل متخرق . أما الأحاديث التي جاءت في معنى التحريم فقد أنكرها ابن حزم كما جاء في كلام الأخ الكريم. وأنا أذهب في شأن الحديث النبوي الشريف أبعد من هذا فإن أحاديث التحريم كلها آحاد, وقد أجمع علماء الملة الإسلامية على أن أحاديث الآحاد مبناها على الظن وليس على اليقين بخلاف المتواتر وهو قليل في كتب الحديث. فإذا كانت هذه الأحاديث مبناها على الظن لا يهمني هنا وصفه بالراجح ما دام ظنا, والله يقول إن الظن لا يغني من الحق شيئا فإن كل هذه الأحاديث ساقطة من الإعتبار. "سأعود إلى مسألة حجية الأحاديث الأحادية في موضوع نقد المسلمات إذ أن معظم معضلاتنا الفكرية وأزماتنا الإجتماعية وطريقتنا في التدين وتطبيق تعاليم الديانة سببها هذه الأحاديث الآحادية التي رواها أصحاب السنن والمسانيد وحشيت بها كتب التفسير وامتلأت منها المقرارت واعتقدت بها بعد المجتمعات فانقلبت عقيدة وسلوكا ومنهجا معاشا وفكرا ساريا وتراثا قوميا من نابذه عدوه خائنا أو قالوا مفتون باع دينه وأجر قلمه .وكان منها ختان البنات ورضاع الكبير وقتل المرأة والصبي في الحرب, وتفسيق حالق لحيته وسابل ثوبه, واتهام من أحب بني آدم من أبناء الملل الأخرى برقة الدين وتفسخ ولائه وبرائه, وتبديع من لبس البنطلون أو ربط حول عنقه ربطة العنق, وهلم جرا من وصد الأبواب وربط الأقفال حتى يجد المرأ نفسه وقد ضاقت به الدنيا برحابتها وقلت لديه وسائل المتعة والسعادة حتى إذا امتثل لطقوس الحنابلة وأخذ نفسه بمشربهم وانتبذ في ناحية يسمع موسيقار الأجيال يشدوا بأيها الراقدون تحت التراب وأم كلثوم في نهج البردة قام عليه داعية منهم وهو يعظه بقوله إن المعازف تلهي عن ذكر الله, وإن فلانا من السلف كان يقول إننا كنا نترك سبعين حلالا خشية أن نقع في حرام واحد وإن قوما من الصالحين ما بان لهم سن في تبسم فضلا عن ضحك. بل إن هذه الفرقة الموغلة في عشق التحريم قد أصابها داء فوبيا الحلال حتى التصفيق والتصفير زعموا حرمته واحتجوا بقول الله في المشركين" وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية" وزعموا أن المكاء هو التصفير والتصدية هي التصفيق فقالوا بحرمته لأنه من عمل المشركين وعلى فرض صحة هذا فهلا فرقوا بين ماكان عبادة وما كان عادة واحتفاء. وهذا ابن جوزي في تلبيس ابليس عقد فصولا في ذكر تلبيس ابليس على الصوفية في مختلف مناحي الحياة والحقيقة أنه لم يسلم هو نفسه من هذا التلبيس فيقول معلقا على التصفيق والتصفير" وفيه أيضا تشبه بالنساء والعاقل يأنف من أن يخرج عن الوقار إلى أفعال الكفار والنسوة. فتعالوا أيها العقلاء نتقاضى إلى العقول أي ضير بالله في التصفيق وهل يقتنع اليوم بهذا الكلام عاقل وكلنا يصفق فرحة أو تشجيعا فكيف يخرج التصفيق عن سمت العقلاء, ثم لو كان من يسميهم الكفار يفعلونه هل هذه ذريعة لتركه, فهم أيضا يتطهرون ويتعطرون ويلعبون, ويضحكون ويعملون ويصنعون ويبدعون, ثم هم يأكلون ويشربون, فهل على المسلمين أن يخالفوهم في هذه الأحوال فلا يتطهرون ولايتعطرون ويبكون ولا يضحكون ويرضون بأن يبقوا مع خوالف الأمم فلا يصنٌعون ولا يخترعون, ثم يصومون الوصال حتى يهلكون جميعا فالدنيا ملعونة ملعون من فيها..فعلى جلالة عقلك يا ابن الجوزي ما أقبح تعليقك وأقبح منه من اعتقد به ,فألغى في سبيل تقديس رأيك عقله وكيانه.. واستفت داعيهم عن الرقص يأتيك لسانه يسعى بالإجابة " و لاتمش في الأرض مرحا" فالرقص حماقة بين الكتفين لا تزول إلا بالتعب. ولو أردنا الاحتجاج عليهم بما يعتقدون به ولا نفعل لقلنا إن الحبشة زفنت بين يدي النبي ص وهو ينظر إليهم وقد رووا عنه أنه قد حجل. يا رب ما هذا دينك الذي عرفناه نظرا واعتبارا لا تقليدا واعتيادا, فيا أيها الراقدون في ظلام السنين لكم أن تكرهوا الحياة ومباهجها لكن ليس لكم البتة أن تحملوا الناس على كرهها. |