الإنسان مكون من جسد وروح؛فلا بد أن يعلم أي جزء منه هو الذي يرفع مكانته وأي واحد منه ينزل بها إلى الدركات،أي جزء يرفعه إلى المعالي وأيهما ينزل به إلى مهاوي الردى، وهو يحمل استعداداً لكي يكون الابن الوحيد والمدلل للدنيا، لا يفكر إلا من أجلها ولا يحمل بين جوانحه قيمة إلا التي تخدمها، عندها يكون خادماً للجسد الذي سيفنى وللدنيا التي لا تعدل عند خالقه جناح بعوضة.
وإما أن يهجر هذه الدنيا ويطلقها ثلاثاً لا رجعة فيها، فهو بذلك خرج عن المقصود من وجوده في هذه الدنيا، وتنكب الصراط المستقيم.
هذه المقدمة لو أسقطناها على المجتمعات لخرجنا بما يلي:
- أمة هجرت الروح وبدأت تغذ السير باتجاه جمع حطام الدنيا متناسية كل المبادئ والقيم في سبيل جمع المال والوصول إلى الشهوات بكل السبل، وهي تظن أنها كلما غرقت في حبها للشهوات والملذات وعبوديتها للدنيا وصلت إلى الطمأنينة والسعادة، فإذا بها تعيش في ضياع ما بعده ضياع وترتفع فيها نسبة الانتحار ويفكر الذكر أن يصبح أنثى والأنثى أن تصبح ذكراً وفطرة الله أولى بالغلب.
- وأمة جمعت- في زمن من الأزمان- بين الفريقين ووازنت بين المسألتين فلم تجعل المادة تطغى على الروح ولا الروح تطغى على المادة، فوصلت على مرادها و حققت ما خلقت من أجله.
إننا وللأسف نجد أن مجتمعاتنا العربية الإسلامية بعد أن كانت تمثل الفريق الثاني الذي استطاع على ضوء من دين الله أن يسير في سبيل تحقيق أهداف الخلق ورضوان الخالق، أصبحت تلهث وراء الجسد وخدمته دون التفكير بمتطلبات الروح.
والأمة التي كانت تمثل الفريق الأول بدأت بإقامة جسر بين المادة والروح لتعبر منه إلى عالم الروح الذي فقدته ردحاً من الزمن، وأكبر دليل على هذا دخول الكثيرين في الإسلام من أهل الأمم الأخرى.
إننا ينبغي أن نعيد حساباتنا جماعات وأفراد، وأن نبني جسراً بين المادة والروح،لا ننسى أثناء بنائه أن الإسلام آخى بين المهاجرين والأنصار،فجاء الأخير وقدم نصف ماله للأول،ولا ننسى أن أحدهم استشهد وهو يقول اسق أخاك النميري. |