أعرف أنَّ الموضوع الَّذي أتكلَّم عليه في هذه السطور قد يثير جدلاً، وأعرف أنَّ الكثيرين قد يعتبرون ما أقوله تهجُّمًا عليهم أو ما شابه... ولكنِّي أقول بصدق، إنَّ كلَّ ما أقوله، هو بسبب حبِّي للُّغة العربيَّة، وخوفًا عليها ممَّا أرى وأسمع حولي.
أوَّلاً أنا لبنانيٌّ، وعلى دين المسيح، أي إنِّي مسيحيّ. كلُّ ما تعلَّمته في البيت، منذ نشأتي، هو أنَّ المسمين هم شركاءُ لنا في الوطن، وأنَّ كلَّ ما يفرِّقني عنهم، هو أنَّهم يُصلُّون بطريقةٍ مختلفة. فهم مؤمنون بالله مثلي، ومؤمنون بالمسيح مثلي، ودينهم يدعو إلى المحبَّة مثلي. وكنت أسخر من كلِّ الناس من حولي، الَّذين يتكلَّمون بالسوء على الإسلام والمسلمين...
إلى أن انتهت الحرب الأهليَّة، فصار المسلمون عندها، بالنسبة إليَّ، أصدقائي المفضَلين في المدرسة، ومصدرًا للاطِّلاع على ثقافةٍ جديدةٍ كانت معالمها غير واضحةٍ عندي...
ومع عشقي للُّغة، واحترامي للإسلام والمسلمين، درست اللغة العربيَّة وآدابها في الجامعة اللبنانيَّة، واطَّلعت على مدى ارتباط لغتي الحبيبة بالدين الإسلاميّ، ولكنِّي تعلَّمت أنَّ هذه اللغة لا تقتصر فقط على المظاهر الدينيَّة. ولعلَّ ربط اللغة بالدين بشكلٍ تامٍّ، يُفقد هذه اللغة الثير من محبِّيها، غير المؤمنين بالدين الإسلاميّ. ما أريد أن أقوله، هو أنَّ اللغة العربيَّة لم تعد لغة المسلمين وحدهم، فكثيرون من المسيحيِّين يدرسونها، ويُبدعون فيها وفي آدابها... وهي لم تكن لغة المسلمين أصلاً، أعني أنَّها كانت موجودةً قبل نزول القرآن الكريم، لذا فأنا أقترح أن نناقش هذا الأمر، وأنا مستعدٌّ أن أُوضحَ أيَّ أمرٍ ملتبسٍ في الآراء الَّتي أدليت بها، فقد تعلَّمت، كما أشرت، أن أُحبَّ المسلمين، وتعلَّمت احترامهم، رغم صعوبة الحفاظ على التعايش الطائفيِّ بين اللبنانيِّين، بسبب الأمراض الطائفيَّة الَّتي بثَّها ويبثُّها أعداء لبنان والعرب، في هٰذا الوطن، من أجل إثارة الفتنة بين أبنائه.
في النهاية، لا بدَّ من الإشارة إلى أنَّ الأخطل والأخطل الصغير وتوفيق يوسف عوَّاد وجبران مسعود وجبران خليل جبران كانوا كلُّهم من المسيحيِّين... المسيحيُّون والمسلمون، معًا، يَردُّون للغتنا مجدها الَّذي تستحقُّه، كونها اللغةَ الأجمل، المكتوبة بالحرف الأجمل، المنطلقة من المنطقة الأجمل، من الشرق، مهد المسيحيَّة والإسلام، أرض التعايش والمحبَّة. |