السلام عليكم ورحمة الله يدعي الكثير من النقاد أن الشعر الحر كله تجديد . لكنني أرى أن عبارة التجديد لا تتناسب مع الشعر الحديث والشعر الحر بصفة خاصة . لأن لفظة التجديد تستدعي إجراءات صارمة تطبق في الحقل الشعري حتى نستطيع أن نقول أن هناك تجديد . فإذا اقتربنا أكثر لرصد هذا التجديد وملامحه داخل القصيدة الحديثة فإننا نجد استغناء تام عن نظام الأشطر الشعرية وتعويضه بنظام الأسطر، استغناء عن البحر الشعري وتعويضه بشعر التفعيلة أحيانا وعدم استخدام أي تفعيلة معينة في الشعر أحيانا أخرى،...استغناء عن المقدمة الطللية أو الخمرية أو...إلخ
فإلى أي حد يمكننا أن نعتبر هذا الشعر فيه تجديد بما تقتضي لفظة تجديد من معاني. في رأيي أنه ليس هناك تجديد فما حصل في شعرنا العربي ماهو سوى محاكاة للشعر الغربي ولا يمد للشعر العربي بصلة . وبالتالي ليس هناك تجديد لأننا لم نبدل جهدا في التغيير سوى تقليد الغرب. واستغنينا عن تراثنا الشعري العريق...
وهناك مسألة أخرى في الشعر الحديث إذ نجد أن الشعراء يطلقون على انتاجاتهم الشعرية قصيدة. لكن هذه القصيدة التي كما ينعثونها لا تتجاوز 6 أبيات في احيان كثيرة ومع ذلك نسميها قصيدة. فكما نعرف أن القصيدة على الأقل عليها أن تكون مكونة من 16 بيت حتى نسميها قصيدة وفي القديم حتى ينتجوا أشعارا يسمونها قصائد كان عليهم أن يقضوا وقتا طويلا في التنقيح والتفكير حتى ينتجوا قصيدة ولهذا سميت قصيدة لأنه قصد بها أن تكون شعرا محكما وهي نابعة من العقل، لكن الكثير من شعرائنا اليوم لا يفرقون بين القصيدة والشعر المرتجل إذ يخلطون بينهم كثيرا لكن النتيجة دائما تكون لصالح القصيدة أي أنهم دائما يقولون انهم انتجوا قصيدة فهل تتوفر في ما سموها قصائد شروط القصيدة فعلا ام انها مجرد ارتجالات ألبسوها جبة القصيدة رغم أنها لا تناسبها.
كما ان هذا الشعر في نظري هو حمارة المتطفلين، فإذا كان الرجز حمار الشعراء فالشعر الحر حمارة المتطفلين إذ تسمح سهولة هذا النوع من الشعر إلى افقاذ الشعر اهميته من طرف النخبة من الأدباء والمثقفين إذ أصبحنا لا نستطيع التفريق بين المتطفل وصاحب التخصص الكل أصبح يشعر رغم ضعف هذه الحاسة في عصرنا . وبهذا فقد الشعر مصداقيته لأننا نحس بأن هذا الشاعر يكذب ويتكلف... رغم اقلقائه البارع فقد أصبح الشاعر اليوم مع هذا النوع الشعري ممثل يتلاعب بعواطف الناس. يقول أشياء لا يحسها فعلا ولو عرف معنى مايقول ما استطاع ان يقول...
الشعر الحر يوازي التجديد فهو لا يتقاطع معه حتى ولو أطلناه فهما لن يلتقيا رغم المحاولات اليائسة لذلك...
هذا رأيي ولكم الحرية في الدفاع عن رأيكم، مع احتراماتي
والسلام
تطوان في 15/02/2006 |